أنا من بين ضحايا السياسات والاستراتيجيات والقرارات العمياء التي تصدم كل يوم وكل شهر وكل سنة العديد من المقاولين والأسر، منهم من يضع حدا لحياته، وكأن مشاكله ستحل بالانتحار، ومنهم من يقرر أن يتسلق عمودا لإثارة انتباه المسؤولين والصحافة والإعلام للصدمات المتتالية التي تتعرض لها أسرته يوميا وللنزيف الحاد الذي أصابها، ومنهم من يقرر أن يلجأ إلى النصب والاحتيال لتحسين حالته المادية، ومنهم من يستثمر المزيد من الأموال والوقت والتضحية بمستقبله ومستقبل زوجته وابنه لإنجاح مشاريعه المجتمعية ويحقق حلمه الذي راوده لسنين ألا وهو تنزيل مشاريع تساهم بشكل كبير في رفاهية المجتمع وبالتالي تنميته وتنمية أسرته وأسر الغير.
فمن غير المعقول أن نترك الأسر تعاني في صمت من الصدمات التي تتلقاها يوميا من السياسات والاستراتيجيات والقرارات العمياء التي بكثرة الغوص وسط وحل النظرة الحزبية للأمور، أصبحت تظن أن الأسر هي واقي الصدمات، لتفاجأ كل مرة بتقارير صادمة ترسل إليها من طرف مؤسسات تخبرها أن ضحاياها كثر وتعد بالملايين، ضحايا التقطتهم كاميرات المراقبة في الطرق التي سلكتها.
ما لا يفهمه الكثيرون هو أن الأسرة هي قوة رفاهية المجتمع، مما يعني أن رفاهية المجتمع تحدد بالقيمة التي تعطى للأسرة أثناء بلورة السياسات والاستراتيجيات العمومية وفي اتخاذ القرارات اليومية. فإذا كانت القيمة التي ستعطى للأسرة تساوي العدد 0 فرفاهية المجتمع أس 0 تساوي 1 (حسب درس القوى (أوالأس) في الرياضيات) ، وبالتالي فمجموعة واحدة من الأسر ستعيش الرفاهية أما باقي الأسر فستعيش مع النزيف المادي والنفسي والجسدي الذي ستتسبب لها فيه السياسات والاستراتيجيات والقرارات العمياء؛ وفي حالة ما إذا كانت القيمة التي ستعطى للأسرة أكبر أو تساوي 1 فإن رفاهية المجتمع تكبر بشكل كبير لتصل إلى الأسر الهشة والفقيرة، وبالتالي يصبح أفراد المجتمع محصنين بشكل جيد ضد مختلف الأزمات المادية التي قد تعصف بهم بدون سابق إنذار وبالتالي تصبح السياسات والاستراتيجيات والقرارات تصب في تنمية المواطنين والبلد على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
قبل الختم، أود أن أتوجه بنصيحة أخوية إلى الأزواج الذين يفكرون في الطلاق لسبب من الأسباب، أن يتجنبوا ما أمكن هذه الآفة التي أصبحت في تزايد، حاولوا اللجوء إلى الحوار الهادئ لأكثر من مرة لتفهم متطلبات كل واحد منكم، وبالتالي معرفة السبب أو الأسباب الحقيقية لاستحالة العيش جنبا إلى جنب، لا تفكروا في الانتقام من بعضكم البعض، تصرفوا بحب وحنان، وكل واحد منكم يفكر في مصلحة الآخر عوض التفكير في مصلحته الشخصية فقط، كل هذا لكي لا تتطور الأمور إلى أشياء لا يحمد عقباها، فالتعامل بأنانية لن يزيد الأمور إلا تعقيدا، بحيث يصعب عليكم التحاور بعد الطلاق في كل ما يتعلق بتربية وتعليم أبنائكم وبتوجيههم لسلك الطريق الذي يطمحون إليه. لقد قررتم الانفصال عن بعضكم البعض، لكن لا أظن أنكم قررتم الانفصال عن أبنائكم أو قررتم وضع كل واحد منكم عراقيل للآخر كي يستحوذ على أبنائه، فالأبناء ليسوا ملكا لأحد فهم يحتاجون لحبكم وتفهمكم ومواكبتكم ومساندتكم لهم مدى الحياة؛ لا ينبغي أن يحسوا بعد الطلاق أنكم انشغلتم عنهم، كما لا ينبغي على المرأة أن لا تخبر طليقها بكل ما يتعلق بتربية وتعليم أبنائه وبحالتهم النفسية والجسدية.
أظن أن الطلاق الاتفاقي هو حاليا الطريقة القانونية المتميزة لفك في سلم وسلام و في أقل من ساعتين العلاقة الزوجية بينكما، فهو لا يحتاج إلى محامي، يكفي صياغة التزام بينكما بعناية فائقة والمصادقة عليه، بعد ذلك توجهون طلب إلى رئيس المحكمة الاجتماعية التابعة لمحل سكناكم أو التابعة لمحل سكن الزوجة للإذن بالإشهاذ على الطلاق، يحدد لكم موعد لجلسة في غرفة المشورة لكي يتأكد القاضي من موافقتكم على مضمون الالتزام وبأن كل واحد منكم يرغب في الطلاق. بعد الحصول على الإذن بالإشهاد على الطلاق، تنتقلون وفي نفس البناية إلى مكتب هيئة العدول، ليقوم أحد العدلين بالتأكد هو الآخر من موافقتكم على فقرات الالتزام ومن إمكانية الصلح بينكما، إذا كان الصلح بينكما غير ممكنا، يطلب العدول من الزوج التلفظ بكلمة "أنت طالق" في وجه زوجته ليتم الطلاق، لا أخفي عليكم أنه حينما طلب مني العدول التلفظ بهذه الكلمة في وجه زوجتي وجدت صعوبة في النطق بها إلى درجة أن عيناي دمعتا من شدة الخوف من الطلاق لأن الحديث يقول " أبغض الحلال إلى الله الطلاق". حينما تنجح مشاريعي و/أو أحصل على العمل الذي أطمح إليه سأعوضها ماديا عن كل ما ضاع من عمرها. هذا وعد قطعته على نفسي، ف16 سنة من الزواج ليس بالشيء القليل. أما أنا فسيعوضني رب العطاء والنعمة "وخا راه تيبالي" في بعض الأحيان أرفع دعوى قضائية على الحكومة من أجل جبر الضرر جراء صدماتها المتتالية لمشاريعي وأسرتي.