باكريم: هذه دواعي تأسيس تكتل "تمغربيت" التي تميزنا كمغاربة عن باقي الأمم

باكريم: هذه دواعي تأسيس تكتل "تمغربيت" التي تميزنا كمغاربة عن باقي الأمم لحسن باكريم،و مشهد خلال تأسيس "تكتل تمغربيت للإلتقائيات المواطنة"

تعزز الفعل المدني الجمعوي، يوم السبت 08 ماي 2021 بالرباط بتأسيس "تكتل تمغربيت للإلتقائيات المواطنة". وانتخب الناشط الأمازيغي والباحث في الثقافة الأمازيغية عبد الله حتوس رئيسا للهيأة الجديدة.

وبهذه المناسبة أجرت "أنفاس بريس"، مع المكلف بالقطب الإعلامي بالهيأة، الحسن باكريم، حوارا لتقريب الرأي العام من سياق ميلاد هذا التكتل:

 

* ما هو السياق الذي يأتي فيه تأسيس "تكتل تمغربيت للإلتقائيات المواطنة"؟

يأتي مشروعنا في سياق التحولات التي عرفها ويعرفها المجتمع المغربي، كما يأتي والعالم قد تحول إلى غابة صغيرة يلتهم فيه أقويائها ضعافها. فالعولمة و التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم لا ترحم الأمم التي لا تحافظ على هويتها وشخصيتها وعلى مقومات العيش المشترك وإيمان مكوناتها بوحدة المصير. فالدول التي أصبحت اليوم في خبر كان كاليمن وسوريا وليبيا وغيرها، لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بعد أن أصاب الهوان والتشظي هوياتها ومقومات العيش المشترك بين مكوناتها.

كما أن السياق الذي يأتي فيه تأسيس "تاضا تمغربيت"، يتميز بالتقدم الحاصل في العمل الإقليمي والجهوي والدولي لبلادنا في سعيها إلى أن تكون أكثر تنافسية مقارنة مع باقي الدول الصاعدة (les pays émergents)، رغم تكالب أعداء وحدتنا الترابية وسعيهم إلى فرملة أو على الأقل التشويش على المكتسبات التي يراكمها المغرب.

هناك سياق وطني أيضا يتمثل في المكتسبات التي جاء بها دستور 2011 وخصوصا ما يتعلق بالهوية المغربية واللغات والثقافة المغربية، والتي يجب تحصينها والعمل على جعلها روافع تساعد بلادنا في تحقيق نهضتها والرفاه لجميع مواطنيها.

 

* ماهي دلالات اختيار اسم التكتل بـ "تمغربيت للالتقائيات المواطنة تاضا تمغربيت" ؟

تمغربيت هي التي تميزنا كمغاربة عن باقي الأمم، تحيل “تَمْغْرَبيتْ” إلى النمط الثقافي المغربي والاستثنائية الوطنية المغربية، باعتبارهما مجمل العناصر التي تميز المجتمع المغربي عن باقي المجتمعات، بما فيها تلك التي تشاركنا الكثير من العناصر الثقافية والتاريخية، ومن بينها على الخصوص، مجتمعات البلدان المغاربية الأربع: الجزائر، موريتانيا، تونس وليبيا.

فتشبع المغاربة بتَمْغْرَبيتْ يسمح لهم بالتواجد حيثما شاؤوا في العالم والتنقل جغرافيا حيثما أرادوا، والاندماج ثقافيا واجتماعيا حيثما وُجدُوا، دون أن يؤثر كل ذلك على تمسكهم بثقافتهم وحفاظهم على مقومات خصوصيتهم تَمْغْرَبيتْ.

فالمغربي استطاع منذ ثلاثة وثلاثين قرنا اكتساب مهارة تجاوز أزمنة الصدمات الثقافية (les chocs culturels) بأقل الخسائر وبالحرص على حماية الجوهر من التأثر بالصدمات. فالمغربي يتفاعل مع البيئة التي يوجد فيها، كما يتلون كل فرد من فصيلة الحرباء مع البيئة التي يوجد فيها، من أجل بقائه كفرد أو كمجموعة ملتحمة، وذلك بهدف الحفاظ على النوع والخصوصية.

أما اختيارنا ل"تاضا تمغربيت" فهو تأكيد على أن مشروعنا كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك، ينهل من معين الثقافة المغربية، فـ "تاضا" تحيل إلى ممارسة ثقافية وتقليد ضارب في القدم تلجأ إليه القبائل الأمازيغية المغربية كلما كانت هناك حاجة إلى توطيد الأحلاف والعيش المشترك. فهو تجديد للمواثيق والمعاهدات والإلتزامات الإجتماعية والسياسية من أجل تدبير ناجع للمشترك وتأمينه وتحصينه، سواء تعلق الأمر بالمجال أو الموارد أو العلاقات المشتركة بين القبائل أو غيرها من عناصر المشترك.

