كريم مولاي: الحراك الجزائري في ذكراه الثانية..أمل متجدد 

كريم مولاي: الحراك الجزائري في ذكراه الثانية..أمل متجدد  كريم مولاي
عامان مرا على إنطلاق الحراك الشعبي المنادي بالحرية والانتقال الديمقراطي في الجزائر.. الشعار الأساسي للحراك المتمسك بالدولة المدنية وإعادة العسكر إلى ثكناته مازال هو ذاته.. 
نجح الحراك في وقف العهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بل وأنهى حكمه على عجل.. وما فتئ أن امتد ليكشف عن خبايا وأسرار عصابات الحكم المتصارعة على ثروات الشعب الجزائري.. 
نجح قائد الجيش السابق الجنرال قائد صالح في ترجيح الكفة لصالحه مرحليا والقى بخصومه في جناحي الرئاسة والمخابرات في غياهب السجون، قبل أن يتمكن منه مرض مفاجئ ويرحل إلى عالم الغناء، حاملا معه أسرار مرحلة طويلة ليس فقط من حكم الجزائر ونهب ثرواتها وإنما من علاقات الجزائر الاقليمية والدولية. 
وإذا كانت جائحة كورونا التي القت بظلالها على جميع دول العالم مخلفة ملايين الضحايا بين قتلى ومصابين وفاقدي شغل، قد أوقفت مظاهرات الحراك مرحليا، فإنها لم تخمد نيران الصراع الداخلي بين أجنحة الحكم.. فقد عاد رب الجزائر، الجنرال التوفيق، كما كان يسمي نفسه الى وضعه الطبيعي، متحكما في إدارة دواليب البلاد من وراء الستار، وذلك بعد أشهر قليلة من أنتخابات رئاسية مشكوك في نزاهتها وغير معترف بها من غالبية الشعب الجزائري..
ولقد ابتلى الله الجزائر، ليس فقط بالعصابات الفاسدة والمتصارعة وبالوباء وتداعياته، وإنما أيضا برئيس علاوة على أنه مشكوك في شرعيته الانتخابية فانه مصاب بعدة أمراض تحول بينه وبين المتابعة المباشرة لأوضاع البلاد ومشاغلها..
عامان مرا على انطلاق الحراك، ومازال النفس التحرري على اشده.. 
ومع أن الرئيس تبون وعصابته قد تقدموا بخطوات لإحداث انفراج نسبي في البلاد مثل حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، والإفراج عن معتقلي الحراك، والتعهد بالإقدام على تقديم خطوات اقتصادية إصلاحية، فإن ذلك لم يقنع الشعب الجزائري الذي يستعد لإحياء ذكرى انطلاق الحراك الثانية بمسيرات مليونية.. 
ما لم يفهمه قادة العصابة المكشوفة أسماؤهم أو المخفيين الذين يحركون الوضع من وراء حجاب أن مرحلة ما بعد حراك فبراير ليست كما قبلها، وأن الشعب الجزائري ونخبه السياسية الحقيقية وطبقة الشباب قد اسقطت حاجز الخوف، وأن التلويح بالعصا الأمنية لم يعد يرهبهم، وبالتالي فإنه لا مناص امامهم إلا التجاوب مع تحول حقيقي ينهي عسكرة الدولة، أو قل يعيد الدولة المختطفة إلى أهلها..
أقول هذا الكلام في الذكرى الثانية لانطلاق الحراك من موقع الخبير بواقع التطاحن القائم بين أجنحة العصابة أولا، وأيضا من موقع المطلع على أن من يحكم الجزائر هم موظفون لقوى دولية استعمارية مازالت مصرة على رهن الجزائر وثرواتها لمصالحها الخاصة، وهو وضع لا اعتقد أن الأجيال الجزائرية الجديدة في وارد أن تستمر في القبول به.. 
ولعلها مناسبة أخرى لأجدد ثقتي بالمستقبل وبأن المقبل من أيام الجزائر سيكون أفضل، متى ما كان الشعب سيد نفسه بعيدا عن الوصاية الدولية الاستعمارية.. 
كل عام والجزائر إلى الحرية أقرب..
كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ لندن