فشل مؤسسة العلماء والأوقاف في الوفاء برعاية أمير المؤمنين لحقوق القيمين الدينيين!

فشل مؤسسة العلماء والأوقاف في الوفاء برعاية أمير المؤمنين لحقوق القيمين الدينيين! مشهد من احتجاج القيمين الدينيين، ومحمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، ووزير الأوقاف (يسارا)
بعد الوقفة الاحتجاجية التي نفذها الأئمة يوم الإثنين 17 ماي 2021،بالرباط،أمام البرلمان،خرج مصدر مطلع بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في اليوم الموالي ،بإفادة لأحد المواقع الإلكترونية (هسبريس)، للتأكيد على أن “العدد الحقيقي للمحتجين على ما بات يعرف بشهادة التزكية لا يتجاوز 120 شخصا، منهم أفراد ليسوا قيمين دينيين”. أما “بخصوص التوزيع الجغرافي للمحتجين فغالبيتهم ينحدرون من الأقاليم الشمالية للمملكة”.حيث كان  الباعث على هذه الإفادة ،هو انشغال الوزارة بهاجس،أن " ما تداولته بعض وسائل الإعلام بخصوص عدد القيمين الدينيين الذين تظاهروا الإثنين بالرباط لا يتناسب مع حقيقة الأرقام التي شاركت في الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان"،معتبرة “تضخيم الأرقام هدفه ممارسة الدعاية من جهات معروفة بعدائها لثوابت المملكة”.
وهكذا يتضح من خلال هذه الإفادة اللاحقة عن يوم الاحتجاج، وكذا  بيان وعيدها السابق عليه ،للإعلام والأئمة ،أن وزارة الأوقاف فقدت بوصلة التعاطي المسؤول مع مركزها القانوني في ظل الوضعية الجديدة لمسطرة تأهيل الأئمة، وبالتالي فقدت بوصلة التواصل المنتج مع المعنيين بالأمر والرأي العام.
إنه بصرف النظر عن مدى استجابة الأئمة ليوم الاحتجاج- خصوصا وأن وسائط التواصل الاجتماعي تعج بالشكوى من تهديد المرشدين والمراقبين المباشر لهم بالطرد. كما أن متطلبات "النضال" المادية، تزكي الخوف على هذه الفئة الهشة،الجديرة بكل التفاتات الإنصاف، من التصدق بها جملة، على الأصولية-فإن مسطرة التأهيل المفروضة، قد ألحقت ضررا بهؤلاء. حيث يستوجب عين العقل رفع هذا الضرر عنهم بدون إبطاء.فاحتجاج جند سلطان أمير المؤمنين ، على تعسف مشيخة الأصولية عليهم، وبتعميد وزير الأوقاف ،يستوجب نفير كل حواس الدولة لإنصافهم. 
لذلك،فبصرف النظر عن لعبة الأرقام ،وهي عادية في معادلة الاحتجاجات بين الاطراف المنظمة لها،والقطاعات المعنية بها،لكنها لم تصل درجة تقييم الأوقاف ،لما اعتبرت“تضخيم الأرقام هدفه ممارسة الدعاية من جهات معروفة بعدائها لثوابت المملكة”.علما أن هناك أكثر من جهة معادية للبلاد، حيث تقتضي اليقظة عدم تمكينها من فرص التكالب عليها، وخصوصا في ملف  حساس مرتبط بجند سلطان أمير المؤمنين على القلوب. والغريب هنا، أن وزارة الأوقاف،على عكس ادعاءاتها،هي في واقع التمكين الإديولوجي والبشري والمالي للحاضنة الأصولية .
إن الوقفة الاحتجاجية - بصرف النظر عن لعبة الأرقام ،والتوزيع الجغرافي فيها، وإن كنا نعرف بصمة سوس العالمة في الاحتجاجات السابقة للقيمين الدينيين-كانت ناجحة. فقد ربح المحتجون استحقاق التنظيم المنضبط في توقيته وفقراته،وتواصله مع السلطات. وربحت السلطة والأمن استحقاق السهر على ممارسة حق الاحتجاج السلمي .كما أن التزام السلطات بإيصال رسالتهم،لإيجاد حل لهم،سيغل يد الوزارة بشأن تنفيذ وعيدها. حيث سينضاف التزامها هذا، لسجل وزارة الداخلية كوسيط في الاحتجاجات بين المنظمين لها وقطاعاتهم ..في حين خسر المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف ،أمانة ترجمة رعاية أمير المؤمنين لحقوق القيمين الدينيين،بالنظر إلى كون المادة  الأولى  من ظهير 2014، قد وضعت القيمين الدينيين حسب منطوقها،"تحت الرعاية السامية لجلالتنا،باعتبارنا أمير المؤمنين،الراعي لشؤونهم ،والضامن لحقوقهم ".إلا أن هناك  فرقا كبيرا، بين حضور القيمين في الظهير ،وبين وجودهم الفعلي على الأرض .من هنا فالانتصار لمقاصد رمز الأمة، تستوجب ردم هذه الهوة القائمة بين النص والواقع. 
