مصطفى المنوزي: الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ذاكرة وقائع وطنية مشتركة وموقع من مواقع الضمير

مصطفى المنوزي: الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ذاكرة وقائع وطنية مشتركة وموقع من مواقع الضمير

ونحن بصدد التحضير، منذ أشهر، في إطار المختبر المدني للعدالة الاجتماعية، لتنظيم ندوة حول «الجامعة المغربية والمسؤولية الاجتماعية»، خطر إلى الذهن أن نخصص محاور عدة، تخص بعضها سؤال كيفية رسم معالم الحركة الطلابية المغربية على ضوء تجارب الماضي ومعطيات الراهن في العلاقة مع المعيش اليومي، الثقافي والمهني لكافة الأطر المتخرجة من مدرسة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكيف أثرت التحولات والمتغيرات الدولية على مجريات الجامعة المغربية بصفة عامة، بما فيها عولمة المعرفة بالموازاة مع عولمة الإجهاز علي المكتسبات الحقوقية ومخطط مأسسة نسيان ومحو الذاكرة الجامعية، التنموية والنضالية/ المطلبية، وعلى مسار الحركة الطلابية التقدمية والديمقراطية بصفة خاصة، من خلال تشخيص أبرز محطات انتكاسات وانتصارات الحركة الطلابية على مدار العقود الماضية، وإبراز مكامن تمظهر أهمية وضرورة إعادة بناء وهيكلة جسد منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب..طفا إلى السطح نداء موقع من قبل عدد كبير من الفعاليات السياسية والنقابية والحقوقية، أغلبهم من خريجي الجامعة ومن أطر ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، يطالبون بمقتضاه حفظ ذاكرة مقر المنظمة العتيدة أ.و.ط.م، على إثر رفع السلطات العمومية دعوى لطرد حارس المقر بعلة احتلاله للمقر بدون سند، تمهيدا لانتزاع حيازته وتملكه .

مبدئيا لا يمكن إلا أن يثمن كل مناضل غيور كل المبادرات الرامية إلى رد الاعتبار للذاكرة وجبر الضرر الذي لحق بالمنظمة الطلابية وبمناضليها، بالنظر إلى القمع المتواصل الذي تعرضوا له بسبب انتمائهم إليها وبالدفاع عن حقوق الطلاب المشروعة، موضوع ملفات إصلاح التعليم والجامعة، إلى كافة الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات الصلة .

إن هذه المنظمة العريقة في النضال وتخريج أطر الوطن، في الوظيفة العمومية أو القطاع الخاص، نشأت الحركة الطلابية في ظل ظروف ومخاضات مغرب ما بعد إلغاء عقد الحماية الفرنسية المطابق ليوم ثاني مارس 1956، أي تأسست بتاريخ 26 دجنبر 1956 بالرباط، حيث انعقد المؤتمر التأسيسي لهذه النقابة الطلابية، في سياق التراكم الكفاحي والتحرري، تتويجا لمسار العديد من الجمعيات والتنظيمات الطلابية السابقة، مثل جمعية الطلبة المسلمين بشمال إفريقيا (1927) والجمعية العامة لطلاب الرباط (1947) وجمعية الطلاب المغاربة (1948) واتحاد الطلاب المغاربة بفرنسا (1950). وكان على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أن يواصل نفس الرسالة، كمدرسة نضالية رائدة وإطار للتكوين السياسي والفكري والمعرفي والتأطير الأكاديمي بالنسبة للعديد من الأفواج الأطر في مختلف المجالات التي تخرجت من الجامعة المغربية وأصبحت تحتل مواقع هامة داخل المجتمع والدولة. ولعل أبرز محطة، هيمحطة المؤتمر الثالث الذي انعقد بتطوان في 23 يوليوز 1958 وصادف ما عاشه آنذاك حزب الاستقلال من تصدع وانشقاق حركة 25 يناير (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) وإعلان أ.و.ط.م القطيعة مع الجناح التقليدي آنذاك لحزب الاستقلال، حيث تم ترسيخ المبادئ الأربعة الجماهيرية/ الاستقلالية/ التقدمية/ الديموقراطية.. هذه المبادئ التي كانت موضوع اختبار ومحك للعلاقات بين الفصائل والمكونات، منذ التاأسيس.. ومن أبرز المحطات التي ترتبط بظروف نشأة وتطور تجربة أ.و.ط.م، علاوة على محطات سابقة، محطة المؤتمر الثالث عشر الذي انعقد ما بين 09 و11 غشت 1969 وتبلورت عنه عدة مقررات تنظيمية وشكل نقطة بارزة في مسار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بما له وما عليه. إضافة إلى محطة المؤتمر الخامس عشر الذي انعقد في غشت 1972 وصادف انعقاده المحاولة الانقلابية الثانية وما تمخض عن هذا المؤتمر من مقررات ومواقف شكلت ضربة موجعة لأوطم، وهو ما برز مع فرض الحظر القانوني عليها في 24 يناير 1973 وظل قائما إلى حدود 3 نونبر 1978.. وظلت المنظمة تشتغل في ظل الحظر الممنهج، رغم انعقاد المؤتمر السادس عشر، في ظلال استشهاد المناضل الشبيبي محمد كرينة في صيف 1979. وإذا كان المؤتمر السابع عشر الذي انعقد ما بين 22 شتنبر و15 أكتوبر 1981 آخر حلقة من حلقات المؤتمرات التنظيمية القانونية، فإن آخر اجتماع للهياكل الشرعية الوطنية تم في 28 نونبر 1981، حيث اجتمع من تبقى من أعضاء التنفيذية المنبثقة عن الـ 16مؤتمر (محسن عيوش وعبد الرحيم بنصر وحسن السوسي ومسعود بوعيش ومحمد العلوي)، إلى جانب التعاضديات ومجالس الفروع، في إطار لجنة التنسيق الوطنية، وقرروا جميعا شن إضراب وطني يوم 3 دجنبر 1981، غير أن السلطات العمومية بقيادة إدريس البصري شنت حملة واسعة في صفوف أطر ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وبذلك تكون بالنسبة لنا آخر اجتماع نعقده كلجنة التنسيق وقيادة أ,و.ط.م في هذا المقر الوطني، الذي كنا ندعوه «شعيب الدكالي».. وبغض النظر عن قيمته الرمزية والتاريخية، حيث إنه بمجرد معاينة واطلاع على أرشيف الخزانة الملكية، التي تحفظ وتوثق لكل الإجراءات الملكية، سوف يتبين بأن المقر كان هبة من المغفور له محمد الخامس لفائدة المنظمة الطلابية، غير إنه لم يتسن للقيادات المتعاقبة القيام بإجراءات التسجيل في الصك العقاري، ربما لأن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، رغم جدواه للوطن ومنافعه الوطنية التي لا تحصى، لم يكن يتوفر على حق المنفعة العمومية..

وفي الأخير، قد يقول قائل مع ناس الغيوان «ما هموني غير الرجال إلى ضاعوا، الحيوط إلى رابوا كلها يبني دارو».. نقول إن المشترك الوطني الوحيد الذي لا منازعة حوله في النضال والتضحيات، هو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وقد سبق أن رفعنا نداء وطنيا من أجل اعتباره ذاكرة وطنية جماعية وتراثا عالميا، في المعرفة والكفاح الوطني، يستحق معه أن نسجله ضمن وقائع ومواقع الضمير .