رشيد حسناوي: خطاب عيد العرش حث على إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية

رشيد حسناوي: خطاب عيد العرش حث على إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية رشيد حسناوي

تضمن خطاب العرش، ليوم 29 يوليوز 2020، توجيهات ملكية تتعلق بإطلاق "خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها". كما أكد الخطاب الملكي على "ضخ 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وهي نسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة".

وحث الخطاب الملكي على "الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية".

في هذا السياق، حاورت "أنفاس بريس"، د. رشيد حسناوي، خبير اقتصادي وأستاذ باحث بجامعة ابن طفيل القنيطرة، وجاءت أجوبته كالتالي:

 

+ ما هي التحديات التي تواجه قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب؟

- بداية أود أن أركز  على شيء مهم هو الغموض الكبير والخلط السائد عند عموم المواطنين فيما يتعلق بالمفاهيم الخاصة بالمؤسسات العمومية، لأنه لا طبيعتها القانونية ولا الخصائص الاقتصادية للإنتاج ولا الأهداف التي تسعى إليها هذه المقاولات توفر معايير مضبوطة تمكن، دون غموض، من معرفة ما إذا كانت المقاولة أو المؤسسة عمومية أم لا.

هذه المؤسسات توجد في أوضاع قانونية مختلفة: الوكالات، المؤسسات العمومية ذات الطبيعة التجارية والصناعية، الشركات الوطنية، شركات الاقتصاد المختلط... كل هذا يخلق نوعا من البلبلة في عقول عامة الناس بل وحتى المثقفين منهم. بعض هذه المؤسسات في حالة منافسة قوية، بينما تتمتع أخرى بالاحتكار في أنشطتها الاقتصادية. ثم هناك مؤسسات أخرى  تؤدي مهمة  الخدمة العمومية.

تتميز كل هذه المؤسسات بتنوع الظروف التاريخية التي حدثت فيها عمليات التأميم، وقد أبرزت التطورات التقنية والاقتصادية والأزمات المتوالية عدم تجانسها ومشاكل كبيرة في حوكمتها الإدارية والمالية.

فالمقاولات العمومية تواجهها ثلاث تحديات رئيسية: المردودية الضعيفة والمنافسة وارتفاع تكاليف الطاقة (حالة الخطوط الملكية المغربية) إضافة إلى أزمة كوفيد19 التي أدت إلى توقف الرحلات الجوية، وانخفاض رقم المعاملات بشكل غير مسبوق ثم ارتفاع تكلفة الاستثمارات والمديونية (36 مليار درهم هو حجم ديون  الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب سنة 2018).

وقد جاء الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد لسنة 2020، ليؤكد على ضرورة "الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية". لذلك دعا جلالة الملك إلى "إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية".

لذلك فالحكومة مطالبة اليوم باتخاذ إجراءات فورية من أجل تنزيل التوجيهات الملكية السامية التي جاء بها خطاب العرش، والتي تتعلق بخطة الإنعاش الاقتصادي للمغرب، بحيث سيتم ضخ 120 مليار درهم منها 45 مليار درهم مخصصة لصندوق الاستثمار الاستراتيجي الذي ستكون مهمته تمويل المشاريع الاستثمارية ودعم رساميل المقاولات في القطاعين العام والخاص. هذا الصندوق سيتم إحداثه في إطار حساب مرصد لأمور خصوصية.

 

+ وفق ما جاء في الخطاب الملكي، ما هي في نظرك الاختلالات التي يعرفها قطاع المؤسسات العمومية؟

- أولى الخطاب الملكي عناية كبيرة لإصلاح القطاع العام خاصة المؤسسات والمقاولات العمومية، تتركز بعض نقط الضعف التي تعرفها هذه الكيانات في ما يلي:

أولا، هناك الاعتماد الكبير على إمدادات الدولة التي تأتي من الميزانية العامة للدولة، فحسب أرقام وزارة الاقتصاد والمالية تم رصد أكثر من 36 مليار درهم لفائدة المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

ثانيا، هناك مشكل البلقنة وتضاعف عدد المؤسسات العمومية وبطء عملية تسجيل التجمعات فيما يخص المؤسسات ذات الطابع التجاري والصناعي.

ثالثا، تأخر عملية تصفية مجموعة من المؤسسات، للإشارة هناك أكثر من 70 وحدة استمر مسلسل تصفيتها لأكثر من عقد.

وأخيرا هناك مشاكل مالية تتخبط فيها مجموعة من المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع التجاري مما يؤدي إلى الحاجة المتزايدة لدعم الدولة وإلى ضماناتها عند اللجوء إلى الاقتراض لمواكبة تطورها واستمرارية خدماتها.

 

+ ما هي التدابير التي سيتم اتخاذها لإنقاذ هذا القطاع مستقبلا؟

- من أجل الرفع من نجاعة وفعالية هذه المؤسسات ومعالجة الاختلالات التي تم رصدها من قبل جلالة الملك، هناك نوعين من التدابير :بالنسبة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري المدعومة من طرف الدولة، سيتم حل وتصفية مجموعة من هذه المؤسسات "غير الضرورية" وتسند بعض مهامها للقطاعات الوزارية الوصية، فيما سيتم تجميع بعض المؤسسات العمومية الاستراتيجية.

أما بالنسبة للنوع الثاني، المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي والمالي، من الضروري تقليص التبعية المالية لميزانية الدولة، وتحسين مساهمتها في ميزانية الدولة. للإشارة فحسب إحصائيات الخزينة العامة للمملكة ليناير 2020 لم تساهم مجموعة من المؤسسات والمقاولات العمومية ولو بدرهم واحد في الميزانية العامة للدولة سنة 2019 (أخص بالذكر، المكتب الشريف للفوسفاط، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وصندوق الإيداع والتدبير).

إضافة لكل هذا سيتم ولأول مرة، إحداث وكالة لتدبير المساهمات التجارية والمالية للدولة في المؤسسات العمومية، مما يعني تعزيز دور الدولة كمساهم، تحسين الحكامة المالية وتتبع نجاعة وأداء هذه المؤسسات.

وهذه بعض الأمثلة للتدابير المرتقب اتخاذها في المستقبل القريب:

* دمج وكالة التنمية الاجتماعية مع التعاون الوطني ومكتب تنمية التعاون وصندوق المقاصة.

* تحويل المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني والوحدات التابعة له إلى القطاع الخاص.

* حل وكالات التنمية الثلاث (الجنوب، الشمال والشرق) نظرا لأن استمرارها لم يعد مبررا.

أخيرا، دمج كل من: الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، والمكتب الوطني للسكك الحديدية والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجستيكية وصندوق تمويل الطرق والوكالة الوطنية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية.