عبد السلام المساوي: 20 فبراير.. تحالف بين نزعة خرافية ظلامية ونزعة يسارية عدمية

عبد السلام المساوي: 20 فبراير.. تحالف بين نزعة خرافية ظلامية ونزعة يسارية عدمية عبد السلام المساوي

عشر سنوات بالتمام والكمال مرت على احتجاجات 20 فبراير 2011. بقدر ما بدأت حركة 20 فبراير مستقلة، غير قابلة للاختراق، بقدر ما تعرضت للعديد من التحديات، التي عصفت بالمكتسبات السياسية الكبيرة التي حققتها منذ انطلاقها، ولعل أبرز ما اعترض طريق الحركة الشبابية، هو التحالف الهجين بين الإسلاميين واليساريين، وغيرهما من التنظيمات التي حاولت الركوب على موجة الحركة وقتلتها في حجر الإيديولوجية...

 

القواسم المشتركة بين نزعة خرافية باهتة ظلامية ونزعة يسارية عدمية، القواسم المشتركة بين هاتين النزعتين افتقادهما لروح الانتماء إلى الوطن، وهول فقدان الثقة العدمي في المؤسسات، ومحاولة الهروب إلى الأمام من خلال الاختباء وراء نزعة ثورية منفصلة عن الجماهير الشعبية التي يتوهمون التحدث باسمها...

 

ولأجل الوقوف على التناقض بين الشعار والتطبيق؛ عندما يعجز اليسار العدمي عن لم الجموع حوله، وعندما يقتنع أن العنوسة الجماهيرية ضربته في مقتل، يلجأ لعشاق الزيجات المتعددة أي للتيار الديني الظلامي المتطرف لكي يخرج له آلاف من الناس في الشوارع لئلا تبدو المظاهرات صغيرة وغير قادرة على قيام جماهيري، وغير متمكن من عنفوان ودليل عافية حقيقي في الشارع ..

 

لقد اختار اليسار العدمي التخندق مع قوى الخرافة... قوى الرجعية والظلام... وهنا استحضر لينين (اليسار المتطرف يلتقي موضوعيا مع اليمين المتطرف) !!!

 

مطلع عام 2011، تجمع شباب مغاربة من تنظيمات سياسية ومستقلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، فأطلقوا حركة "20 فبراير" وخرجوا إلى شوارع المملكة، مطالبين بإصلاحات سياسية، ودستورية وقضائية، في سياق الحركات الاحتجاجية التي عرفتها دول أخرى تحت مسمى "الربيع العربي ".

 

الملك محمد السادس تجاوب مع المطالب الشبابية، وألقى خطابا يوم 9 مارس الموالي، وعد فيه بإصلاحات دستورية، لتتشكل بالفعل لجنة لمراجعة الدستور، خطاب كان له وقع كبير وايجابي على الشعب المغربي وعلى النخب السياسية.

 

وقد تراجعت حدة الاحتجاجات إثر إقرار دستور جديد، في يوليوز 2011، وتنظيم انتخابات مبكرة، في نونبر من العام ذاته، وتم تشكيل حكومة جديدة، بقيادة حزب العدالة والتنمية، بعد أن تصدر الانتخابات.

 

الحركة كانت تضم عناصر ضعفها، فهي لم تحتكم إلى رؤية محددة تبني لها التصور والاستراتيجية، بل كانت حركة عفوية بامتياز، زيادة على "اختراقها" من تنظيمات متباينة الأهداف، كان لكل واحدة منها أجندتها الخاصة في وجه الدولة.

 

كل هذا جعل الحكومة ممثلة في الناطق الرسمي باسمها، تتهم صراحة جماعة العدل والإحسان والتيار السلفي، فضلا عن حزب النهج الديمقراطي اليساري الراديكالي، بالركوب على حركة 20 فبراير، واستغلالها لإثارة "اضطرابات " في البلاد .

 

حركة 20 فبراير، اليوم، أصبحت ذكرى تخلد كباقي المحطات الكبرى في البلاد، فهي حدث غير مستمر، لكن الاحتجاجات أخذت تمظهرات وتعبيرات جديدة، مثل أشكال الألتراس (كلمة لاتينية تعني التطرف)، و(موسيقى) الراب، ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث ولدت حركة 20 فبراير نفسها، بالإضافة إلى الحركات الاجتماعية المختلفة.

 

اليوم الجماعة التي كانت تقول إنها تريد الهدوء في المغرب وتعرف معنى الأمن والأمان، تسطو على كل الحركات الاحتجاجية، من أكثرها عدلا وشرعية إلى أكثرها إبداعا في اللامعقول لكي تقول لمن يريد سماعها "أنا سأصب زيتي على أي جمرة نار اشتعلت في أي مكان، لأنني فهمت أن هذه هي الطريقة الوحيدة لكي أنال نصيبي من القسمة ".

 

الجماعة تتربص بكل وقفة احتجاجية، وشكل نضالية، أو مسيرة بمطالب عادلة، وتندس وسطها، وتغير مجراها كي تتحول إلى دماء واعتقالات، ثم تبتعد خطوات، وترفع شارات النصر، في انتظار "قومة" جديدة.

 

الجماعة، التي كانت تقول أنها تريد التربية فقط، تريد اليوم بالعربية الواضحة، ومنذ هبت رياح ذلك الربيع المضحك على العقول الخريفية أن تكون لها الغلبة، وأن يكون الأمر لمن يقودونها.

 

- عبد السلام المساوي، قيادي اتحادي/ وجدة