جامع مرابط: مستقبل منطقة " الخنفوف "بسيدي افني على ضوء اتفاقية رامسار الدولية

جامع مرابط: مستقبل منطقة " الخنفوف "بسيدي افني على ضوء اتفاقية رامسار الدولية جامع مرابط
في إطار تنزيل مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011 الذي نص على مجموعة من الضمانات لتقلد مناصب المسؤولية تكريسا لمبادئ تكافؤ الفرص و الشفافية و المساواة و النزاهة والاستحقاق ، تم تخويل الحكومة سلطة واسعة في التعيين في هذه المناصب لاختيار الكفاءات النزيهة بناء على معيار الاستحقاق والمساواة والشفافية في الاختيار .
وفي هذا الصدد ، تم إصدار مجموعة من النصوص القانونية التنظيمية ومنها :
1-القانون رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و 29 من الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20 بتاريخ 17 يوليوز 2012؛
2-المرسوم رقم 2.12.412 بتاريخ 11 اكتوبر 2012 بتطبيق أحكام المادتين 4 و5 من القانون التنظيمي 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة؛
3-المرسوم 2.11.681 الصادر في 28 من ذي الحجة 1432 الموافق ل 25 نوفمبر 2011 في شأن كيفيات تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح بالإدارات العمومية والذي بموجبه تمت اعادة النظر في شروط تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح بمختلف الوزارات وذلك باعتماد معايير في كيفية انتقاء المترشحين لتقلد مهام المسؤولية ، تستند إلى الكفاءة والخبرة العلمية والتكوين والمستوى العلمي والمعرفي.
كل هذه الاجراءات القانونية تندرج في إطار الارتقاء بمستوى الأداء الإداري لمختلف الادارات والمؤسسات العمومية ،عبر تطوير المهنية ، وفي إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة لجعل هذه الادارات فعالة وناجعة خدمة للمواطن ولضمان استمرارية المرفق العام .
فإذا كان الدستور قد أعطى صلاحيات واسعة للحكومة في مجال التعيين في بعض مناصب المسؤولية إلا أن المشكل يكمن في طريقة التعيين التي تميل إلى المحاباة وإرضاء بعض الأشخاص ، أو الجهات بعيدا عن الكفاءة و الموضوعية . وفي هذا الصدد :
ألا يحق لمديري المؤسسات التعليمية في التباري لشغل مناصب رؤساء الأقسام بالأكاديميات ومديري المديريات الإقليمية للتربية الوطنية؟
ينص المرسوم 2.11.681 الصادر في 28 من ذي الحجة 1432 الموافق ل 25 نوفمبر 2011 في شأن كيفيات تعيين رؤوساء الأقسام ورؤوساء المصالح بالإدارات العمومية على شروط الترشح لرئاسة القسم (المادة 4 منه)
ولرئاسة المصلحة (المادة 5 منه ) بالإدارة المركزية و اللاممركزة و الوحدات الإدارية المعتبرة في حكمها كما هو منصوص عليه في النصوص التنظيمية بشأن تحديد اختصاصات و تنظيم مختلف الإدارات العمومية.(المادة 1 منه)
وبقراءة المادتين 4 و5 ، فقد حدد المشرع شروطا للترشح لشغر هذه المناصب ومنها أن يكون المترشح مرسما أو عونا متعاقدا مرتبا في درجة متصرف من الدرجة الثانية أو في إطار مهندس دولة ..أو أن يكونوا قد مارسوا مهام رئيس مصلحة، غير أنه يمكن، إذا استدعت ضرورة المصلحة ذلك، الإعفاء من هذا الشرط.
يظهر من خلال هاتين المادتين، أن المشرع ولو أنه أعطى الحق للموظف (ة) وبصورة متساوية فرصة الاستفادة من تقلد مناصب المسؤولية بعد موافقة الإدارة التي ينتمي إليها المترشح ، مع إبداء رأي رئيسه المباشر في كفاءته (المادة 7 من نفس المرسوم) ، إلا أن مقتضيات هذه المواد فيها اقصاء ضمني لفئة من الموظفين الذين يزاولون مهام إدارية كمديري المؤسسات التعليمية العمومية من طرف بعض رؤوساء الإدارة المعنية.
إذ، و تبعا للسلطة المخولة لرئيس الإدارة المعنية في المادة 9 من نفس المرسوم يتم استعمال المادتين 4 و 5 في بعض الأحيان استعمالا تعسفيا باللجوء " لحق الفيتو " المعبر عنه بشكل صريح بالمقولة التالية:
" ..... غير أنه يمكن، إذا استدعت ضرورة المصلحة ذلك، الإعفاء من هذا الشرط " وهو شرط تولي مهام رئيس المصلحة وبهذا يتم إقصاء مديري المؤسسات التعليمية المتوفرة فيهم باقي الشروط من الترشح لتقلد مناصب المسؤولية كرئيس القسم أو رئيس المصلحة أو مدير إقليمي من طرف بعض مديريات الوزارة وفي بعض الجهات.
