نظم الائتلاف المدني لجهة بني ملال - خنيفرة، يوم السبت 17 دجنبر 2016، ندوة وطنية تحت عنوان: "الأمازيغية والرهانات السياسية". وانطلقت العروض في الساعة 15 50 بقاعة ثانوية واومانة الإعدادية.
في البداية تناول رئيس الائتلاف "مصطفى بوكريم" الكلمة بصفته مسيرا للندوة للترحيب بالحضور والأساتذة المحاضرين وضيوف الشرف والإعلاميين، فاستعرض الأهداف المتوخاة من هذه الندوة، محيطا بالظرفية التي جاء فيها هذا الملتقى، كما استعرض بعض المشاكل والأحداث التي عرفتها بلدة واومانة، نظرا لغياب تأطير الشباب خصوصا التلاميذ من طرف الجمعيات والهيئات السياسية وغيرها. كما أشار الرئيس إلى كون عروض الندوة سوف تسلط الأضواء وتتناول واقع ساكنة الجبال وأزمة التعليم وإقصاء الأمازيغية وموقع مغرب الوسط من الحراك الاجتماعي والسياسي المفتعل. بعد ذلك قام بوكريم بتقديم المحاضرين: الأستاذ "صالح الطيب" والأستاذ "رجب ماشيشي" والمعتقلان السياسيان "مصطفى أوسايا وحميد أعضوش"، والمنابر الإعلامية الحاضرة (خنيفرة أونلاين...) وضيوف آخرون شرفوا الندوة بحضورهم، والقادمون من مختلف مناطق وجهات المملكة.
في مستهل مداخلته حرص الأستاذ "صالح الطيب" على شكر الهيئة المنظمة، أي الائتلاف الذي وجه له الدعوة للمساهمة بمداخلته، حيث أعرب عن تمتينه لهذه المبادرة واختيار هذا الموضوع نظرا للتمادي والتعنت من طرف الدولة في إقصاء وتهميش الأمازيغية. كما أشار المحاضر إلى كون الحركة الأمازيغية حاولت الموازنة بين الخطاب المطلبي وخطاب آخر يتسم نسبيا بالتنازلات، إذ كان بالأحرى له تأثير على الفاعل السياسي.. متسائلا: هل الأمازيغية تحتاج إلى الشرعية من أجل وجودها؟ فأكد في جوابه أن الأمازيغية موجودة أصلا، وأن لها شرعية الوجود ولا تحتاج إلى حماية، ولكن في ظل الهجمات الشرسة ضد كل ما له صلة بالأمازيغية، فهي إذن تحتاج إلى حماية قانونية. واسترسل في شرحه أن الأمازيغية في حد ذاتها مشروع مجتمعي تاريخي حضاري متكامل يمكن أن يشكل البديل الحقيقي. ثم تساءل: لماذا يتم طمس هذا المشروع رغم صلابته وعمق فلسفته.
وأشار المحاضر إلى أن الذين يعتبرون الأمازيغية نزعة إنسانية ستمرّ، يجانبون الصواب، وما هو إلا كلام لا أساس له من الصحة، بل هي تجربة إنسانية قائمة بذاتها بثقلها الحضاري، بإعطائه مثالا بالمقررات في مادة التاريخ المدرّسة في المغرب التي تطمس هذه الحقائق لأن كل ما هو تاريخي يستمرّ، الشيء الذي يدل على قوة وصلابة المشروع عبر قرون خلت في شمال إفريقيا، كما تزال اللغة الأمازيغية قائمة بذاتها بترابطها القوي بالشرعية التاريخية التي لا يمكن أن يتغاضى عنها المرء لطمس هذه الحضارة. وأضاف قائلا، إن من كان ينتقد القيم الحداثية التي تفعم بها الثقافة الأمازيغية، فليعلم أنه قبل إصدار المواثيق الدولية حول حقوق الإنسان وظهور المنظمات الحقوقية بأوروبا وغيرها، فقد كانت هذه الحقوق وقيمها موجودة في الثقافة الأمازيغية، مستدلا بمثال تقسيم الثروات عند الأمازيغ، الذي كان يقسم ولا يزال لدى بعض القبائل بشكل ديمقراطي، مبرزا بذلك أن نمط الملك عند الأمازيغ ملك مشترك.
وانتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن العدالة المجالية التي اقتضت العيش في السلم والتضامن، لكونها ملكا جماعيا، مشيرا إلى وجود ثلاث سلط في العالم: وهي السلطة والأسرة والملكية، مبرزا أن نظام الأسرة عند الأمازيغ نظام أميسي. ليتحدث عن نمط الملك عند الأمازيغ، مبرزا أن هذه الحالات نابعة من مشروعية الوجود، ليخلص إلى أن كل استراتيجية اقتصادية يجب أن تنطلق من الخصوصيات. حتى يذكّر الأستاذ بمفهوم الأمازيغي الذي يعني الحر النبيل، والذي لا يقبل الاستبداد والخضوع للطابوهات، عبر قيم حداثية تؤمن بالمساواة والديمقراطية والوحدة والتضامن. ويعتبر مبدأ التعايش الذي تتسم به الأمازيغية وتبنيها للتسامح من ميزاتها في البقاء والاستمرار. هذا التعايش الذي خلق عبقرية الإنسان الأمازيغي ولم يسبق لخصوصياتها أن كانت مصدرا للكراهية.
ثم استنتج أن كون الثقافة الأمازيغية ذات قيم حداثية، هو السبب الذي دفع خصومها إلى معارضة ترسيم الأمازيغية ورفض مشروعها المجتمعي وتدمير البنيات الاقتصادية والاجتماعية المتصلة بها، كما تم تعريضها وتصنيفها للتمييز والإقصاء. لينتقل للحديث عن مظاهر المقاومة ضد الأمازيغية، فذكر من بين الأسباب مشروعها الحداثي العلماني الذي يزعزع كيان المحافظين والسلفيين، إلى جانب مأسسة العقل الأمازيغي الذي استرجع وعيه وبدأ يعتمد العقل والعقلانية، مما يشكل خطرا على أعداء الأمازيغ وخصومهم.
وانتقل المحاضر للحديث عن تواطؤ فرنسا وموقعي ما يسمى "بوثيقة الاستقلال" بعدما تمت مصادرة الأراضي ونزع الملكيات الأمازيغية ليحل محلها الملكان العامان المائي والغابوي. كما أشار إلى كونهم استغلوا ظهير 16 ماي 1930، ليؤسسوا للهيمنة الاقتصادية باسم القانون. وخصص حيزا من كلامه للحديث عن التيار الجديد العروبي الذي يسترزق بقضايا الشعوب الأخرى كفلسطين قصد تمرير تعصبهم وعنصريتهم، وتكريس عدائهم الشرس لكل ما له صلة بالأمازيغ والأمازيغية.
وتحدث الأستاذ المحاضر أيضا عن واقع الأمازيغية الذي كان ضحية السياسات العمومية اللاديموقراطية، التي تبنتها الدولة حتى بعد الربيع الديمقراطي الذي ساهم فيه الأمازيغ إلى غاية 2016، المسفر وفقط على إصدار قانون تنظيمي بئيس يبين الانتكاسة والتراجع عن المكتسبات السابقة.
وفي الأخير خلص إلى التوصيات الآتية:
- اعتماد سياسات عمومية ديموقراطية وحداثية لتدبير المجال،
- طرح ضرورة النضال الميداني،
- التعامل مع القوى الديموقراطية الأخرى،
- الدفاع عن مجانية التعليم وتدريس الأمازيغية على المستويين الأفقي والعمودي.