وقفة البرلمان، كانت أيضا رسالة للبرلمان ،لأن مرور وزير الأوقاف به،و بتأشيرة الفريق الاستقلالي ،وبذلك الإخراح السيء للسؤال والجواب،كان في موقع اغتيال الحقيقة.
إن عمى البصيرة، قد حجب رؤية المصدر المطلع لوزارة الأوقاف لاحتجاج الأئمة ،وهم يرفضون مسطرة التأهيل للمجلس العلمي الأعلى،على أنه يمثل انتصارا لمسطرة وزارة الأوقاف في تعيين القيمين الدينين.وهو أمر لم تدرك قيمته الوزارة،كمدخل لاستيعاب الوضع.
أكيد أن الضرر الذي يطال  القيمين الدينيين ،لا يقف عند  حدود مسطرة التأهيل،بل يتجاوزه إلى مستويات أخرى ليس آخرها، بقاء أكثر من نصف القيمين الدينيين بدون منحة عيد الأضحى للسنة الماضية.فالواقع شيء وبلاغات المناسبات شيء آخر.
إن ما نلاحظه في هذا المعترك لصولة وزارة الأوقاف ،هو سلبية المجلس العلمي الأعلى. فقد ألقى بلغم مسطرة تأهيل الأئمة،ولاذ بالصمت.وحتى في  تعاطيه مع حصيلة اجتماعات المجالس العلمية الجهوية، انتصر لأهواء أصحاب هذه المسطرة بجهات: طنجة  والدار البيضاء وبني ملال، وهم يمثلون الخلية الأصولية لوزير الأوقاف. في حين تجاهل ملاحظات باقي الجهات.فغابت باستبداد الأقلية، المقاربة التشاركية في التدبير. 
ويجمل بي ، علي سبيل الختم، الإشارة   في  امتدادات هذه  المتابعة لمسطرة التأهيل،إلى الملمح القانوني التالي:لقد نشر الباحث مولاي عبد الواحد غنضور دراسة تحت عنوان:" الإشكالات القانونية لتكليف القيمين الدينيين المزاولين لمهام دينية"،ضمن العدد 154(شتنبر-أكتوبر 2020) ل"المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية".
وبحكم موقع هذا الباحث كمدير لمديرية تدبير شؤون القيمين الدينيين بوزارة الأوقاف،فإنه من المفترض، اطلاعه  على أسباب نزول استعجال المجلس العلمي الأعلى  في شأن إيقاف العمل بالتزكيات في 30 يناير 2020. لذلك ليس هناك ما يدعو حسب هذه الدراسة القيمة ، إلى ما أشار إليه وزير الأوقاف في البرلمان من مسألة الملاءمة مع القانون،لتبرير مسطرة التأهيل .بل ما حصل، هو إرادة الإسقاط الأصولي باسم القانون.من هنا فوضعية مدير القيمين الدينيين،توجد في حرج كبير في معادلة الباحث والمسؤول.
لذلك لا نستبعد في التحليل أن تكون إفادة المصدر المطلع، بشأن الاحتجاج صادرة عن مديريته، كما بيان  وعيد الوزارة للأئمة والإعلام.وهو بالمناسبة بيان غير ذي موضوع ،لا في السياق الخاص، لما يمكن تسميته بواقع التدبير المفوض للأئمة والمؤذنين والخطباء، ،ولا في السياق الحقوقي العام للبلاد.ولا شك أن هذا الانشطار بين الوعي والممارسة،وقد انكشف،  يملي منطق الحسم  في هذا الجانب أو ذاك، وإن كان المؤمل أن تنتصر لديه، همة رجالات منظومة الإسلام المغربي،وقد دقت ساعة الحقيقة .. 
أما بعد،فإن "لغم" مسطرة التأهيل ،يستدعي تدخل الخبراء  في "المفخخات"، لإبطال مفعولها.فالعقل الأمني،حتى في الجانب الروحي، لا يمكن أن  يستهين قطعا، بمستصغر الشرر. خصوصا وأن فتنة عزل أمير المؤمنين عن جند سلطانه، تستوجب في احتوائها،التعجيل بإنصاف المتضررين أولا، ومن ثم العمل العقلاني، على البناء المؤسساتي السليم والوظيفي للحقل الديني. "أَفَمَنْ أُسّسَ بُنْيَانُهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّن أُسّسَ بُنْيَانُهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ"!