عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط : بهذه الشروط يمكننا رفع الحجر الصحي

عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط : بهذه الشروط يمكننا رفع الحجر الصحي عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط

مع انتهاء الشهر الثاني من الحجر الصحي في الأيام القليلة القادمة، بدأ العد العكسي يقترب ويستعد المسؤولون ببلادنا من وضع آخر اللمسات على مقترح خطة لرفع حالة الطوارئ الصحية تمهيدا لعودة الوضع الطبيعي تدريجيا، شريطة أن يتزامن ذلك مع تطور واستقرار الوضع الوبائي لفيروس كورونا، فقرار رفع الحجر الصحي، هو من القرارات الصعبة، والتي تتطلب مسؤولية كبيرة وجسيمة، يتعين على جميع مكونات المجتمع الانخراط فيها كل من موقعه، خصوصا وكل المغاربة يثمنون عاليا المكتسبات التي حققتها بلادنا تحت رعاية  الملك محمد السادس، مكنتنا اليوم أن نفتخر بما حققناه من منجزات في حربنا على هذا الوباء، مكنتنا من الوصول إلى المؤشرات التي تسمح لنا في الأفق القريب برفع الحجر بشكل تدريجي، معتمدين على الوسائل الوقائية الضرورية لنظل في مأمن من خطورة هذا المرض، وبما يضمن لنا أيضا، استئناف النشاط الاقتصادي تدريجيا، لضمان قدرة بلادنا والشركات على التكيّف بشكل صحيح مع كل الإجراءات التي يمكن اتخاذها إيذانا برفع الحجر الصحي بشكل مدروس ومتدرج، وبما يسمح بزيادة الأنشطة التجارية والاجتماعية في أمان تام، وبناء على خطة صحية تستهدف تعزيز قواعد الصحة والسلامة في أماكن العمل، وفي الشارع العام، وداخل الأسر المغربية، ويسمح بالعودة المتدرجة لبعض التجمعات المحدودة، في تلاءم دائم مع تطور الوضع الوبائي ومع الالتزام بمسافة الأمان، تمهيدا لتخفيف قيود السفر بين المناطق الأقل خطورة، وإعادة فتح الحدود الخارجية تدريجيا بإذن الله.

مع مطلع تباشير الخير، ونجاح بلادنا والحمد الله من أجل تطويق انتشار هذا الوباء، بفضل الإجراءات الاحترازات الاستباقية التي تم اعتمادها مبكرا، أجدني أشعر بسعادة كبيرة، أن أتقدم إليكم أحبتي، ببعض من مقترحاتنا التي نأمل أخذها بعين الاعتبار، وبلادنا تستعد للإعلان عن خطة الرفع التدريجي للحجر الصحي وعودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

إننا نعتقد أولا أن قرار رفع الحجر الصحي يجب أن يكون مقرونا بخطة يتم فيها تقسيم بلادنا إلى ثلاث مناطق، في استحضار لمجموعة من المعطيات الصحية والإدارية.

منطقة (أ)

- الرفع الكلي بالنسبة للمناطق التي تخلوا من المرض والالتزام بالضوابط الصحية، و الأخذ بعين الاعتبار مداخل ومخارج المدن والمناطق بتشديد الإجراءات بالسماح فقط لتدفق السلع والسماح بممارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدمات الأساسية فيها. والسماح للمسنين والأطفال بالخروج لوقت معين

منطقة (ب)

- الرفع الجزئي بالنسبة للمناطق التي يبلغ عدد الإصابات بها بشكل متوسط وفق الضوابط الصحية المعتمدة، مع الإبقاء على حالة الطوارئ، والاستمرار في عدم الدخول والخروج بالنسبة لهذه المنطقة.

منطقة (د)

تنقسم لقسمين قسم (د - أ) التي من الممكن أن ترفع فيها الاجراءات إذا ما انخفضت بها معدلات الإصابات، وإذا ما ظهرت فيها بؤر... مع الابقاء بورقة الخروج، وحالة الطوارئ.

منطقة (د- ب) عدم رفع الحجر الصحي بشكل كلي والتشديد فيه بشكل صارم، مع تطويق البؤر التي توجد بالأحياء والأخذ بعين الاعتبار أن فردا واحدا من كل أسرة بالتزام يعبئ عن طريق استمارة من الانترنيت ورسالة نصية على هاتف المعني بالأمر تثبت صحة المعلومات.

شروط مسبقة لرفع تدابير الحجر :

الحرص على أن يتم تسجيل تراجع مثبت في حالات الإصابة، توحي لمدة كافية باستقرار المنحنى بعد تسطيحه، بالإضافة ألى تسجيل انخفاض ملموس في حالات الإصابة الخطيرة في أقسام الإنعاش في المستشفيات.

- دعم الطواقم الطبية والسماح لها بالتقاط أنفاسها بعد الجهود المكثفة التي بذلتها، والسماح للمستشفيات بإعادة تشكيل مخزونها من المعدات والمواد الطبية، تعزيزا لقدرة المنظومة الصحية.

- تكريس أكثر لمبدأ وسلوك التباعد الاجتماعي على المستوى الفردي والجماعي الذي يساهم في السيطرة على الحد من انتشار المرض، وهنا ينبغي تكثيف من الوصلات الاعلامية التحسيسية في القنوات العمومية وفي الأحياء السكنية وللتجمعات الصناعية والتجارية بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني ومنظمات الشبيبة، والمجالس العلمية المحلية.

- ينبغي أن يكون انتشار العدوى تراجع بين السكان مع تسجيل نسبة انتقال للعدوى دون واحد، أي أن كل شخص مصاب ينقل العدوى إلى أقل من شخص آخر، مقابل 3,3 أشخاص في بداية تفشي الوباء.

