محمد بنطلحة الدكالي: على فرنسا أن تلعب دورا في جعل الاتحاد الأوروبي ينخرط في الدينامية الداعمة لمغربية الصحراء

محمد بنطلحة الدكالي: على فرنسا أن تلعب دورا في جعل الاتحاد الأوروبي ينخرط في الدينامية الداعمة لمغربية الصحراء محمد بنطلحة الدكالي
الدينامية المتجددة التي  يعرفها ملف الصحراء المغربية خلال الأشهر الأخيرة، شكل صدمة كبيرة في محيط أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية وتحولا على مستوى التكتلات الإفريقية والقارية الهامة، حيث أن فتح قنصليات في حاضرتي الصحراء المغربية مدينتي العيون والداخلية، له دلالات وأبعاد متعددة، إذ يجسد ذلك على المستوى السياسي دعما للوحدة الترابية للمملكة، واعترافا واضحا وصريحا بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن الثقة في الأمن  والاستقرار الذي تدعم به الأقاليم الجنوبية المغربية. هذه الانتصارات الدبلوماسية المغربية تعد مكسبا كبيرا، ولعل أهمها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، حيث ستصبح داعما عالميا للمملكة المغربية عند أي بحث عن تسوية سياسية على مستوى مجلس الأمن الدولي، باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة القلم في قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء. وعلى مستوى الأمم المتحدة جدد المجتمع الدولي دعمه الكامل لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا ونهائيا لهذا النزاع، كما أن مجلس الأمن الدولي في القرار 2548 الذي اعتمده في أكتوبر 2020 يعد دليلا على وجاهة الموقف المغربي، حيث كرس مجلس الأمن للسنة الرابعة عشر على التوالي سمو مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية في 11 أبريل 2007.
وفي خضم هذه التطورات كنا نترقب أن تتفاعل فرنسا مع هذه الانتصارات، إلا أنها تفاعلت معها بشكل محتشم معلنة دعمها المقترح الحكم الذاتي وهو موقف دأبت الدبلوماسية في ملف الصحراء على تأييده. وهو إن كان بمتابة شبه اعتراف بمغربية الصحراء، فإنه يبقى دون مستوى القرار الأمريكي الجديد. ونلاحظ أن وزير الخارجية الفرنسي خلال لقائه مؤخرا مع نظيره المغربي كان حريصا على تجديد موقف باريس الثابت في ملف الصحراء المغربية، وهو تأييد المقترح الذي قدمه المغرب والمتمثل في الحكم الذاتي، لكن و في تطور لافت نجد أن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» قام بافتتاح فرع له بمدينة الداخلة في الصحراء المغربية، وهو ما أجج غضب البوليساريو التي خرجت ببيان هاجمت فيه سياسة الحزب الحاكم بباريس. كما أنه جدير بالذكر أن هذا الإعلان تزامن وتأجيل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها إلى الجزائر يوم الأحد 11 أبريل 2021 رئيس الوزراء الفرنسي إلى أجل غير مسمى، وذلك بطلب من السلطات الجزائرية.
إن المغرب يعتبر حليفا استراتيجيا بالنسبة لفرنسا وينتظر منه أن يلعب دورا إيجابيا في جعل موقف الاتحاد الأوروبي ينخرط في الدينامية الداعمة لمغربية الصحراء. 
كما أن على الجارة الشمالية إسبانيا أن تستحضر دائما في علاقتها مع المغرب الشراكة التي تربط بينهما، هذه الشراكة ذات البعد الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وإسبانيا تعتبر الشريك التجاري الأول سواء على مستوى الصادرات أو الواردات، حيث أن المغرب يعد حاليا أكبر شريك تجاري لإسبانيا في القارة الإفريقية، وثاني أكبر شريك في العالم خارج الاتحاد الأوروبي. وبالتالي ننتظر منها اتخاذ موقف دبلوماسي حازم ينتصر للموقف المغربي الجاد ذي المصداقية، وينتصر لعمق الصداقة والعلاقة التاريخية التي تربط بين البلدين. 
فالتطلع إلى المستقبل بين البلدين لا يأتي هكذا من دون مقدمات، أو لمجرد الرغبة في ذلك، كما أن التحولات ليست مجرد رغبة أو أمنية أو صدفة تاريخية، بل مواقف واضحة ومسؤولة تنتصر للمشروع الحضاري المغربي الإسباني. نقول هذا ونحن نرى أن المياه، التي تبدو راكدة، باتت تجري الآن ولو بشكل بطيء وتدريجي.