السحيمي: لهذه الأسباب لم تجد تنسيقية مناهضة التقاعد التفافا جماهيريا للموظفين

السحيمي: لهذه الأسباب لم تجد تنسيقية مناهضة التقاعد التفافا جماهيريا للموظفين

في هذا الجزء الأول من الحوار مع عبد الوهاب السحيمي، عضو اللجنة الوطنية للتنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، يتحدث عن سياق تأسيس التنسيقية، وكيف يشكل رجال ونساء التعليم النواة الصلبة لها في انتظار ما يعتبره اختراقا لباقي القطاعات الحكومية الأخرى..
+تظاهر مناهضو التقاعد في أربع محطات جهوية، ما هو تقييمكم لهذه المحطة ضمن سياق نضالي ممتد؟
++نعم، تظاهر الآلاف من الموظفين والموظفات يوم الأحد 23 اكتوبر 2016، في أربع أقطاب جهوية بالمغرب، بكل من اكادير، الدار البيضاء، فاس وتطوان9، وذلك استمرارا في تنزيل البرنامج النضالي الوطني المسطر في البيان السادس للمجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد.
جميع الأشكال النضالية المنظمة في الأقطاب الأربعة عرفت نجاحا منقطع النظير، بحضور جماهيري قوي ومكثف، وغير مسبوق في جميع مسيرات تنسيقية إسقاط خطة التقاعد منذ تأسيسها، وبمشاركة وازنة لمجموعة من الحركات المناضلة في الساحة، كالأطر العليا المعطلة والطلبة وفعاليات المجتمع المدني.. وذلك بحكم التضامن الواسع الذي بدأت تلقاه التنسيقية ونضالاتها، وكذلك لأن ملف التقاعد لا يهم الموظفين والموظفات فقط، بل يهم الوظيفة العمومية بأكملها وهو مخطط يهدف إلى ضرب الوظيفة العمومية بالأساس وتخريبها.
و للأسف الشديد، تعرضت مسيرتا البيضاء وتطوان للمنع التعسفي البائد من طرف السلطات المحلية، مع العلم أن جميع المسيرات أشعرت بها الجهات المختصة وتم تنظيم ندوات صحفية قبل موعدها بيومين وجميع الترتيبات اتخذت، ومعلوم الجهات التي تقف وراء هذه الاحتجاجات ومطالبها. لكن للأسف، وعوض ان تتجاوب الحكومة مع مطالب التنسيقية العادلة والمشروعة وتفتح حوارا جادا ومسؤولا يهدف إلى اعادة النظر في قانون ضرب مكتسبات التقاعد الذي صادقت عليه قبل شهرين وإلغاء معاشات الريع الخاصة بالبرلمانيين والوزراء، فضلت خيار المنع والقمع والعصا وذلك في خرق سافر لمقتضيات الدستور المغربي وخاصة الفصل 29 منه، الذي ينص على حرية التظاهر والاحتجاج السلمي، وكذلك هو خرق للمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف المغرب.

+يلاحظ من خلال عينات المتظاهرين، ان جلهم من الأساتذة، في نظرك لماذا موضوع التقاعد لايفتح شهية مئات الآلاف من الموظفين من مختلف القطاعات؟
++صحيح، جل المحتجين على قوانين ضرب مكتسبات التقاعد هم رجال ونساء للتعليم، ويشكلون نواة التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، وهذا راجع لعدة أسباب واعتبارات. أولها أنه تاريخيا، نساء ورجال التعليم هم من كان يقود النضال والحراك في المغرب وهذا معروف منذ احتجاجات البيضاء سنة 1963 وما رافقها من ضحايا واعتقالات بالجملة في صفوف الاساتذة والاستاذات، وهم من كان يؤدي الضريبة غاليا نتيجة تحركهم الكبير والفعال في اي حركة نضالية، لذلك أصبحت مهنة التعليم في بلدنا في وضع جد متردي نتيجة السياسات الانتقامية التي اتبعتها الدولة ضدها..
أن التنسيقية يلزمها عمل كبير من أجل اختراق باقي القطاعات الحكومية وخاصة قطاع الجماعات المحلية والصحة و العدل... والانفتاح على مناضلي هذه الوزارات وجعلهم ينخرطون بقوة في نضالات التنسيقية على غرار موظفي وزارة التربية الوطنية.. بالاضافة الى ذلك، هناك عامل العدد، فالشغيلة التعليمية تستحوذ على أكثر من نصف موظفي الدولة، بأكثر من 300 ألف رجل وامرأة التعليم، و هذا يجعلهم يتصدرون النضال والأشكال النضالية في مختلف المواقع وليس فقط في تنسيقية إسقاط خطة التقاعد.

