وقد وفق الكريم المنان إلى الإسهام في تنظيم دورات تدريبية لبعض الحجاج بالعيون خلال رمضان الفارط، وقبل الوفود على بين الله الحرام قبل يومين... الحج رحلة ماتعة لاكتشاف الذات؛ يدركها من وفق لتلمس مواطن الاستمتاع بالطاعات، واستطاع أن يحول كل مشقة، ومكابدة إلى فرصة لاختبار مستوى تمثل القيم والمعاني الإسلامية الرفيعة التي بعث سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم لاتمامها؛ قيم التوحيد والإخلاص، والصبر والحلم، والخدمة ونكران الذات، التواضع والانصاف، الترفع عن الدنايا، حسن الصمت والصبر عن الكلام، التأمل في الأحداث والمشاهد، وترك التعليق التلقائي الأقرب إلى فضول القول، الاعتزاز بالدين وإعلاء شأنه، استحضار عالمية رسالة الإسلام التى يمثلها الحج في أبهى صورها؛ فالمرء يكاد يجزم أنه لم تبق قومية ولا جهة من جهات الأرض - بفضل الله تعالى - إلا ووصلها الإسلام فلامس قلوب من وفقوا للهداية يختلفون قلة وكثرة... وإحياء لتقليد قديم سنه علماؤنا بتوثيق رحلاتهم للحج؛ عزمت على تدوين مشاهد هذه الرحلة ليعم نفعها؛ عبرة لنفسي، وتذكرة لمن يطلع عليها، والله تعالى أسأل التوفيق في حسن صياغة فوائدها، وتقريب دررها، كما أسأله أن يجنبنا الرياء والعجب، وأن يلهمنا مراشد الخير، وصدق القول والعمل، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.. وقد اخترت تسميتها برحلة الذكر والشهود؛ فالحج فريضة الذكر بامتياز، ومنافعه مشهودة غير قابلة للحصر.. والله المستعان.