ينتفض الشارع الفرنسي اليوم بلونه الأصفر في مواجهة سياسة ماكرون، البداية كانت بالاحتجاج على قرار فرض الضريبة البيئية على الوقود وزيادة أسعاره، لكن سرعان ما اتسعت بفضل جماهيرية هذه الحركة لكي تشمل النظام الضريبي وتراجع القدرة الشرائية والسياسة الاقتصادية للبلد ككل، وسرعان ما كسرت حواجز الجمهورية الفرنسية لينتقل صدى هذه الاحتجاجات الى بلجيكا أيضا.
بغض النظر عن سياسة ماكرون، إلا أن في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالضبط، لا تستثنى الأحداث القَبْلية (أي قبل حدث ما) ولو كانت بسيطة.
الآن ماكرون يتجه بسياسة واضحة تسبح ضد تيار الادارة الامريكية بقيادة دونالد ترامب، وهذا ما يفسر الصراع القائم بين الرئيسين، وذلك جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترامب على أوروبا، ودعوة الرئيس الفرنسي دول الاتحاد الأوروبي للانسحاب من حلف الناتو وتشكيل جيش أوروبي مستقل واقتصاد أوروبي مستقل لكسر سلسلة التبعية للولايات المتحدة الامريكية، وحتى مواقف ماكرون بخصوص الشرق الأوسط الذي يبدو الى حد ما يسير في خلاف مع توجه الحزب الجمهوري في أمريكا، ومنها النزاع حول الاتفاق النووي مع إيران، ولا أستبعد أن تكون الادارة الامريكية تعيد ترتيب أوراقها من جديد في أوروبا بداية بما يقع في فرنسا الآن.
أما بخصوص المغرب ودول العالم الثالث، بلغة سمير أمين، فهي دائما ذلك المطرح الذي تصرف فيه أزمات وهموم المواطن الأوروبي، نظرا لطبيعة الترابط الكولونيالي والاستعماري للدول العظمى أو الدول المتواجدة في المركز مع الدول التي تحيط بها في الاطراف، فرنسا وغيرها من الدول العظمى، دائما ما تصدر أزماتها على من يحيط بها من التابعين وتابعي التابعين إلى يوم الدين.
ولنا حدث تاريخي مهم نبسط به صحة هذا الواقع، وهو توجه الخطوات العملية التي انتهجتها فرنسا بعد كمونة باريس سنة 1871 بتصعيد وتيرة استغلال الأسواق والثروات الافريقية على حساب المواطن الافريقي المقهور.
ما يقع اليوم في فرنسا سيتم معالجته بطبيعة الحال، لكن سيدفع فيه المواطن المغربي من قوت يومه ومن عرق جبينه الشيء الكثير.
ولا أحد يخفى عليه ماذا يمثل المغرب لفرنسا، إنه البقرة الحلوب
إنها الرأسمالية يا سادة.