تيمة الرقص.. أية علاقة بين الحساسية الشامية والمغربية؟

تيمة الرقص.. أية علاقة بين الحساسية الشامية والمغربية؟ هشام متصدق، ومشهد لرقصة شامية
في سياق استمرار، عملية النبش والتوثيق من خلال سلسلة المنشورات المرتبطة بالموروث الثقافي اللامادي (غناء، رقص ،عادات وتقاليد...) التي دأبت جريدة "أنفاس بريس" على نشرها، والتعاطي مع كتابات ثلة من المهتمين بروابط الشأن التراثي الذي تتقاسمه الصحراء المغربية مع الرحامنة.. نقدم في هذه الحلقة الورقة التي أعدها الأستاذ هشام المتصدق حول "تيمة الرقص، من خلال سؤال العلاقة بين الحساسية الشامية والمغربية؟" في أفق أن تستمر الكتابة حول " بلاغة الجسد من خلال الرقص"، في الكثير من المواضيع من الجانب الحضاري، لغاية "إبراز مقومات الثقافة المغربية، التي ينبغي أن نعالجها من زاوية غير الزاوية التي تخلق ألفة مع المناهج المتداولة والمعروفة.. منهجنا لا يكتب فقط بالعقل، بل بالعين، والبصر والبصيرة، وحدوس الناس العاديين". حسب الأستاذ هشام متصدق.
 
الرقص كفعالية فنية، يتخذ من الجسد قناة للتواصل داخل الحياة الاجتماعية، من خلال علامات ودلائل ليست صماء، بل تحمل الكثير من المعاني والدلالات الغنية والثرية،هي ما سمته الزميلة سهام الرجراجي ببلاغة الجسد ،بلاغة تشكل استعاراتها، وصورها الكثير من الجمالية والمتعة، تعطي للحياة الاجتماعية أكثر من بعد، وأكثر من غاية .
لم تكن تلك الصور تتحدد في الجانب الإستطيقي فقط، بل تتعداه إلى الحياة الإجتماعية للتفاعل معها وتروم الفعل لغاية مجتمعية من خلال الجمال وأداته كالرقص.
لقد سخرت الحضارة المغربية كل إمكانياتها لتكون النموذج المتشابه مع ذاته، والمخالف لغيره.
لقد كانت حضارة سعت للتواصل من خلال بلاغة الجسد كبلاغة تعوض الحروف الهجائية، بالوشم، الذي كان عنصرا فارقا ومميزا للأعراق والأنساب القبلية، فكان لكل قبيلة وشمها وطابعها الذي تبتغيه رمزا للإختلاف، وتأسيسا لحضارة قائمة على التعدد،
أدى بنا البحث الموسيقي والأنتربولوجي والحفر الأركيولوجي في الجذور الأولى لأنواع العيوط المغربية، التي تمتاز بقواسم مشتركة كثيرة، كمثل العين الواحدة التي تعطي مجاري مائية متعددة، إلى الغوص أكثر في إمكانية وجود روابط تاريخية أيضا بين الأشكال الموسيقية للعيوط المغربية التي تتسم بالطابع الجماعي، مع أشكال موسيقية ورقصات شرقية تعتمد أيضا المشاركة الجماعية كرقصة الدبكة الفلسطينية بأنواعها، التي تشكلت نتيجة أسباب ودوافع لا واعية طبعت السيكولوجية والتكتيك الجماعي للمقاومة الفلسطينية والمغربية اللتان تمتازان بطابعها الجماعي ضد تحديات الحياة المختلفة، أو من خلال المقاومة بالحركات المواجهة للاستعمار الغاشم الذي يريد سلب الأرض والخيرات وفق الجدل والصراع التاريخي والديني بين الأنا والأخر .
هو أمر عادي ومنطقي يجعل من تأثر الموسيقى والرقص بأشكال المقاومة أمرا بديهيا، بانتقال الشعور اللاواعي لتكتل وإتحاد الجماعة من ساحة الحرب إلى ساحة الفرح والحق الطبيعي في الحياة واستمرارها عبر الأجيال، مع تمرير رسائل مشفرة في نفس الوقت للأخر المستعمر أو المستوطن، في كون أن الإتحاد وفق منطق الجماعة يشكل كينونتنا وهويتنا جميعا ،وأن قواسمه المشتركة كثيرة ومتقاربة في الجوهر رغم وجود بعض الاختلافات البسيطة في الظاهر، سواء دينيا أو موسيقيا أو لهجواتيا .ما يجعل من الثقافة والهوية حصنا منيعا ضد أي حرب ثقافية تستهدف القيم والثقافات وطمس الهوية، بعد انتقالها من الجانب المادي والميداني وتحولها إلى حرب الاستلاب الأفقي كما تحدث عن ذلك كل من كارل ماركس و صديقه إنجلز في المادية الجدلية والمادية التاريخية ،والصراع الحتمي بانتقاله وفق علاقة جدلية من التحتي إلى الفوقي ومن الفوقي إلى التحتي.