+من خلال تتبع وقفات ومسيرات الأقطاب، هناك اختلاف في التعامل الأمني بين قطب وآخر، في نظرك لماذا؟
++نعم، فإذا كانت السلطات العمومية سمحت بتنظيم مسيرتي فاس وأكادير فهي بالمقابل منعت وبإنزال امني رهيب، مسيرتا تطوان والدار البيضاء، مع العلم ان جميع المسيرات الاحتجاجية، احترمت القوانين الجاري بها العمل في تنظيم المسيرات و الأشكال النضالية في المغرب، واشعرت التنسيقيات الجهوية السلطات المحلية بتنظيمها. وهي مسيرات معروف الجهة التي تقف وراءها هي التنسيقية الوطنية لاسقاط خطة التقاعد. كما معلوم مطالبها العادلة والمشروعة، لكن السلطات العمومية تريد دائما الكيل بمكيالين في سياسة تمويهية مفضوحة ماضوية، وتريد ان تقول للعالم أنها لم تمنع المسيرات ولم تضيق على حرية التعبير والاحتجاج بدليل انها لم تمنع مسيرات اخرى بل اقتصرت فقط على مسيرتين لم تحترم القانون، وهذا غير صحيح، لأنه حتى قانون الاضراب الذي ينص عليه الفصل 29 من الدستور والذي يؤطر حقي التظاهر والاحتجاج في المغرب لم يخرج للوجود بعد وهناك فراغ تشريعي في هذا الجانب، والمعمول به ومنذ الاستقلال إلى اليوم من طرف وزارة الداخلية، هو التضييق تارة على اشكال نضالية ومنعها والسماح لأخرى بالتنظيم، وهذا ما يسري للأسف إلى يومنا هذا، مع العلم اننا أمام دستور يتعبر متقدما على الدساتير السابقة من ناحية الحقوق والحريات الجماعية، وخصص لها بابا كاملا وضمن حرية التظاهر السلمي للمواطنين والمواطنات، كذلك المجلس الوطني لحقوق الانسان بصفته مؤسسة دستورية أصدر عدة توصيات تدعو الحكومة والسلطات المحلية إلى ضمان تنظيم جميع الأشكال النضالية السلمية الحضارية والمعروف الجهة التي تقف وراءها دون اللجوء الى ترخيص مسبق والاكتفاء فقط بالإشعار.
من جانب آخر، وهذا يسائل الحكومة ووزارة الداخلية، إذا كانت تمنع السلطات العمومية المسيرات الحضارية المنظمة من طرف الموظفين والموظفات بمبررات واهية وتقول أنها غير مرخصة، متى كانت في المغرب مسيرة مرخصة؟ وهل كانت مسيرة البيضاء الفضيحة التي فرشت لها الورود قبيل موعد الانتخابات مرخصة؟ وهل يعرفون الجهة التي تقف وراءها حتى يسلم لها الترخيص؟ وكيف يعقل أن يصرح وزير الداخلية ويقول انه لم يمنع مسيرة البيضاء رغم انها غير مرخصة لان المغرب بلد الحريات ويسمح بتنظيم مسيرات غير مرخصة بالمقابل يتم منع و قمع المسيرات السلمية المسؤولة والتي تتوفر على اشعار السلطات المحلية والمنظمة من طرف جهة معروفة وبمطالب عادلة ومشروعة؟