حمدي: لماذا تأخرت الحكومة في نشر مرسوم إغلاق الدورة الاستثنائية للبرلمان؟

حمدي: لماذا تأخرت الحكومة في نشر مرسوم إغلاق الدورة الاستثنائية للبرلمان؟ حمدي اعمر حداد
انهت الدورة الاستثنائية للبرلمان أشغالها بعد استكمال جدول أعمالها المحدد بالمرسوم رقم 2.21.124 المتعلق بدعوة مجلس النواب ومجلس المستشارين إلى عقد دورة استثنائية، ابتداء من يوم الثلاثاء 2 مارس 2021 طبقا لأحكام الفصل 66 من الدستور.
وكان مبرر هذه الدورة الاستثنائية التعجيل بدراسة مشاريع قوانين تكتسي طابعا استعجاليا، ومنها على الخصوص 4 مشاريع قوانين تنظيمية ومشروعي قانونين عاديين تهم العملية الانتخابية المزمع تنظيمها سنة 2021، بالإضافة إلى مشروع قانون – إطار رقم 09.21 يتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي يَعِدُ بإحداث ثورة اجتماعية غير مسبوقة في المغرب، وهو مشروع ملكي لا يحتمل التأجيل، خصوصا مع الآثار الاجتماعية المدمرة التي أحدثتها جائحة كورونا كوفيد 19.
هذا أيضا بالإضافة إلى مشروع قانون تنظيمي يُعرض بشكل دوري كلما تم استحداث مؤسسة جديدة وبتعلق الأمر بمشروع القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين49 و92.
وأيضا مبادرة تشريعية مهمة تتمثل في مشروع قانون يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والتي عرفت الكثير من النقاش القانوني.
وقد استكمل المجلسان مناقشة القضايا التي يتضمنها جدول الأعمال المحدد في المرسوم، وذلك بعد تصويت مجلس النواب على النصوص التي أُحيلت عليه بالأسبقية، حيث صوت على مشروعي القانونين المتعلقين بالغرف واللوائح الانتخابية بالاجماع، فيما صوت على مشاريع القوانين الإنتخابية بالاغلبية. وصوت مجلس المستشارين على مشروع القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية بالإجماع وقد أحيل عليه بالأسبقية بمقتضى أحكام الدستور وخاصة الفصل 78  منه. وأحال كل منهما التصوص التي صوت عليها على المجلس الآخر وتم التصويت بنفس الكيفية ماعدا مشروع القانون المتعلق بالهيىة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها، الذي أعيد في إطار قراءة ثانية إلى مجلس النواب، بعد أن تم تعديله في مجلس المستشارين، عبر تدقيق صياغة البند 16 من المادة 4 المتعلقة باختصاصات الهيئة.
إلا أن الملاحظ أن الحكومة لم تصدر لحد الآن مرسوم اختتام الدورة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل 66 من الدستور، الذي ينص على أنه: "تعقد دورة البرلمان الاستثنائية على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في القضايا التي يتضمنها جدول الأعمال، تُختتم الدورة بمرسوم". وهو ما نصت عليه أيضا الفقرة الثانية من المادة 18  من النظام الداخلي لمجلس النواب. ويرجع الأمر إلى أن البرلمان بغرفتيه قد استوفى جدول أعماله المقرر في مرسوم الدعوة الى انعقاد الدورة الاستثنائية، لكن المسطرة التشريعية للنصوص التشريعية لم تنتهي بعد.
فمن المعلوم أن القوانين التنظيمية التي تم التصويت عليها في هذه الدورة التشريعية أُحيلت وجوباً على المحكمة الدستورية للنظر في مدى مطابقتها للدستور بمقتضى احكام المادة 21 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية والتي تنص على انه: "يحيل رئيس الحكومة على الفور القوانين التنظيمية التي أقرها البرلمان، بصفة نهائية، إلى المحكمة الدستورية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها. قصد البت في مطابقتها للدستور"، وقد تمت الإحالة على هذه المحكمة وطلب المجلسان من الفرق إبداء الرأي في إطار المسطرة التواجهية التي يعتمدها القاضي الدستوري، والتي نتج عنها تقديم مذكرات للمحكمة الدستورية إحداهما قدمتها فرق والمجموعة النيابية للمعارضة والمذكرتين الأخريين قدمهما فريق العدالة والتنمية.
وفي انتظار قرارات المحكمة الدستورية بخصوص هذه القوانين التنظيمية والتي تتطلب 30 يوما بناء على مقتضيات المادة 26  من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية (علما أن الحكومة لم تطلب الاستعجال بناء على مقتضيات المادتين 21 الفقرة الثانسة  والمادة 28 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية)، فقد ارتأت الحكومة التريث في اصدار مرسوم الإختتام حتى لا تضطر للدعوة ألى دورة استثنائية جديدة في حال إذا ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية بعض مواد هذه القوانين التنظيمية مما سيضطرها الى إعادة إحالتها على مجلس النواب بالأسبقية أيضا لتعديلها بما يتناسب وقرار المحكمة الدستورية الذي يُعد ملزما للجميع.
في حين ان الحكومة ستقوم باصدار المرسوم المشار إليه في الفقرة الثانية من الفصل 66 من الدستور في حالة إذا قضت المحكمة الدستورية بعدم مخالفة أي مادة للدستور.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن المحكمة الدستورية في قراراتها المتعلقة بالقوانين التنظيمية الثلاث المتعلقة بالمجالس الترابية لسنة 2015 قد قامت بفصل فقرات من بعض المواد وقضت بنشر القوانين التنظيمية بدونها، وذاك عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية: "غير أنه، إذا قضت المحكمة الدستورية بأن قانونا تنظيميا أو قانونا أو نظاما داخليا يتضمن مادة غير مطابقة للدستور ويمكن فصلها من مجموعه، يجوز إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي أو القانون أو العمل بالنظام الداخلي باستثناء المادة المصرح بعدم مطابقتها للدستور"، وهي آلية تُسهل نشر النص التشريعي والعمل به، بدون انتظار إعادته للسلطة التشريعية لاعادة ملائمته مع قرار المحكمة.
وأيضا يرجع هذا التريث إلى أن الحكومة تملك الكثير من الوقت، نظراً إلى أنه حتى في حالة إعادة النصوص أو أحدها إلى البرلمان بناء على قرار المحكمة الدستورية فإن الحكومة ستعمل بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 18 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنصان على أنه: " تعتبر الدورة الاستثنائية منتهية إذا ما حل موعد افتتاح الدورة العادية ولم يبت المجلس في جميع القضايا المحددة في جدول أعمالها.
تستمر مناقشة القضايا المدرجة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية والبت فيها خلال الدورة العادية"، وبالتالي فإن الحكومة غير مستعجلة في إصدار مرسوم الاختتام.
كما لا ينبغي ان نغفل ان هناك آلية أخرى لم يتم تفعيلها لحد الآن، وتتمثل في ان يطلب الملك إجراء قراءة جديدة للنص التشريعي، كما ينص على ذلك الفصل 95 من الدستور: "للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون. تُطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة"،
وقد نظمت المواد 204 و 205 و 206 من الباب الرابع من الجزء الرابع من النظام الداخلي لمجلس النواب المتعلق بالتشريع هذه الآلية. 
وبالتالي فإن استكمال الدورة الاستثنائية لجدول أعمالها لا يعني استكمال المسطرة التشريعية لبعض هذه النصوص، مما يفسر عدم اصدار الحكومة لمرسوم الاختتام.
 
رئيس مصلحة بمجلس النواب