يرى منتصر حمادة، مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث أن الأزمة السورية هي أزمة مركبة، كشفت مرة أخرى كيف أصبحت المنطقة محل صراعات استراتيجية بين قوى عظمى، مشيرا الى أن الفاعلين الإسلاميين، أصبحوا وقود الحروب السياسية والدينية، ويتم التلاعب بهم وتوظيفهم، دون أدنى وعي لخطورة وتبعات هذا التلاعب، مقدما مثال ظاهرة "الأفغان العرب" أيام الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، ومثال الجهاديين الذين مازال مستمرا الى اليوم الى جانب أحزاب وحركات الإسلام السياسي، مشيرا الى أن الرأي العام المغربي يتابع الاحداث في سوريا بحيرة كبيرة، وعلامات استفهام أكبر من فرط اختلاط الأوراق.
+ ما هي قرائتكم للأزمة السورية بعد التطورات الحاصلة في حلب؟
هذه أزمة مركبة، كشفت مرة أخرى كيف أصبحت المنطقة محل صراعات استراتيجية بين قوى عظمى، ولكن كشفت أيضاً، مدى استحفال "سرطان ديني" لدينا في المجال التداولي الإسلامي، وهو سرطان الطائفية، والذي كان يعيش حالة كمون، وكان علينا انتظار أحداث "الربيع العربي" لكي يخرج بهذه الصيغة الصادمة، وهو معرض للاستفحال، لأنه يندرج في سياق سياسي وأمني راهني مؤرق، وهو سياق اللعب بالنار الذي انخرطت فيه عدة دول شرق أوسطية.
الأحداث أكدت مرة أخرى أن الفاعلين الإسلاميين، أصبحوا وقود الحروب السياسية والدينية، ويتم التلاعب بهم وتوظيفهم، دون أدنى وعي لخطورة وتبعات هذا التلاعب، وهذا اقع لا يرتفع نعاينه منذ ظاهرة "الأفغان العرب" أيام الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، ولا زال مستمراً اليوم، سواء مع "الجهاديين"، أو أحزاب وحركات الإسلام السياسي.
+ هناك من يرى أن تدخل أطراف إقليمية ودولية في الأزمة ساهم في تفاقم الوضع الإنساني في سوريا ؟
هذا التدخل قائم سلفاً، قبل الحديث عنه اليوم، ومن يزعم أنه تدخل حديث، لا يمكن أن يكون متتبعاً لما يجري هناك.
المستجد الأبرز في الأزمة السورية كان دخول روسيا، لأنها أخذت علماً أن المسألة تجازوت حراكاً سورياً كان سلمياً في البداية، ولكن دخول أنظمة شرق أوسطية، بتنسيق مع قوى غربية، يقف بشكل كبير وراء هذا التحول الدموي الذي نعاينه اليوم: تم حشد الشباب والمراهقين، بالتمويل والدعم والتأطير والمؤتمرات والفتاوى والإعلام، في عملية غسيل دماغ جديدة تعرض لها هؤلاء، وهذه عملية ميزت تعامل أنظمة عربية وأوروبية مع الشباب، وهي أنظمة تجد نفسها اليوم معنية بالتعامل مع العائدين من هناك.
+ ما هي سبل الخروج من الأزمة السورية في نظرك بعيدا عن السيناريو العراقي الذي حول العراق الى دولة ضعيفة تحت رحمة إيران والسيناريو الليبي الذي جعل ليبيا تحت رحمة الميليشيات المسلحة وتنظيم داعش؟
الإجابة على هذا السؤال توجد بين واشنطن وموسكو، وليس في دمشق، أو في أروقة صناعة القرار الشرق الأوسطية، والتي تكاد تؤدي أدوار "الدول الوظيفية" من فرط هذه الورطة التي تسببت فيها لعدة دول عربية.
+ وكيف تنظر الى تباين تقديرات عدد من الأطراف في المغرب للوضع في سوريا وهل يخفي الأمر نوع من التقية خاصة بالنسبة للحركات الإسلامية؟
الرأي العام المغربي يتابع الاحداث هناك بحيرة كبيرة، وعلامات استفهام أكبر من فرط اختلاط الأوراق، الباحثون غارقون في القراءات الاخترالية أو السطحية، مع بعض الاستثناءات الصادرة عن باحثين يشتغلون في صمت، بعيداً عن الأضواء والبهرجة.
بالنسبة لبعض الفاعلين السياسيين، وخاصة من التيارين القومي/ اليساري والإسلامي الحركي، على قلتهم في المجتمع والنخبة، فهؤلاء، أكدوا مرة أخرى، أنه في مثل هذه المناسبات، سقط ذلك الكلام الكبير حول الحوار، والحديث عما يُسمى بالحوار القومي ـ الإسلامي، أو قل الحوار اليساري ـ الإخواني بالتحديد.
لقد كانت موضة هذا الحوار طاغية قبل أحداث الفتنة التي تمر منها المنطقة، والتي يُصطلح عليها بأحداث "الربيع العربي"، ولكن مباشرة بعد اندلاع هذه الأحداث، عاينا انخراط هؤلاء في تصفية الحسابات وتوزيع الاتهامات بالخيانة والشيطنة وما إلى ذلك، وهذا مرده إلى غياب الصراحة والمكاشفة في لقاءات الحوار التي كانت سائدة قبل اندلاع أحداث الحراك (الحراك كان عفوياً وطبيعياً وسلمياً في تونس فقط، أما في مصر وليبيا واليمن وسوريا، فقد كان خاضعاً لحسابات أمنية واستراتيجية، إقليمية ودولية )
وواضح أنه عندما تغيب الصراحة والمكاشفة، يطغى خطاب الازدواجية عند التيار الأول والتقية عند التيار الثاني، وبالنتيجة، من الطبيعي أن يكون مصير هذا الحوار الأفول، والعودة إلى الانتصار للذات الفكرانية [الإيديولوجية] أولاُ وأخيراً.