بهذا الإقصاء ، أعتقد أن رئيس الإدارة يكون قد خرق القانون و مارس سلطته بشكل تعسفي وفوت فرصة على الموظف المترشح المتضرر فرصة الحصول على مزية معينة متناسيا أن مدير المؤسسة التعليمية العمومية يعتبر وبحكم القانون بمثابة رئيس مصلحة لا من حيث شروط الولوج ، ولا من حيث التعويضات، ولا من حيث المهام و المسؤوليات التي يمارسها سواء على مستوى التدبير الإداري أ والمادي والمالي أو التربوي أو البشري حيث يقوم بعدة مهام منها :
-إعداد برنامج العمل السنوي وعرضه على مجلس التدبير للمصادقة وتقديم حصيلة الانجازات المحققة عند نهاية السنة الدراسية ؛
-يترأس مجالس المؤسسة ويسهر على تنفيذ خلاصاتها وتوصياتها وقراراتها
-يترأس الجمعيات المدرسية ويتتبع اسهامات جمعيات آباء و أمهات وأولياء التلاميذ
-يساهم في الارتقاء بنظام التوجيه المدرسي على مستوى المؤسسة
-يشرف على تدبير الموارد البشرية طبقا للاختصاصات المفوضة له من طرف مدير الأكاديمية
-يسهر على تتبع الحياة الادارية و المسار المهني للموظفين
-يعمل على ربط العلاقات مع الشركاء ويبرم معهم شراكات
-يسهر على تنفيذ ميزانية المؤسسة وتتبع ومراقبة مصاريف تسيير المؤسسة والاعتمادات المالية المخصصة لجمعية دعم مدرسة النجاح
-السهر على تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمؤسسات التعليمية
-يساهم في انجاز بعض العمليات المتعلقة بالحركات الانتقالية
-يقوم بانجاز الإحصاء الخاص بالموظفين وفق التطبيقات المعلوماتية المستعملة إلى جانب حفظ و أرشفة جميع الملفات و الوثائق المتعلقة بالموظفين
-إعداد مشروع المؤسسة
-تدبير خدمات الإطعام المدرسي والداخليات
-السهر على تتبع استهلاك الماء و الكهرباء
-الحرص على حفظ و أرشفة جميع الملفات المدرسية للمتعلمين و أيضا كل الوثائق المالية
-السهر على مراقبة حالة المؤسسة و جودة صيانتها ومدى توفرها على وسائل العمل الضرورية
-الارتقاء بالاتصال الداخلي بين المؤسسة والمديرية الإقليمية، والتواصل الخارجي مع الشركاء والإعلام والمصالح الخارجية
- تتبع وتنفيذ مشاريع الشراكة والمبرمة مع فعاليات المجتمع المدني
-تحديد الحاجيات من العتاد المعلوماتي
-المشاركة و الإشراف على تنظيم جميع مراحل الامتحانات المدرسية
-تتبع عملية مسك نقط المراقبة المستمرة ونقط الامتحانات على منظومة " مسار " والعمل على استثمارها
-المساهمة في تنظيم امتحانات الكفاءة المهنية ومباراة ولوج مراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين
-الارتقاء بالأنشطة التربوية و الاجتماعية و الثقافية والفنية و الوقائية في الوسط المدرسي
-تفعيل أنشطة الرياضة المدرسية و السهر على مشاركة المؤسسة في التظاهرات الرياضية المدرسية
-السهر على انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي مع الالتزام بالحفاظ على خصوصياتها
-السهر بمعية المجلس التربوي على وضع الخريطة التربوية التوقعية
-تأطير ومواكبة الدخول المدرسي
هي مهام واختصاصات ينص عليها المرسوم 2.02.376 بتاريخ 02 يوليوز 2002 ، الذي بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي بالمغرب بشكل عام ، وتنظمها مذكرات وزارية ومقررات وزارية وتتقاطع مع المذكرة الوزارية رقم 047×16 بتاريخ 26 مايو 2016 في شأن تدقيق مهام واختصاصات المصالح المحدثة على مستوى المديريات الإقليمية التابعة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين .
إلى جانب هذا الإقصاء المرتبط بالشطط في استعمال السلطة ، هناك إقصاء آخر قد يمارسه الرئيس المباشر لحسابات ذاتية أثناء ممارسته لسلطته التقديرية في تقييم كفاءة الموظف المترشح .
إن الاستعمال غير السليم لمقتضيات المرسوم وما يحمله ضمنيا من إقصاء في بعض مواده ، قد يحرم كفاءات إدارية وتربوية نزيهة من تقلد مناصب المسؤولية مما يتنافى ومقتضيات دستور2011 للمملكة الذي أعطى للموظف (ة) الحق وبصورة متساوية في الاستفادة من الفرص ومن المزايا التي يضمنها القانون في إطار الحياة الإدارية والمهنية.
