تعيش مدينة الدار البيضاء على إيقاع الفوضى العارمة على كل المستويات، بل يمكن القول أن أجزاء كبيرة منها تنتفي فيها صفة المدينة بما تعنيه من مضمون حضاري ومعماري و ثقافي وغيرها من مقومات المدينة. و يكفي أن تسأل كل بيضاوي عن ظروف و أحوال البيضاء ليسرد لك المعاناة اليومية على كل الأصعدة، إنها بالفعل أزمة مركبة أنتجت واقع مدينة الفوضى بامتياز. عمران هجين و امتداد خطي للمدينة و مشاريع عقارية جشعة بخلفية الربح دون ادني اعتبار لشروط هندسة مدنية حديثة تراعي الكرامة في السكن و ضرورة توفر المساحات الخضراء و المرافق الاجتماعية و الثقافية. أما النقل فقد أصبح أهم هاجس لدى كل البيضاويين بسبب تهالك الأسطول و الندرة. باختصار يمكن القول أن البنية التحتية لمدينة الدار البيضاء غير قادرة على تحمل الضغط السكاني و حجم حركة السير و الحاجيات الاساسية للمواطنات و المواطنين. لكن المفارقة أن المدينة تتوفر على امكانيات مادية كبيرة نظرا لمكانتها كعاصمة اقتصادية لبلادنا، لكن هذه الامكانيات لا تظهر على مستوى الواقع في مشاريع ذات رؤية استراتيجية و استباقية لتأهيل المدينة في كل المجالات، مفارقة أخرى ألاحظها شخصيا تتعلق بمقاطعات غنية بمداخيلها لكنها من أفقر المقاطعات ببنيتها وأكثرها عرضة للهشاشة و كمثال على ذلك منطقة ليساسفة في مقاطعة الحي الحسني التي تتوفر على منطقة صناعية كبيرة لكن واقعها لا يعكس حجم مداخيلها. و هو ما يطرح سؤال التدبير و عجز المسؤولين عن تسيير شؤون المدينة، التي توالى على تسييرها عدة تشكيلات حزبية منذ قرار وحدة المدينة الان. اليوم و بعدما تولى حزب رئيس الحكومة تدبير مجلس المدينة و أغلب المقاطعات نلاحظ أن الوضع لم يتغير، بل ازدادت مشاكل و أزمات المدينة و اتضح بالملموس أن من يدبر شؤون الدار البيضاء غير مؤهل لذلك، الشيء الوحيد الذي تغير هو كثرة المقاولات التركية في كل الاوراش المفتوحة إلى اجل غير مسمى.