- توفير مزيد من الأقنعة الواقية والرفع من عدد تحاليل كشف الإصابة، ما سيمكن من متابعة انتقال الفيروس عن كثب، فكلما تم الرفع من قدرة الكشف عن الإصابات كلما تم تطويق الوباء، والحد من انتشاره.

-اعتماد خطة الرفع التدريجي للحجر، لأنه لا يمكن الاستمرار في فرض الحجر الكلي نظرا لارتفاع الكلفة الاقتصادية والاجتماعية.

مقترحات الرفع التدريجي للحجر الصحي:

- البدء بخطة لعودة الحياة الاقتصادية، وبعض الأنشطة الفلاحية والتجارية والخدماتية وبعض المهن، وهنا الأولوية لبعض الجهات التي لم تسجل إصابات لمدة لا تقل عن 20 يوما.

- استمرار منع التجمعات لأكثر من 50 شخصا.

- السماح لخروج الأطفال مصحوبين مع ذويهم لبعض الساحات والفضاءات العامة مع تحديد لائحتها وأسمائها وتوجيه كل سكان جماعة أو مقاطعة إليها لمدة أربع ساعات، مع احتفاظهم على شروط السلامة ومقيدين بالاحتراز الصحية المعمول بها.

فتح بعض المطاعم، واعتماد طريقة بيع السريع، مع تشديد المراقبة الصحية.

- تقسيم مناطق المغرب إلى مناطق حمراء وخضراء.

- السماح بالتنقل في محيط كيلومتري تحدده كل جهة على حدة بما يسمح بعودة الحياة تدريجيا.

- توجيه مذكرة إلى عمداء المدن بضرورة عودة كل الموظفين للعمل، من أجل دعم وتقوية المراقبة الصحية والإدارية ودعم عمل السلطات المحلية.

- عودة أطباء القطاع الخاص لعملهم واستئناف نشاطهم الصحي.

- رعاية أكبر للمسنين ولمرضى الأمراض المزمنة.

- استمرار تشديد المراقبة الصحية في السجون، وفي مراكز الرعاية الاجتماعية.

مقترحات تهم الجانب الاقتصادي:

- عدم الاعتماد على سياسة التقشف

- الاعتماد على سياسة تحفيزية، والاستثمار أكثر في الإمكانيات البشرية،

- التركيز على الجانب النفسي والذهني باعتباره عنصر مهم في الاستراتيجيات الاقتصادية.

- مساعدة الشركات والطبقات الهشة، وتعزيز الاستثمار أكثر في الجانب الاجتماعي.

- تشجيع الطلب على المنتوج الداخلي، بخلق تعبئة وطنية عنوانها "من أجل المغرب" قصد تقوية اقتصادنا بمقاربة هجومية رغم التداعيات.

- تجنب سياسة التقشف، التي تؤدي إلى الركود الاقتصادي وعدم الثقة.

- تقوية العرض والطلب، والدور الرئيسي للدولة بمساعدة المؤسسات المانحة.

- خفض معدلات الفائدة لأدنى مستوياتها في حدود 2 أو 3 في المائة، حتى نساعد الشركات والمقاولات على الاقتراض، وهيكلة مديونيتها، ليتسنى لها الاستثمار في قطاعات مهمة كالصناعة، والخدمات، والفلاحة.

- الشروع في إصلاح منظومة التمويل المالي للاقتصاد الوطني، وتعزيز دوره الاجتماعي والاقتصادي كمساهم فعلي وحقيقي في تحريك عجلة الاقتصاد.

- تشجيع سياحته الداخلية بأثمنة جد مشجعة، والعمل على تسويق صورة المغرب بطرق سياحية عصرية.

- الاستثمار في العقل والإنسان، وفي قطاعات الصحة والتعليم واقتصاد المعرفة، وهذا كله من شأنه أن يخلق طفرة ويحول هذه الأزمة إلى فرصة تاريخية للإقلاع الاقتصادي.

- مراجعة قانون المالية أصبح ضرورة ملحة نظرا للتداعيات الاستثنائية لهذه الأزمة الغير مسبوقة على الجانب الاجتماعي والاقتصادي.

- على الحكومة أن تجعل من أولى أولوياتها وضع خطة إستراتيجية لدعم القطاعات الإنتاجية، والقوة الشرائية للمواطنين، تعتمد بالأساس على تقوية العرض والطلب.

- الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، وهنا لابد أن نعتمد على القطاع البنكي لتقديم تسهيلات كبيرة، لمنح الثقة للفاعلين الاقتصاديين حتى يستطيعوا تحريك العجلة الاقتصادية، بمعدلات فائدة منخفضة.

- وضع خطة أخرى لتمويل و دعم كل ما يتعلق بالسياحة وما يدور في فلكها كقطاع الصناعة التقليدية الذي يشتغل فيه مليوني حرفي وغيرها من المهن الأخرى..

- وضع خطة استعجالية لدعم القطاع الفلاحي هو الأخر الذي يستقطب 40 في المائة من اليد العاملة المغربية.

- الاستمرار في وتيرة التصنيع، لدعم دورة اقتصادية متحركة تجنبا لوقوع انكماش اقتصادي.

وإلى حين نجاح بلادنا في القضاء على هذا الوباء، نهيب بجميع المواطنين والمواطنات، بمزيد من الالتزام بالتدابير الاحترازية الصحية التي وضعتها السلطات، صابرين ومحتسبين، ومتسلحين بالإيمان والعزيمة والصبر وكلنا أمل في أن يحفظ الله بلادنا من كل سوء، حتى نسترجع قوتنا من جديد بإذن الله.

 

عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط ، رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية