أردوغان يرفع "راية" التهدئة مع أوروبا استباقا لتوتر العلاقة مع إدارة بايدن

أردوغان يرفع "راية" التهدئة مع أوروبا استباقا لتوتر العلاقة مع إدارة بايدن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (يمينا) والرئيس التركي رجب أردوغان

يستبق الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض قد يكون أكثر عدائية  تجاه أنقرة، عبر سعيه إلى تهدئة علاقات أنقرة مع الاتحاد الأوروبي بعد سنوات من التوتر.

 

وفي مؤشر إلى استيائها من دبلوماسية تركية ترى أنها تزداد عدوانية، اتفقت الدول الأوروبية في دجنبر 2020 على فرض عقوبات على أنقرة على خلفية التنقيب أحادي الجانب عن الغاز في شرق المتوسط.

 

وأثارت تركيا استياء شركائها الغربيين أيضا عبر تدخلها في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وبدعمها أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا في منطقة ناغورني قره باغ.

 

لكن بعد أشهر من الخلافات التي كانت ذروتها مبادلات كلامية مهينة بين إردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، يؤكد الرئيس التركي أنه يرغب في "فتح صفحة جديدة" في العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

 

وتبادل أردوغان وماكرون رسائل في، الأيام الأخيرة، في ما قد يعد  مؤشرا إلى مصالحة بينهما.

 

ومدت أنقرة اليد أيضا إلى أثينا بدعوتها إلى محادثات مقررة أواخر يناير 2021 بشأن التنقيب عن موارد الغاز والنفط في المتوسط.

 

ويشير دبلوماسي أوروبي إلى أن تركيا خففت من حدة نبرتها لأنها "لا يمكن أن تسمح بتصاعد للتوتر مع الولايات المتحدة وأوروبا في وقت واحد، لا سيما وأن اقتصادها في وضع هش".

 

في الواقع يعتمد الاقتصاد التركي على أوروبا بشكل كبير. وبين 2002 و2018، شكلت دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 مصدر ثلثي الاستثمارات المباشرة الخارجية في تركيا. إلا أن الخلافات أسهمت في خلق مناخ من عدم الاستقرار لينعكس قلق المستثمرين تراجعا لسعر الليرة التركية التي خسرت خمس قيمتها أمام الدولار في 2020.

 

وبعدما استبعد صهره من وزارة المالية في نوفمبر الماضي، ضاعف أردوغان من تلميحات حسن النية تجاه أوروبا، متعهدا  خصوصا  بتعزيز دولة القانون.

 

وتشير إلكيه تويغور، الباحثة في المعهد الألماني للعلاقات الدولية والقضايا الأمنية، إلى أن أردوغان وكونه معزولا  "يبحث عن الأصدقاء حيث يمكن أن يجدهم".

 

ولهذا الغرض، عقد إردوغان ووزير خارجيته يوم الثلاثاء الماضي اجتماعات مع سفراء الدول الأوروبية.

 

والصعوبات الاقتصادية هي الدافع الأساسي لتركيا في مقاربتها الجديدة، إلا أن انتصار بايدن يبدو أيضا  عاملا  حاسما  في هذا الإطار.

 

وبينما أنشأ اردوغان علاقة شخصية مع ترامب سمحت لأنقرة بتفادي عقوبات مشددة على خلفية حملاتها العسكرية في سوريا وشرائها لصواريخ روسية، تتوقع تركيا أن تكون الإدارة الجديدة أكثر برودة  تجاهها.

 

ويرى الدبلوماسي الأوروبي أن "فوز بايدن غير المعطيات بالطبع وتركيا تتوقع أن تكون الإدارة الجديدة أقل مرونة".

 

وتوضح سينيم آدار من مركز الدراسات التطبيقية حول تركيا في برلين أنه "يمكن تفسير" الدعوة إلى التقارب مع الاتحاد الأوروبي "على أنها وسيلة للاستعداد" لتولي بايدن مهامه. إلا أنها ترى أن محاولات التهدئة التي تقوم بها أنقرة تفسر أيضا بـ "الضغط الداخلي المتصاعد" على أردوغان "بسبب المشاكل الاقتصادية التي فاقمها الوباء" و"تراجع في شعبية" حزب الحركة القومية حليف الرئيس التركي.

 

وعلى الرغم من أن المسؤولين الأتراك يواصلون تصريحاتهم الإيجابية تجاه أوروبا، يطرح المحللون تساؤلات حول التدابير الملموسة التي ستكون أنقرة على استعداد لاتخاذها في هذا الصدد.

 

ولتتمتع تركيا "بمصداقية لدى الاتحاد الأوروبي، على أنقرة تغيير المسار" في مجال احترام دولة القانون، كما ترى آدار، لأن سجن العديد من المعارضين وشخصيات المجتمع المدني شك ل مصدر قلق كبير بالنسبة للغرب.

 

وتعتبر تويغور أن هذه المسألة هي "العائق الحقيقي" أمام تحسين العلاقات، مضيفة  أن أوروبا تنتظر "دليل حسن نية" من جانب إردوغان.

 

من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي، تبقى تركيا شريكا لا غنى عنه لا سيما بسبب موقعها الجغرافي ودورها في إدارة تدفق المهاجرين نحو أوروبا.

 

ويشير الدبلوماسي إلى أن "العديد من الدول الأوروبية تريد تهدئة الأوضاع، لأن التوتر (...) لا يخدم لا مصالح تركيا ولا مصالح أوروبا". لكنه يضيف أن محاولات تركيا للتقارب تثير حاليا "العديد من الشكوك".