حيث ينص في:
الفصل 31 على أن لجميع المواطنين الحق في ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق، أي بصورة متساوية، بناء على مبدأ تكافؤ الفرص.
وفي الفصل 6 على مساواة الجميع بما في ذلك السلطات العمومية أمام القانون و الالتزام به.
من جهة أخرى ، و بالرجوع إلى النظام الأساسي للوظيفة العمومية في فصله الأول نجد أنه يقر بحق كل مواطن في الولوج إلى الوظائف العمومية على درجة المساواة ، وعلى الحق في الترقي والحق في اسناد المهام و المسؤوليات.
فإذا كان المشرع المغربي قد أعطى الحق و الضمانات الأساسية للموظف في الترقي و في تقلد مناصب المسؤولية ، فإن التشريعات الدولية والتي صادق عليها المغرب أعطت المزيد من الضمانات لتحسين هذه الحقوق ومنها :
-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 21 الذي ينص على حق كل شخص بالتساوي مع الاخرين في تقلد الوظائف العامة في بلده.وهو ما تم تأكيده في العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية في مادته 25.
-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية في مادته 7 التي تنص بشكل صريح على إقرار الدول لحق كل فرد في فرص متساوية بالنسبة إلى ترقيته ، في عمله إلى مستوى أعلى مناسب دون خضوع في ذلك لأي اعتبار سوى اعتبارات الترقية والكفاءة .
لكن، و للأسف، فالممارسات الحالية تختلف من مديرية لأخرى في مسألة التأويل الموحد للمواد المشار إليها سابقا في المرسوم 2.11.681 مما يفتح المجال للسلطة التقديرية التي تحتاج للعقلنة، بدل الاعتبارات الذاتية ، من خلال تقديم التعليلات التي كانت وراء اتخاذ قرار عدم السماح بالترشيح بناء على السلطة التقديرية لرئيس الإدارة . وأيضا بناء على شفافية المسطرة التي تستوجب توضيح المعايير بشكل دقيق و الإعلان عن أعضاء لجنة الانتقاء و نشر محاضر الانتقاء الأولي و الإعلان عن أعضاء لجنة التعيين ونشر محضر لجنة التعيين.
إن سوء استعمال السلطة التقديرية والتأويل الخاطئ لمقتضيات النصوص القانونية ، يعد إخلالا للإدارة بالالتزامات الوطنية والعالمية لحقوق الانسان و بالتدابير المتعين احترامها في انتقاء المترشحات والمترشحين لشغر مناصب المسؤولية سوى على المستوى الاقليمي او الجهوي ..
وبالتالي ، أعتقد ان ما قامت به بعض المديريات حين حرم مديري المؤسسات التعليمية من الترشح لتقلد منصب مدراء إقليمين أو رؤساء مصالح أو رؤساء أقسام في بعض المديريات ألحق ضررا للمعنيين بالأمر من خلال حرمانهم من تقلد هذا المنصب و بالتالي حرمانهم من نفع أو تفويت كسب أو الحصول على منفعة معينة احتمالا بغض النظر عن احتمال نجاحه أو عدمه .
و الحال أن التجارب أبانت عن كفاءة مديري المؤسسات التعليمية المترشحين و المتوفرة فيهم الشروط المنصوص عليها في تدبير المصالح والأقسام والمديريات وفي تنزيل مشاريع الإصلاح.
وفي هذا الصدد ، فقد كانت الوزارة على حق حين أعطت الفرصة لهذه الكفاءات لتقلد مناصب المسؤولية حين كانت هي المشرفة على ذلك قبل تفويض هذا الاختصاص للأكاديميات ، وكانت أيضا محقة عندما ربطت المسؤولية بالمحاسبة وعلى نهج اسلوب الشفافية في التدبير انسجاما مع مقتضيات الدستور .
لقد حان الوقت لإعادة الاعتبار لمديري المؤسسات التعليمية وإعطائهم الفرص لتطوير مسارهم المهني والتدرج من مدير مؤسسة الى مدير إقليمي الى مدير جهوي إلى مدير مركزي بناء على معيار الكفاءة والمصداقية والشـفافية
والمساواة.
ومن جهة أخرى ، لقد حان الوقت لتحيين المرسوم المشار اليه اعلاه وجعله اكثر شفافية وأكثر مساواة لتفادي كل التأويلات الخاطئة لمنطوقه لأن النقاش حول هذا الموضوع يدخل في إطار المجهود الجماعي لتكريس الشفافية وتمكين الإدارة من أطر ذات كفاءة .
فبغض النظر عن الجانب الحقوقي ، فان علم التدبير يعتبر أن أكبر عدو للابتكار و الابداع هو شعور الموظفين بوجود قيود و مثبطات أمام الترقية في المناصب وأكبر تهديد للمردودية هو احداث الأعطاب في المصعد الإداري .