المغراوي يحلّل معالم الانتقال الديمقراطي بالمغرب وتونس في أطروحة

المغراوي يحلّل معالم الانتقال الديمقراطي بالمغرب وتونس في أطروحة الباحث علي المغراوي

ناقش الباحث علي المغراوي، يوم السبت 05 يونيو 2021 بكلية الحقوق بمراكش، أطروحة لنيل الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية، في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، حول موضوع: "دساتير ما بعد حراك 2011، ومستقبل الانتقال الديمقراطي في المغرب وتونس"، وذلك أمام لجنة مكونة من الدكاترة: إدريس لكريني رئيسا ومقررا، عبد اللطيف بكور مشرفا، محمد الغالي عضوا ومقررا، حفيظ اليونسي عضوا ومقررا، سعيد خمري عضوا، مصطفى الصوفي عضوا. وقد نال على إثرها الدكتوراه في الحقوق بميزة مشرف جدا.

 

استهل الباحث الموضوع بإشكالية رئيسة تمحورت حول سؤال جوهري مفاده، إلى أي حد يمكن أن تشكل دساتير ما بعد حراك 2011 مدخلا اساسيا للانتقال الديمقراطي بكل من المغرب وتونس؟ وقد أثار الباحث في ضوء هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات المؤطرة للبحث، كما طرح الباحث فرضيتين أساسيتين، جعلهما منطلقا للموضوع.

 

ووقف البحث التي أعده المغراوي على معالم الانتقال الديمقراطي في دساتير حراك 2011، حيث فكك السياق السياسي الذي أفرز بروز الدستورين المغربي والتونسي، وهو سياق ظل موسوما بديناميات  الشارع المغربي والتونسي، التي تميزت بطابعها الشبابي السلمي المتنوع والطموح، وغاب عنها رأس وقيادة لإدارة الحراك.. وإذا كانت العوامل الدافعة على قيام الحراك بكل من المغرب وتونس تنوعت بين الدوافع الاقتصادية والاجتماعية، فإن أهم مطلب ميز التجربتين المغربية والتونسية هو مطلب الإصلاح الدستوري مع وجود كثافة على الطلب الدستوري، والتعبير عن الحاجة الملحة للطبيعة العقدية بين السلطة والمجتمع.

 

 

وأبرز الباحث بمقاربة مقارنة أهم ملامح استراتيجية الإصلاح الدستوري بالمغرب وتونس، مفسرا المحيط السوسوسياسي الذي حكم منهجية إعداد الدساتير بكل من المغرب وتونس بعد 2011، ومن الخلاصات الأساسية التي توصل اليها بهذا الخصوص، أن الدستور في السياقات الانتقالية يستوجب وجود إرادة سياسية توافقية لتدبير المرحلة، حيث تنعكس هذه الإرادة في رسم استراتيجية الإصلاح الدستوري، وقد كشفت الدراسة عبر تحليل النص الدستوري عن مجموعة من المؤشرات والمرتكزات الاساسية للانتقال الديمقراطي بكلا البلدين، ومنها التحولات الأساسية التي عرفتها طبقات الدستور المغربي، وخاصة فيما يتعلق بدسترة مؤسسة رئيس الحكومة واختصاصاته، إلا أن الدراسة وقفت أيضا على المعيقات والكوابح التي تعيق عملية الانتقال الديمقراطي، ومنها الحاجة لتعاقد سياسي بين السلطة والمجتمع، من شأنه أن يؤسس لتفاهمات وتسويات سياسية دافعة نحو احداث انتقال حقيقي، مع ترجمة هذا التعاقد في وثيقة دستورية تضمن فصلا للسلط وتكرس الحقوق والحريات الأساسية..

 

ومن أجل بلوغ هذا الافق الديمقراطي، اقترحت الدراسة مجموعة من المداخل، وذلك في ضوء ما اثلته التراكمات النظرية في موضوع الانتقال الديمقراطي، وباستحضار خلاصات التجارب الدولية المختلفة.

 

ومن المداخل الأساسية التي وضعها الباحث، هناك المدخل السياسي التعاقدي، ومدخل العدالة الانتقالية كخيار استراتيجي يستلزم تحقيق انفراج حقوقي ومعالجة الانتهاكات المتراكمة، وتحقيق مصالحة وطنية لتهيئ مناخ مساعد على فعل سياسي متزن، وأيضا اقترحت الدراسة مدخل العدالة المجالية، وذلك من خلال تطوير ورش الجهوية واللامركزية، بماهي فضاءات لتوطين التنمية، وذلك بتمكين الجهات من اختصاصات وسلط كافية لتنزيل البرامج التنموية، غير أن هذا المدخل يقتضي أيضا تأهيلا للأحزاب السياسية بما يعزز استقلاليتها حتى تؤدي وظيفتها في المجتمع تأطيرا وتوجيها وترسيخا للوعي وبناء للنخب القادرة على قيادة التغيير التاريخي.

 

 

وختم الباحث بالتأكيد على المدخل الاقتصادي والاجتماعي، على اعتبار أهمية الاختيارات الاقتصادية في تحقيق الإقلاع التنموي لأنه من الخلاصات الحاسمة أن الإصلاحات السياسية لوحدها ومهما كانت نجاعتها ومستوى نضجها، غير كافية لوحدها لإنجاز الانتقال، فهناك من يتربص بالتجارب الصاعدة، ويشاغب عليها من خلال الوضع الاقتصادي الهش الذي يتم استغلاله لإنعاش الثورات المضادة.

 

وفي سياق هذه الخلاصات والنتائج، أكد الباحث على ضرورة إبداع نموذج تنموي وطني يبني ويرسخ الديمقراطية، ويوطن التنمية، وخلص البحث إلى أن هذا الرهان يقتضي مقاربة جماعية للتغيير، تتأسس على التعبئة الشاملة للمجتمع والإشراك الحقيقي لكل مكوناته وقواه الحية، مما سيعزز مسار البناء الديمقراطي بالمغرب وتونس، وسيسهم في إرساء أركان دولة الحق والقانون الضامنة للحقوق والحريات والمستشرفة للتنمية المستدامة عبر الأجيال.