بدفاعهم عن مطالبهم.. الأئمة يحمون مرجعية إمارة المؤمنين من التهريب الأصولي!

بدفاعهم عن مطالبهم.. الأئمة يحمون مرجعية إمارة المؤمنين من التهريب الأصولي! الوزير التوفيق ( يمينا) ومحمد يسف (يسارا) مع مشهد من وقفة احتجاجية سابقة للأئمة
من الوارد أن ينظم الأئمة، جند سلطان أمير المؤمنين على القلوب،احتجاجهم الثاني بالرباط في 14 يونيو 2021..وبصرف النظر عما سيرتبط بهذه الوقفة على مستوى التنظيم، فإنه يمكن القول ابتداء،بأن  مطالب الأئمة مشروعة، والإنصات إليهم واجب.وهم بدفاعهم عن مطالبهم يحمون المرجعية الدينية للمغرب، من السقوط في فخاخ التهريب الأصولي للشأن الديني.
أما المراهنون على فرض الرهان السياسي والإديولوجي لمشيخة الأصولية بقوة الأمر الواقع، فإنهم يلعبون بالنار في ظل انشغال الدولة بأولويات وطنية أخرى.وأقل ما يمكن قوله الآن هو أن المؤسسة العلمية تصر بتجاهلها لصوت هؤلاء المستضعفين، على أن تظهر أمام المغاربة  بدون قيم تذكر.أفلم يقل الأستاذ مصطفى بنحمزة، إن الأئمة جوعى، وهو يزايد على وزارة الأوقاف ،في حين سنراه يطبق مسطرة تأهيل الأئمة، لمزيد تجويعهم ؟
إن تبني وزارة الأوقاف لمسطرة تأهيل القيمين الدينيين، من خلال مذكرة "التدابير المواكبة  لمسطرة تنظيم اختبارات شهادة التأهيل"، جعل المجلس العلمي الأعلى صاحب هذه المسطرة، يركن للصمت وهو مطمئن لترجمة الأستاذ أحمد التوفيق، لمشيخته الأصولية.
لقد اضطرت الوزارة أمام ضغط المحتجين ،وملاحظات وجوه الفضل من الحكماء، إلى إصدار مذكرة،"تدبير  طلبات انتقال الأئمة والخطباء والمؤذنين المكلفين". ويظهر أنها ترجمة لتأكيد الأستاذ التوفيق في البرلمان ، على أن " المسطرة الجديدة لا تعني الأئمة العاملين الحاصلين على التزكية من قبل، متى أرادوا الانتقال وتوفرت الشروط لذلك".
ورغم أهمية هذه الخطوة، فإنها لا تحل مشاكل من تم فسخ شرطهم في البادية.كما مازال أمام الوزارة،التأكيد على سريان صلاحية شهادة التزكية،لأنه لا يمكن لشهادة التأهيل أن تلغي شهادة التزكية،باعتبار عدم رجعية القوانين.
كذلك يجب الانتباه إلي واقع أفرزه قرار  إيقاف امتحانات شهادة التزكية في 30 يناير 2020. حيث هناك فئة من الأئمة وضعيتها غير مسواة لأكثر من سنة،ومهددة بالضياع...كما يجب الانتباه لمحنة سيزيف،مع إقرار شهادة التأهيل في26مارس 2021عند تغيير المساجد. وفي هذا تعسف على القيمين الدينيين،واستنزاف لمجهودات الإدارة، في حلقة مفرغة.
كما أن شهادة التأهيل بصيغتها الحالية ،ستجعل المجالس العلمية مرتعا للفساد أكثر، مع سهولة إقصاء الأصوات المغربية،في ظل هيمنة الأصولية على هذه المجالس.ومن الآن بدأت في بعض المجالس، تتعالى أصوات الوعيد في حق بعض القيمين الدينيين. 
أكيد أن شهادة التزكية كانت في حاجة إلى نموذج موحد،وإلى تقييد منحها بالمسجد.كما عرفت طريقة امتحانها تطورا في توحيد  صياغة أسئلته جهويا .لكن أن يتم فجأة إبطال العمل بها،فهذا لم يشهده مجال  تطوير الشهادات في البلاد. 
ومن الطبيعي في مشهد هذا الاستبداد، أن نقف في مواقع التواصل الاجتماعي،على تساؤلات عن جدوى برنامج ميثاق العلماء،والأنشطة التوعوية للمجالس العلمية،إذا تم إلغاء شهادة التزكية،بجرة قلم .وهكذا تسيء المؤسسة العلمية لنفسها بنفسها.وهذا يبين حجم  التخبط الذي يشهده تدبير الحقل الديني،في ظل النزوع الأصولي للهيمنة،والاستعلاء على التاريخ و القانون،والمؤسسات.لذلك فهؤلاء الذين يسكنهم وهم التوقيع عن الله عز وجل،هم في حاجة إلى تمرين  التربية على الديموقراطية.
نحن نعرف أن غلبة  عقلية الإقطاع المسكونة ب"قانون" السخرة،ستحاول فرض الأمر الواقع على هؤلاء المستضعفين.ولن تهمها ارتدادات هذا الملف،في مستويات قد لا تكون منظورة.لذلك لن نيأس من الرهان على العقلاء الذين يدركون أن التمكين لنَفَس الإصلاح ينبع من حس ممارسة المسؤولية،بكل تجرد.لذلك  نلفت الانتباه إلى أن هناك متغيرات،كالرسائل الصوتية الموجهة لصاحب الأمر،وكثرة المتدخلين السياسيين والإديولوجيين في هذا الملف.علما أن تردد الوزير على البرلمان لم يغلق هذا الملف.
لقد ظهر جليا أن مسطرة تأهيل الأئمة،فاقدة للمشروعية القانونية،وهي تهدم ظهير 2014،"في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم".وفاقدة أيضا للمشروعية الإدارية ،لأنها لم تستحضر في وجودها، اختلافها عن الإدارات الحكومية،عملا بأدبيات مؤسسات "المجالس".وفوق هذا هي معيبة في صياغة خلفيتها القانونية.إذ نجد في "المستندات القانونية" لهذه المسطرة، الإحالة على" القانون الداخلي للمجلس العلمي  والمجالس العلمية المحلية  الذي ينص في المادة الثالثة عشرة على مهام المجلس العلمي المحلي ،ومنها:" الإشراف على عمليات اختيار القيمين الدينيين واختبار قدراتهم العلمية والفقهية لشغل مهام الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد  بمختلف مساجد المملكة".فما  أثبتته هذه المسطرة، للقانون الداخلي ،هو في واقع الحال، منصوص عليه في المادة 13 من ظهير 2004، حول "إعادة تنظيم المجالس العلمية"،وهي تحدد المهام التي تناط بالمجالس العلمية المحلية.
اما بعد،فإن مسطرة تأهيل القيمين الدينيين تبدو  متسرعة جدا في توقيتها، وصياغتها،وبالتالي فهي في حاجة إلى مراجعة تضبط ملاءمتها مع القانون، وبما يضمن استقرار وضعية القيمين الدينيين ، وكل ما يخدم تماسك اللحمة الوطنية،وصورة المغرب في النهوض باستحقاقاته الداخلية. " أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ".