وفي خضم هذه التطورات كنا نترقب أن تتفاعل فرنسا مع هذه الانتصارات، إلا أنها تفاعلت معها بشكل محتشم معلنة دعمها المقترح الحكم الذاتي وهو موقف دأبت الدبلوماسية في ملف الصحراء على تأييده. وهو إن كان بمتابة شبه اعتراف بمغربية الصحراء، فإنه يبقى دون مستوى القرار الأمريكي الجديد. ونلاحظ أن وزير الخارجية الفرنسي خلال لقائه مؤخرا مع نظيره المغربي كان حريصا على تجديد موقف باريس الثابت في ملف الصحراء المغربية، وهو تأييد المقترح الذي قدمه المغرب والمتمثل في الحكم الذاتي، لكن و في تطور لافت نجد أن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» قام بافتتاح فرع له بمدينة الداخلة في الصحراء المغربية، وهو ما أجج غضب البوليساريو التي خرجت ببيان هاجمت فيه سياسة الحزب الحاكم بباريس. كما أنه جدير بالذكر أن هذا الإعلان تزامن وتأجيل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها إلى الجزائر يوم الأحد 11 أبريل 2021 رئيس الوزراء الفرنسي إلى أجل غير مسمى، وذلك بطلب من السلطات الجزائرية.
إن المغرب يعتبر حليفا استراتيجيا بالنسبة لفرنسا وينتظر منه أن يلعب دورا إيجابيا في جعل موقف الاتحاد الأوروبي ينخرط في الدينامية الداعمة لمغربية الصحراء.
كما أن على الجارة الشمالية إسبانيا أن تستحضر دائما في علاقتها مع المغرب الشراكة التي تربط بينهما، هذه الشراكة ذات البعد الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وإسبانيا تعتبر الشريك التجاري الأول سواء على مستوى الصادرات أو الواردات، حيث أن المغرب يعد حاليا أكبر شريك تجاري لإسبانيا في القارة الإفريقية، وثاني أكبر شريك في العالم خارج الاتحاد الأوروبي. وبالتالي ننتظر منها اتخاذ موقف دبلوماسي حازم ينتصر للموقف المغربي الجاد ذي المصداقية، وينتصر لعمق الصداقة والعلاقة التاريخية التي تربط بين البلدين.
فالتطلع إلى المستقبل بين البلدين لا يأتي هكذا من دون مقدمات، أو لمجرد الرغبة في ذلك، كما أن التحولات ليست مجرد رغبة أو أمنية أو صدفة تاريخية، بل مواقف واضحة ومسؤولة تنتصر للمشروع الحضاري المغربي الإسباني. نقول هذا ونحن نرى أن المياه، التي تبدو راكدة، باتت تجري الآن ولو بشكل بطيء وتدريجي.