يوسف لهلالي: وأخيرا تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي.. ورغم الاتفاق يستمر الغموض

يوسف لهلالي: وأخيرا تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي.. ورغم الاتفاق يستمر الغموض يوسف لهلالي

وأخيرا تغادر بريطانيا  فضاء الاتحاد الأوروبي، في أشهر وأطول طلاق سياسي واقتصادي في التاريخ تتبع فصوله الإعلام الأوروبي والعالمي منذ الاستفتاء الشعبي الذي أقر مغادرة بريطانيا من الاتحاد الجمركي الأوروبي ومؤسسات بروكسيل. وهو انفصال عصف بالعديد من الحكومات البريطانية، نظرا لعجزها عن إيجاد اتفاق مع الأوروبيين ولعدم فهم العديد من البريطانيين جدوى هذا الخروج من أوروبا الذي يخلق لهم مشاكل أكثر من المزايا التي يجلبها. وغادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا في يناير بعد استفتاء أحدث انقسامات عميقة في 2016، فكانت أول دولة تنفصل عن المشروع السياسي والاقتصادي الذي ولد تزامنا مع إعادة بناء القارة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

 

وقد أعلن المسؤولون الأوروبيون والبريطانيون على نجاحهم في التوصل إلى انفاق تاريخي من أجل تدبير البريكسيت، وسارع قادة من أنحاء القارة للإشادة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة ويزيح الخطر من إمكانية خروج بريطانيا من التكتل من دون قواعد متابعة بعد 47 عاما من التاريخ المشترك.

 

واعتبر الجانبان أنه من شأن هذا الاتفاق، المؤلف من 1246 صفحة، الحيلولة دون فرض رسوم جمركية وحصص على مبادلاتهما التجارية، وإغلاق المياه البريطانية أمام الصيادين الأوروبيين ووضعية إيرلندا وجيل طارق. وهو ما يجعل العديد من نقط الغموض في هذا الاتفاق التاريخي تستمر  وتم إرجاؤها إلى المستقبل.

 

في غضون ذلك، اعتبر السيد ديفيد فروست، كبير مفاوضي المملكة المتحدة، في تصريحات، الاتفاق "أحد أكبر الاتفاقات المبرمة على الإطلاق نظرا لأنه لا يشمل فقط البضائع إنما يشمل أيضا الخدمات والطيران والنقل البري والأمن الاجتماعي والتعاون الصحي والحفاظ على النظام"، مشددا على "أنها لحظة تجديد وطني."

 

من جهته، قال السيد ميشال بارنييه المفاوض الأوروبي، في تغريدة على تويتر، إن الاتفاق الذي أعلن عنه يوم الخميس الماضي وسيدخل حيز التنفيذ في 31 ديسمبر الجاري هو "نتيجة لأشهر طويلة من العمل المكثف"، متطلعا لأن يسهم في ارساء علاقات واضحة بين الطرفين.

 

ورغم خطاب التفاؤل الذي عبر عنه الجانبان حول هذا الاتفاق، فإن العديد من جوانب الظل، مازالت مستمرة، وتم تأجيلها للمستقبل، منها ملف الصيد البحري، والوصول إلى المياه البريطانية الغنية، والذي  نص الاتفاق بين الجانبين على إعادة النظر فيه في حدود خمس سنوات، بالإضافة إلى وضعية إيرلندا الشمالية والتي تعتبر جزءا من المملكة البريطانية لكنها سوف تستمر في الاتحاد الاوروبي.

 

هذا الاتفاق التجاري ليوم الخميس بعد عشرة شهور من المفاوضات المكثفة من شأنه أن يخفف من حدة الصدمة الاقتصادية الناجمة عن بريكست.

 

وبفضل الاتفاق، لن تواجه المملكة المتحدة رسوما على التجارة عبر المانش عندما تغادر السوق الأوروبية الموحدة يوم رأس السنة، رغم تخليها عن نصف قرن من الشراكة المتينة. لكن يفقد مواطنوها حرية التنقل مع باقي البلدان الاوربية، وإمكانية العمل كما سوف يطلب من السياح التوفر على  تأمين ورخصة سياقة  معترف بها، كما أن الحواجز الجمركية ستعود إلى الحدود بين الجانبين، ولكن دون رسوم، كما سيتم توقيف برنامج التعاون الطلابي أرسميس وإعادة أداء واجبات الالتحاق بالجامعات لدى الجانبين.

 

في هذا الأسبوع يتعين على البرلمان البريطاني قطع عطلة نهاية العام للتصويت على الاتفاق في 30 ديسمبر. وسيتم تمريره بسهولة على الأرجح نظرا إلى أن حزب العمال المعارض أكد أنه سيدعمه.

وخلال هذه المفاوضات الطويلة والعسيرة كانت هناك نقطتي خلاف أساسيتين بين الجانبين تخصان إيرلندا والصيد البحري.

وأصرت بروكسل على أن الطريقة الوحيدة لإبقاء الحدود البرية بين إيرلندا والمملكة المتحدة مفتوحة هي إبقاء إيرلندا الشمالية، وهي مقاطعة بريطانية، ضمن اتحادها الجمركي.

 

ورفضت الدول الأعضاء التخلي عن حق الوصول إلى مياه الصيد البريطانية الغنية بالثروة السمكية، حيث تستفيد فرنسا وبلجيكا والدنمارك وإيرلندا وهولندا منها بشكل كبير. وتم الاتفاق على التقليص من حصة الصيد التي يقوم بها أوروبيون في غضون الخمس السنوات المقبلة. ليتم إيجاد اتفاق جديد بعد ذلك.

 

وتحاول أوروبا البالغ تعدادهم 440 مليونا في الاتحاد الذي يضم 27 دولة على طي صفحة السنوات الأربع التي شهدت العديد من الأحداث منذ استفتاء بريكست والتطلع إلى المستقبل. وطي صفحة البريكست بشكل نهائي.

 

لكن أوروبا سوف تبقى في حاجة إلى بريطانيا التي كانت شريكا صعبا خلال نصف قرن، وتعتبر الدولة النووية الوحيدة إلى جانب فرنسا، وبعد خروج بريطانيا طرحت قضايا الدفاع المشترك بين الأوروبيين. والمملكة المتحدة لا يمكن تجاوزها في هذا المجال، بالإضافة إلى توافق وجهة نظرها مع بروكسيل حول الاتفاق النووي مع إيران، والموقف من روسيا والشرق الاوسط. بالإضافة إلى وصول رئيس أمريكي جديد لم يساند البريكسيت، هي كلها عوامل تجعل من بريطانيا أكثر قربا من أوروبا رغم الطلاق.