محمد الطيار: كيف فشلت الجزائر في الوصول إلى المحيط الأطلسي؟

محمد الطيار: كيف فشلت الجزائر في الوصول إلى المحيط الأطلسي؟ محمد الطيار

ثلاث خطط انتهجتها الجزائر وجربت الواحدة تلوى الأخرى، للوصول إلى المحيط الأطلسي من أجل تحقيق هدفها الاستراتيجي الذي يمكنها من عزل المغرب عن إفريقيا بشكل يجعله محصورا وضعيفا، فضلا عن المزايا العسكرية والتجارية بحكم قرب المسافة من الجنوب الجزائري أين تتواجد أغلب الآبار والمناجم مما يمكنها من تصريف منتجاتها الطاقية والمعدنية بأقل تكلفة، ناهيك عن سد نقص السوق المحلية من الأسماك. الخطط الثلاث كان مصيرها الفشل، وخسرت الجزائر في تنفيذيها أمولا طائلة، فضلا عن انكشاف نواياها الحقيقية وأهدافها المبطنة.

 

ا - محاولة السيطرة على منطقة الكويرة:

خطة النظام العسكري في الجزائر من أجل اختراق منطقة ما كان يعرف قديما بشبه جزيرة الرأس الأبيض، والمشكلة حاليا من لكويرة المغربية ونواديبو الموريتانية، ليست جديدة أو وليدة اليوم. ففي سنة 1975، قامت القوات العسكرية الجزائرية بنقل حوالي سبعين عنصرا من مجندي "البوليساريو" بشاحنات جزائرية إلى لكويرة عبر نواديبو، وجندت عدد أخر في عين المكان، ورفعت "البوليساريو" علمها على مدينة لكويرة، غير أنها لم تمكث أكثر من شهر بسبب حربها مع موريتانيا.

 

ب- محاولة الاستيلاء على موريتانيا:

كان الرئيس الجزائري هواري بومدين يدير بنفسه سنة 1974 غرفة عمليات عسكرية في مدينة تندوف من أجل التدخل العسكري في موريتانيا، وفق ما ذكر الرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد داداه في مذكراته. وقد حاول بومدين إقناع ولد داداه، بكل الوسائل، من أجل إقامة فيدرالية بين الجزائر وموريتانيا، تمكن الجزائر من بسط نفوذها على موريتانيا وبالتالي التمركز على شواطئ المحيط الأطلسي .

 

وبعد فشل بومدين في إقناع ولد داداه في إقامة فيدرالية بين الجزائر وموريتانيا، شنت "البوليساريو" عدة هجمات متواصلة من سنة 1975 إلى سنة 1979 ضد موريتانيا، منها هجومين على العاصمة نواكشوط، وضربت السكة الحديدية التي تنقل الحديد من الزويرات إلى نواذيبو، لشل الاقتصاد الموريتاني.

 

وقد تعرضت موريتانيا خلال هذه الحرب للشلل بفعل ضربات "البوليساريو" العسكرية، حيث انتشرت عملياتها  العسكرية من منطقة "النعمة" شرقا على الحدود مع مالي إلى العاصمة نواكشوط ونواذيبو غربا، بل وفي جميع الأراضي الموريتانية لأن أرضها مفتوحة وإمكانياتها محدودة، رغم مساعدة الطائرات الفرنسية في فترة معينة، وحدثت مواجهات في الكثير من المناطق، وتدخلت  الجزائر من الجهة  الشرقية مساندة "للبوليساريو" وقصفت "عين بنتيلي" في المنطقة الشرقية من موريتانيا (عين بنتيلي هي قرية تقع في أقصى شمال موريتانيا في ولاية تيرس الزمور على الحدود مع المغرب على الطريق إلى مدينة تيندوف قبل تفاريتي بنحو 70 كيلومتر). وتوقفت رواتب الموظفين والعسكر بسبب الأزمة الشاملة التي عصفت بالبلد.

 

واستمرت اعتداءات "البوليساريو" المدعومة من الجزائر على موريتانيا إلى أن وقع الانقلاب على المختار ولد داده، فأوقفت "البوليساريو" الحرب من جانب واحد. بعد أن فشلت في الاستيلاء على العاصمة نواكشوط.

 

وقد أكد الملك الراحل الحسن الثاني، في أحد حواراته الصحافية، أن الجزائر اقترحت عليه أنداك أن تتخلى عن "البوليساريو" مقابل إطلاق يدها في موريتانيا، لكنه رفض هذا المقترح.

 

ج- محاولة تقسيم الصحراء المغربية:

اقترحت الجزائر يوم 2 نونبر 2001 بهيوستن، من خلال رئيسها السابق عبد العزيز بوتفليقة تقسيم الصحراء المغربية بين المغرب "والبوليساريو". هذا المقترح الذي يتناقض أصلا مع مبدأ تقرير المصير وأسطورة "إقليم وشعب الصحراء"، الذي تدعي الجزائر الدفاع عنهما، قد اظهر بشكل ملحوظ نواياها وهدفها الأساسي المتمثل في الوصول إلى المحيط الأطلسي من خلال إقامة دويلة صغيرة تكون تحت سيطرتها التامة ولا يهم حجم مساحتها، بعدما أن فشلت سابقا في السيطرة على موريتانيا، سواء من خلال الضغط والتهديد الذي تعرض له الرئيس الموريتاني ولد داداه من اجل إجباره على إقامة نظام فيديرالي مع الجزائر، أو من خلال محاولة السيطرة على العاصمة نواكشوط بواسطة ميليشيات "البوليساريو"  عن طريق عدة هجمات  متواصلة  طيلة أربع سنوات، من سنة 1975 إلى سنة 1979.

وقد رفضت المملكة المغربية بشكل قاطع هذا "المقترح" الغريب الذي تقدمت به الجزائر في مفاوضات هيوستن، والذي كانت ترمي من خلاله تحقيق حلمها للوصول إلى شواطئ المحيط الأطلسي أو "بحر الظلمات" كما كان يسمى قديما.

 

آخر محاولة:

"تدشين أول منفذ للجزائر إلى المحيط الأطلسي" " الجزائر تدشن أول منفذ إلى المحيط  الأطلسي" وهي عناوين لأغلب صحف الجزائر بمناسبة افتتاح طريق تيندوف - الزويرات الموريتانية سنة 2018، حيث عكست بشكل ملحوظ تعطش الجزائر للحصول على منفذ بحري على المحيط الأطلسي، ولم تخف مثلا جريدة "البلاد" الجزائرية أن الهدف من افتتاح هذه الطريق البرية هو الموانئ الموريتانية، حيث تقول: "الموانئ الموريتانية على الأطلسي يمكن أن تعزز التبادلات مع دول أمريكا الجنوبية، إذ تشكل حلا لوجيستيكيا لتصدير المواد المنجمية، على غرار حديد منجم غار جبيلات، بولاية تيندوف الذي يعتبر الأكبر عالميا". وأرفقت بتقريرها خريطة توضح مسار الطريق الممتد من تيندوف إلى ميناء العاصمة الموريتانية نواكشوط.

 

- محمد الطيار، باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية