صناع تقليديون مغاربة.. بحث عن مخرج من نفق أزمة كورونا

صناع تقليديون مغاربة.. بحث عن مخرج من نفق أزمة كورونا صناع تقليديون يواجهون تبعات أزمة كورونا

المغرب بلد معروف على صعيد عالمي بواسطة صناعته التقليدية وفنون حرفه اليدوية: زرابي أمازيغية، مجوهرات وحلي فضية، آواني منالسيراميك ومنتوجات جلدية، غير أن هذه الحرف والصناعات التقليدية اصبحت مهددة أكثر بسبب أزمة كورونا..

مزهريات، أواني طبخ، مصابيح بألوان وأحجام ومن مواد مختلفة. عبد الكريم بن عمي، في بداية الخمسين من العمر،يعرض ورشته من خلال جولة، في جهة أمامية منتوجات معروضة للبيع، وراءهاتجري عملية صنع الفخار وفي فناء خلفي تتواجد مواد أولية: طين في لون أحمر، أسود وأبيض على شكل تلال كبيرة متفرقة ..

في ورشة كريم لاتزال صناعة الفخار تتم بطريقة تقليدية وعملية تزيينه في أشكال فنية بواسطة اليد، هذا شئ أصبح ناذرا في "الولجة"، مركب الفنانين الحرفيين في سلا، مدينة في جوار أبواب مدينة الرباط، عاصمة المغرب، مركب يعتبر بمثابة مركز للفن اليدوي التقليدي المغربي..

صناعة الفخار رسالة تتوارث

هو يشتغل في صناعة الفخار منذ أن فتح عينيه على هذا العالم، يقول كريم مازحا، حرفة تعلمها عن والده، الذي أخذها هو الآخر أيضا عن أبيه، ويحكي كريم بنوع من الافتخار أن أخاه الأكبر سار أيضا على نفس الخطى، شئ ناذر حقيقة، لأن الصناعة اليدوية التقليدية تسير في طريق الإنقراض وكثير من الصناع تخلوا عن ممارسة الحرفة، كما أن الشباب لم يعد يراودهم حماس اتجاه هذه الحرفة اليدوية التقليدية المغربية، هي حرفة كان ابنه يجد فيها دائما فرصة عمل ويبدعفيها أيضا..

أكثر من 60 بالمائة من التجار، في تقدير كريم، انشغلوا بالبيع فقط دون أن ينتجوا بضائعهم بأنفسهم، كما أن عدد زبائن صناعة تقليدية جيدة يتناقص بشكل مستمر. مع كل هاته الأزمات التي تتزايد، أزمة بعد أخرى أصبح الناس لايبحثون عن جودة وعن منتوجات لفنانين حرفيين، بل يبحثون فقط عن بضاعة بثمن مناسب، ويضيف كريم، أنه كان، في وقت مضى، يصنع أيضا آواني من السيراميك: صحون وأطباق، قبل أن يأتي الصينيون ليعرضوا "صحون مشابهة" للبيع بثمن الكيلوغرام..

خسارة 95 بالمائة من المداخيل

ثم أتت قبل بضعة أشهر كورونا وتم إغلاق الولجة في إطار "الحجر الصحي"، فخسر الصناع التقليديون المغاربة، خلال مدة "حضر التجوال" التي استمرت ثلاثة أشهر، قرابة 95 بالمائة من مداخيلهم، بحسب دراسة صدرت عن وزارة السياحة..

يشعر كريم بأن الدولة قد تخلت عنه وتركته لمصيره:" حاولت التكيف في البداية مع الوضع من خلال الاشتغال بأدواتي داخل البيت، عملت على أداء نصف الراتب للعمال المساعدين في ورشتي لكي يجدوا مدخولا ماليا لشراء قوتهم اليومي على الأقل، ولكي لانخسرهم نهائيا. وافقوا على ذلك، غير أنني شخصيا لم تعد لي أي مداخيل..

هذا الصانع التقليدي للسيراميك لايعيش لوحده مثل هاته المشاكل، "الحجر المنزلي الصارم" في المغرب دفع بكثيرين نحو "ضيق العيش". تم إغلاق المجال الجوي وإغلاق الحدود، غاب السياح عن الأزقة الضاجة بالحركة والجلبة داخل المدينة العتيقة وبقيت المحلات الصغيرة التي تعرض منتوجات الصناعة التقليدية موصدة الأبواب طوال أسابيع وأشهر..

الصناعة التقليدية فرع مهم في الاقتصاد

تشغل الصناعة التقليدية، حسب وزارة السياحة، حوالي مليوني شخص: صناع زرابي، تجار،صائغو حلي ومجوهرات، وعدد كبير من صانعي الخزف والفخار، مثل كريم، يساهمون ب 7 بالمائة في الناتج الداخلي الخام في المغرب، من خلال رقم معاملات عبر التصدير يناهز 91 مليون يورو..

امرأتان من مراكش أرادتا مواجهة الأزمة، إحداهما نادية نويل، صاحبة محل " شعبي شيك"، معا تبيعان منتوجات "صناعة يدوية تقليدية" قديمة. أزمة كورونا، تقول نويل، دفعتنا نحو فكرة :" مراكش مدينة تنهض مائة بالمائة من خلال دور السياحة، ليس لذينا صناعة، لذلك أطلقنا مشروعا من خلال"هاشتاغ- أنقذوا المدينة ا"..

توجهت هي ومساعدتها نحو العائلات بالمنازل في المدينة وطرقن كل الأبواب وسألن:" هل لذيكم أشياء ترغبون في بيعها ؟ هل يمكن أن نساعدكم من خلالعرضها عندنا ؟ في البداية لم يأخذ البعض هذا بنوع من الجد، تتذكر نويل، " لكن حين أصبحنا نرجع كل أسبوع نحمل إليهم شيكات بمبالغ مالية، فهم كثيرون الأثر".

لقاء بين قديم وحديث

عبر الأنترنيت ومنصات التواصل الاجتماعي تعرض نويل بمعية فريقها، تحت هاشتاغ- أنقذوا المدينة، ألوانا من زرابي، مصابيح و آواني من السيراميك، تم التقاط صور لها بطريقة احترافية، للبيع بواسطة التجارة الإلكترونية في داخل البلد وفي كل مناطق العالم، ويقوم فريق نويل بالإشراف على إرسال المنتوجوإدارةعملية البيع إلى نهايتها في عمل تطوعي، دون أن يتلقى مقابل ذلك أي ربح مادي..

هم يريدون رد شئ من الجميل للصناعة اليدوية التقليدية المغربية، التي تؤثث منذ سنوات محلاتهم النشطة. كما أن لها الآن إلى ذلك، هي وبائعات مغربيات أخريات، فكرة ثانية: هن يردن إطلاق "منصة مغربية عن بعد" على صعيد البلاد خاصة بالصانعات والصناع التقليدين والتجار بهدف المساهمة عبر التجارة الإلكترونية في الحفاظ على صناعة تقليدية مغربية ضاربة قرونا في القدم.

 

*/ ترجمة عن موقعتاغس- شاو الألماني