المنوزي: حان وقت مساءلة الأخطاء الشخصية للمكلفين بالأمن وإنفاذ القانون

المنوزي: حان وقت مساءلة الأخطاء الشخصية للمكلفين بالأمن وإنفاذ القانون مصطفى المنوزي (الخامس من الواقفين يسارا)

شارك الأستاذ مصطفى المنوزي صباح أمس الجمعة 22 مارس 2019 بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة بمداخلة موضوعها "الحكامة الأمنية مدخل جوهري لمناهضة التمييز والوصم الممارس ضد الفئات الهشة من المصابين بداء السيدا والمدمنين على المخدرات". جريدة "أنفاس بريس" تتقاسم مع قرائها ملخص هذه المداخلة..

"يمكن الاتفاق، إجرائيا، على تعريف الحكامة الأمنية على أنها صيغة توافقية، لكن مؤسساتية، لتدبير مسلسل التوفيق بين مطلب توسيع مجال الحريات وبين تأطير وتدقيق مفهوم النظام العام؛ صيغة تبرز مزايا الأمن الروحي والفكري / المعتقد وبين تقنين الحرية في سياق ضمان الأمن القانوني، باعتماد 3 مداخل: الاخلاقي بمعناه الإتيقي أو القيمي، والحقوقي ثم المؤسسي / التشريعي، وهذه الصيغة الانتقالية تؤطرها ثلاثة قواعد وهي:

ـ عدم التعسف في استعمال السلطة.

ـ عدم التعسف في استعمال القانون.

ـ عدم التعسف في استعمال الحق.

وضباط الشرطة والعمداء كما الطبقة الوسطى في المجتمع هم قطب الرحى في السلسلة على مستوى إنفاذ القانون، أي حلقة مركزية بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، فإذا كان مفروضا على المواطنين احترام القانون وعلى السلطة القضائية قول الحقيقة والقانون؛ فإنه بالنسبة للموظف العمومي، في مجال الأمن، تطبيق القانون دون تمييز، وطبقا لمبدأ تكافؤ الفرص، خاصة في ظل تغير دور الأجهزة الأمنية من وظيفة حماية النظام والوطن إلى حماية الدولة وخدمة وحماية المواطنين.

وفي ضوء العملية السياسية التي عرفها العهد الجديد والتي انطلقت بمفهوم جديد للسلطة، انتعش الطموح إلى محاولة القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وصرنا نعاين انتقالا حثيثا من المسؤولية المرفقية / الدولتية نحو اقرار مسؤولية الموظف العمومي، مما يوحي بأهمية التحول من المنهجية والتواتر إلى مساءلة الأخطاء الشخصية للمكلفين بالأمن وانفاذ القانون، عبر تدرج ملحوظ من التعويض عن الشطط في استعمال السلطة الى تجريم تصرفات الموظفين والأمنيين ومساءلتهم.

هذا السياق هو الذي يقتضي من الضباط والعمداء أن يحترزوا، لأن الدولة لم تعد مستعدة للتغاضي عن أي انفلات أمني مفترض، سببه غير مرفقي أي شخصي، وبالتالي فولوج العدالة، من قبل الفئات الهشة، يمر عبر الشرطة القضائية، وبالتالي كل وصم أو تمييز بين المشتبه فيهم، بعلة الاصابة بالسيدا أو الادمان على المخدرات، يؤثر على حقوق وحرية النزلاء، بغض النظر عن كونه مجرم دستوريا ومجرم كونيا، فهو يدخل سوء المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة، كما التعذيب، حسب مقتضى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وبذلك مطلوب من ضباط الشرطة القضائية توخي الحيطة والحذر، فالتجرد من التمثلات المجتمعية شرط لكل نزاهة وحياد، وإلا فإن المجتمع لن يصم الدولة ولن يدين المخالفين من بين الموظفين العموميين وهو تدبير أفظع من التمييز، فليس كل مدمن مجرم وليس كل متعايشة مع السيدا مجرمة، إنه تمرين عسير لكنه ممر، ضيق، نحو ضمان المساواة أمام القانون وجسر للعبور نحو المفهوم الجديد للعدل، في اتجاه الاعتراف والإنصاف .".