 

*هل التكتل له طابع جهوي أم وطني؟

"تاضا تمغربيت" تنتصر للإلتقائيات المواطنة، وتسعى للمساهمة في بناء مشروع مجتمعي ينهل من معين ثقأفتنا منفتح بذكاء على العالم ويعزز العيش المشترك وخصوصيات مؤسسات تدبير المشترك الوطني.

 

* ما هي تصورات التكتل وبرنامجه؟

تصورنا في "تاضا تمغربيت"وبرنامجنا، سيكون موضوع كتيب يشتغل رئيس "تاضا تمغربيت"، الأستاذ عبد الله حتوس، على إعداده مع فريق عمل من أعضاء المجلس الوطني.

وفي سياق لقاءات الإعدادات لتأسيس الجمعية الجديدة والمناقشات الفكرية التي صاحبت هذه الاستعدادات، سبق للجنة التأسيسية أن أعدت ورقة حول موضوع تمغريبت، ونظمت في موضوعها ندوة وطنية بمشاركة الأساتذة سعيد بنيس أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس الرباط، والأستاذ أحمد عصيد باحث وحقوقي أمازيغي، والأستاذ محمد بوزنكاض، أستاذ التاريخ بجامعة ابن زهر، والباحث عبد الله حتوس والأستاذ الجامعي، الحسين بويعقوبي. ومما جاء في الورقة المذكورة:

"ينحدر مفهوم "تامغربيت" من كلمة "المغرب"، الاسم الرسمي للمملكة المغربية، والذي كان يطلق سابقا على مجموع شمال إفريقيا باستثناء مصر. وهي تسمية أطلقت من طرف العرب الذين كانوا يرون في المغرب الكبير مغربا للشمس مقابل مشرقها عندهم. لكن هذه الكلمة تمغربيت تم تمزيغها بإضافة تاء التأنيث في مقدمة وآخر التسمية، والتي تستعمل أيضا للتحبيب فأعطت "تمغربيت". وتحيل كلمة "تمغربيت" في المتخيل الجمعي إلى كل ما يميز المغاربة عن غيرهم حيث تصبح مرادفا لنمط حياة متميز، ومنظور خاص للعالم وطريقة معينة في التسيير والتدبير والتأقلم مع السياقات المختلفة والمتغيرة.

لكن لا يجب الاعتقاد بأن تعريف "تمغربيت" سهل المنال. فككل المفاهيم، فهي بناء ناتج عن مسار تاريخي طويل وهي أيضا استجابة لحاجة مجتمعية في زمن معين، ولذلك تحمل مضامين متعددة بتعدد مستعملي المفهوم وسياقات الاستعمال. ويرتبط هذا المفهوم بسؤال جوهري، تصعب الإجابة عليه بدقة ".

وهنا أتساءل ما معنى أن تكون مغربيا؟ ويبدو هذا السؤال بديهيا في أول وهلة، لكن بمجرد النبش فيه يكتشف المرء تعدد الإجابات الممكنة: قانونية، اجتماعية، تاريخية، ثقافية بل ونفسية.

لا يقتصر هذا الإشكال على المغرب فقط، فقد سبق للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، أن فتح نقاشا عاما للإجابة على سؤال "ما معنى أن تكون فرنسيا؟ وذلك في سياق تصاعد الإشكالات الهوياتية في المجتمع الفرنسي خاصة مع شباب الأحياء المحيطة بباريس والجيل الثاني والثالث من الفرنسيين ذوي أصول مهاجرة. توقف النقاش هناك بعد مدة، دون الوصول لإجابات مرضية للجميع.

تم الاعتقاد في المغرب بعد حصوله على الاستقلال سنة 1956 بأن مشكل الهوية قد حل وأن المغربي انتهى به الأمر أن يكون "عربيا ومسلما"، وكل حديث عن مكونات أخرى لا يمكن أن يكون إلا تهديدا لهذه الوحدة كما تصورها منظروها. لم يدم هذا الموقف طويلا، فبعد نصف قرن، اضطُر المشرع الدستوري سنة 2011 ، ليقر بتعدد المكونات والروافد المشكلة للهوية المغربية، ويعترف بالمقصي سابقا، (المكون الأمازيغي والروافد الأخرى: العبري والأندلسي والحساني والمتوسطي والإفريقي)، ما جعل مفهوم "تمغربيت" يعود للواجهة ويفرض نفسه لاحتواء التجاذبات الهوياتية، معلنا الحاجة لتعريفه تعريفا دقيقا يستجيب لحاجيات المجتمع المغربي في بداية القرن الواحد والعشرين وتحدياته، كما ظهرت الحاجة لتحديد تحولات المفهوم وكذا امتداداته ليشمل الجميع ويحقق بذلك "الاستثناء المغربي".