محمد التكني: الإحسان العمومي في رمضان والانتخابات

محمد التكني: الإحسان العمومي في رمضان والانتخابات محمد التكني

عرف المغاربة بالتضامن في ما بينهم في جميع الأوقات العصيبة.. هذا الفعل النبيل ظل يعرف حضورا مكثفا في كل الأوقات، خصوصا حين تصادف مواسم الخير، كما هو الشأن بالنسبة  لشهر رمضان، حيث يعرف التضامن أوجها وألوانا أخرى، فيبادر الأغنياء إلى مساعدة المعوزين والفقراء للتخفيف من وطأة المصاريف عليهم من خلال توزيع مؤن في شكل قفف تحتوي على أغلب ما يحتاجه المرء خلال هذا الشهر الفضيل.

 

وتقوم الدولة بدورها بهذا الفعل المحمود عبر مؤسسة محمد الخامس للتضامن، كما تقوم بمراقبة هذه العملية كي لا تتخذ أهدافا أخرى، كاستغلال العوز والحاجة للتأثير على قناعة الأشخاص المحتاجين أو محاولة تغيير مواقفهم أو استمالتهم للإيمان بفكر معين.

 

إلا ان ما لوحظ هذه السنة هو كثرة المحسنين، مغلفين أهدافهم الحقيقية بطلاء الإحسان العمومي.. والسؤال المطروح هو: أين كان هؤلاء خلال السنوات الفارطة؟ ولعل السبب الوحيد الكامن وراء بزوغهم في هذا الظرف بالذات هو أن رمضان هذه السنة له سياق زمني خاص، حيث يصادف سنة الاستحقاقات الانتخابية. وهنا صادف الضرر النفع في ظل تفشي وباء كورونا واجتياحه العالم، فرغم ضراوة الوباء إلا أنه أظهر بالمغرب المعنى الحقيقي للتضامن عموما، وتضامن الدولة خصوصا، هذا التضامن (تضامن الدولة) الذي طالما شوهته بعض النفوس الخبيثة. لقد دعمت الدولة ما يقارب أربعة ملايين أسرة دون هدف سوى قيامها بمسؤوليتها تجاه مواطنيها.

 

بهذا نقول للأحزاب التي بادرت للإحسان العمومي خلال هذا الشهر الفضيل، "لا لتضامنكم النتن"، الذي تسعون من ورائه استمالة الناخبين عبر حملة انتخابية سابقة لأوانها، و لتعلموا يا تجار السياسة أن الشعب المغربي أصبح أكثر وعيا من ذي قبل، ولن تنطلي عليه دسائسكم القذرة. إن انتخابات سنة  2021 لن تكون كسابقاتها، حيث ستعكس الإرادة الحقيقية للناخب بعيدا عن التأثيرات المشبوهة لأنه تم القطع مع الممارسات غير الشريفة التي كانت تمارسها بعض الأحزاب عبر هيئات المجتمع المدني التي تتلقى منح الدولة. ولعل من كان وراء نجاح القطع مع هذه الممارسات هو ظروف الجائحة التي حدت من التجمعات والتجمهرات واللقاءات، وبهذا سيكون اقناع الناخب هذه السنة عبر البرامج السياسية للأحزاب وليس عبر الطرق الملتوية التي كان يعمل بها سابقا.

 

إن انتخابات هذه السنة ستكون نزيهة، كسابقتها، وما سيميزها هو نزاهتها البعيدة عن الممارسات المعيبة التي دأبت عليها للأسف بعض الأحزاب، لأن المواطن المغربي أصبح جد تواق لمنتخبين يعكسون إرادته ولا يتاجرون في هشاشته أو يعودونه على التواكل وانتظار الصدقات. ولعل قانون القاسم الانتخابي الذي صوت عليه نواب الأمة، رغم كثرة ما قيل فيه والجدل الحاد الذي أثير حوله وقطعته المحكمة الدستورية بالإقرار بشرعيته، سيكون نقطة مفصلية لتغيير الفسيفساء الانتخابية لهذه السنة وإفراز طبقة سياسية كفيلة بهندسة برامج تنموية اجتماعية تستأصل آفة الفقر والعطالة وتحصن المواطن المغربي من إراقة ماء الوجه في انتظار الإعانات البئيسة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.