سعيد رحيم: فضيحة الرميد وأمكراز وتماسيح مغارة علي بابا

سعيد رحيم: فضيحة الرميد وأمكراز وتماسيح مغارة علي بابا سعيد رحيم
عندما طلب مني المساهمة في هذا العدد من جريدة "الوطن الآن"، انطلاقا من اهتمامها المعتاد بجديد الشأن العام في المغرب، بمقالة حول بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بشأن واقعة عدم التصريح بمستخدمي مكتبي المحاماة التابعين للرميد وزير حقوق الإنسان وأمكراز وزير الشغل، لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لم أجد غضاضة في ذلك وأعطيته وعدا بالالتزام.
لكن بعد إعادة قراءتي لنص البلاغ المشار إليه، والذي يبرئ ذمة المعنيين بالأمر بعد إقراره انتهاكِهما للقانون، وجدت نفسي أمام بلاغ لا يستحق، في الواقع، إخضاعه لتحليل أو لقراءة سميائية ولا "سماوية" ولا حتى لقراءة سياسية، على اعتبار أنه بلاغ صادر عن مؤسسة حزبية سياسية، كان يفترض فيها التحلي بشجاعة الالتزام عمليا بما تتشدق به نظريا!
هذا البلاغ، عند صدوره لم يلفت نظري ولا حتى شكل بالنسبة لي، على الأقل، حدثا أو مفاجأة.
وقد سبق لي غداة إعلانهم استعداد لجنة الشفافية والنزاهة التابعة للحزب، النظر في الواقعة المذكورة، أن ساهمت بقولة مختصرة مُدونة في مواقع التواصل الاجتماعي بما يلي:
"إنهم سيجدون تخريجة لأخيهم يغرق فيها الأحياء والأموات"، كناية على الراحلة جميلة بشر، السكرتيرة قيد حياتها، بمكتب السيد المحامي الوزير، والتي عُلم من أسرتها- فور الوفاة أنها غير مسجلة بالصندوق الاجتماعي، رغم اشتغالها بمكتبه لما يقارب ربع قرن. وهذا ما فجر نفس فضيحة زميله في الحزب وفي المهنة وفي الإستوزار.
بلاغ حزب السلطة، الحزب الذي بنته على مهل، بعد أن تلطخت يده بدماء شهداء الصف التقدمي المغربي - على غرار ما اقترفته أيادي إجرام الإخوان المسلمين في بلدان عربية - بلاغ، بكل بساطة، يشهر صورة مشوهة عن الدولة؛ أهو حزب الدولة أم دولة حزب؟ أهو طائفة أم نعرة طائفية "نائمة"؟
بلاغ يعود من جديد ليخلق شرخا كبيرا في منظومة استقلالية السلط، المبيَّنة في الدستور. وعلاوة على كل ذلك يكرس بلاغ هذا الحزب/السلطة؛ ما عرف عنه من انهيار لمنظومة الأخلاق عموما وليس الأخلاق السياسية فقط.
وبعيدا عما سماه في بلاغه السالف الذكر "محاولات ركوب البعض على الواقعتين من أجل شن حملة منهجية ومنسقة استهدافا للحزب ومحاولة للنيل منه ومن قياداته"، يمكن القول أن ما راكمه هذا الحزب، الموظف السامي عند السلطة؛ من مواقف وقرارات منهجية، مجحفة وخانقة لحقوق الطبقات الشعبية المغربية في مجالات الصحة والتعليم والمحروقات والطاقة والماء والكهرباء والنقل والضرائب المباشرة وغير المباشرة ... ناهيك عن حالات التدني الأخلاقي المشاع بين معظم أعضائه فهي كافية للنيل منه ولا حاجة بأحد لشن حملة ضده، بهذا المعنى القدحي للكلمة.
قضية السكرتيرة الراحلة كانت فقط مناسبة لإخراج ضحايا كثر من بطون التماسيح والتمساحات المتوالدة في مغارة حزب علي بابا.