اعتبر خليل العوادي، أستاذ مادة الفلسفة وفاعل نقابي وسياسي وحقوقي، أن الخطاب الملكي الأخير كان أقرب إلى بيان منه إلى خطاب ملكي، بالنظر إلى النقد القوي الذي وجهه الملك للإدارة العمومية والذي بلغ مداه حينما ربط وجود هذه الإدارة، بل وجود جميع المؤسسات بخدمة المواطنين. مضيفا أن الحكومة القادمة عليها أن تفتح ورش إصلاح الإدارة، حتى إذا أراد المواطن طلب خدمات هذه الإدارة عليه أن يغير وجهته من الملك في اتجاه هذه الإدارة نفسها... وقال محاورنا بأن فيدرالية اليسار قادرة على تأسيس خطاب معارض حقيقي وهادف.
+ ما هي أهم الخلاصات والاستنتاجات من خطاب الملك يوم الجمعة 15 أكتوبر الجاري بالمؤسسة البرلمانية، والتي يمكن أن تتحول إلى قرارات ملزمة للجميع؟؟
- أعتقد أن الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية، كان أقرب إلى بيان منه إلى خطاب ملكي، بالنظر إلى النقد القوي الذي وجهه الملك للإدارة العمومية والذي بلغ مداه حينما ربط وجود هذه الإدارة، بل وجود جميع المؤسسات بخدمة المواطنين. أي غياب هذه الخدمة، وهو الشيء الذي سجله الخطاب، يعني أن وجود الإدارة هو تحصيل حاصل كما يقول المناطقة. الشيء الذي يمكن أن نعتبره مؤشرا لإصلاحات إدارية لربما قادمة. رغم أن هذا الخطاب لم يحمل إجراءات عملية قد نعتبرها حلولا لواقع الإدارة ومشاكلها، وهذا لربما راجع إلى أن هذا دور الحكومة القادمة. فمن البين أنه يستوجب عليها أن تفتح ورش إصلاح الإدارة، حتى إذا أراد المواطن طلب خدمات هذه الإدارة عليه أن يغير وجهته من الملك في اتجاه هذه الإدارة نفسها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي سيحمله القادم من الأيام بعد اعتراف أعلى سلطة في البلاد بواقع الإدارة العمومية، خصوصا وأن الخطاب الملكي "لم يكن موجها فقط لأعضاء البرلمان وإنما أيضا للحكومة وللأحزاب ولمختلف الهيآت والمؤسسات والمواطنين".
+ بصفتك مهتما بالمشهد السياسي المغربي، ما هي التحالفات الممكنة انطلاقا من التقارب الفكري بين مكونات الفرق البرلمانية لولادة حكومة جديدة برئاسة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية؟؟
- إن أي تحالفات لابد وأن تتأسس على التقارب الإيديولوجي بين الأحزاب من جهة، وعلى البرامج السياسية من جهة ثانية.. الشيء الذي لا نجده في واقعنا السياسي مع الأسف. ومعنى ذلك أن كل الاحتمالات واردة بما فيها التحالف مع الأصالة والمعاصرة.. والمقال الذي نشره مؤخرا أمينه العام لربما يسير في هذا الاتجاه حينما تحدث عن "المصالحة" وعن ما أسماه "المشترك الذي يتوسط المسافة بيننا". أعتقد هذا كلام فيه نوع من الغزل السياسي رغم التصريحات الصحفية هنا وهناك، والتي تحاول أن ترسم الخطوط الحمراء، والتي يكون الهدف منها هو الاستهلاك الإعلامي فقط. والدليل على ما أقول هو الحكومة المنتهية ولايتها والتي جمعت ما لا يجمع، أي جمعت اليمين و"اليسار" وأحزاب أقر بعجزي عن تصنيفها هل هي من اليمين أم من اليسار أم هي قليل من هذا وقليل من ذاك؟ إذن فقد نرى في القادم من الأيام حكومة مشكلة من العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة فقط أو من أحزاب ما كان يسمى بالكتلة، أو قد نجد بعضا من هذا وبعضا من ذاك أي خليط من الأحزاب لا يوحد بينها سوى العمل الحكومي، ليكون الختم في هذه العملية ككل تصريح حكومي لا علاقة له لا بالأحزاب المشكلة للحكومة ولا ببرامجها بما فيها الانتخابية، وهذه الحكومة التي أسميتها بحكومة المنزلة بين المنزلتين لاهي يمينية ولا هي يسارية.
+ ما هي الوصفة التي تقترحون في أفق رد الاعتبار للعمل النيابي بصفة خاصة والمؤسسة التشريعية بصفة عامة، حتى تلعب دورها الدستوري كاملا؟
- أنا لا أستطيع تقديم ما أسميته بالوصفة بما تعنيه من حلول آنية ناجعة وناجعة بالضرورة، لأن ذلك يجب أن يكون خلاصة لدراسات علمية أجريت من أجل هذا الهدف. وفي غياب هذه الدراسات قد أتقاسم معكم ومع القراء بعض الأفكار التي أراها تصب فيما تقصدونه من سؤالكم. وأهم هذه الأفكار هو الفصل الحقيقي للسلط، والذي أعتبره البوابة الحقيقية لكل إصلاح، وما تعيشه الإدارة اليوم والذي تحدث عنه الخطاب الملكي لهو في اعتقادي نتيجة لما نعيشه من تداخل بين هذه السلط، لذلك يجب على المؤسسة التشريعية أن تقوم بأدوارها الدستورية كاملة، من تشريع للقوانين، ولكن الأهم هو مراقبة العمل الحكومي بما يقتضيه ذلك من الرفع من مستوى الأسئلة سواء الشفوية أو المكتوبة التي يتقدم بها النواب، وكذلك جعل جلسة مساءلة رئيس الحكومة جلسة لتقييم حقيقي للعمل الحكومي وليست جلسة تدخل في روتين عمل المؤسسة التشريعية، خصوصا إذا استحضرنا بعض الأرقام التي تحدثت عنها بعض المنابر الإعلامية والتي أكدت أن الحكومة الحالية تجاهلت 6000 سؤال كتابي وشفوي للنواب البرلمانيين، رغم أن عدد الأسئلة المقدمة يناهز 11234 سؤالا شفويا، لم تجب الحكومة إلا عن 3433 منها، أي ما يعادل 30 بالمائة، في حين بلغ عدد الأسئلة الكتابية التي قدمها النواب 269.
+ كيف تتوقعون عمل المعارضة بالمؤسسة التشريعية، اعتمادا على نتائج استحقاقات السابع من أكتوبر التي افرزتها صناديق الاقتراع؟ وهل سيكون لصوتها صدى بقبة البرلمان؟؟
- في ظل المعطيات الحالية الجهة الوحيدة التي عبرت عن موقفها القاضي بعزمها تأسيس معارضة حقيقية هي فيدرالية اليسار الديمقراطي، فرغم أنها ممثلة بمقعدين، فأنا على يقين أنها قادرة على التأسيس لخطاب معارض حقيقي وهادف. خطاب أكيد سيكون مساندا لكل القوانين التي ستدافع عن المستضعفين في هذا البلد، بالقدر نفسه الذي سيكون سدا منيعا أمام كل القوانين اللاشعبية التي ستحاول الحكومة أو نوابها تمريرها. وأنا على يقين أيضا أن المواطن له من الإمكانيات التي تجعله يلمس الفرق، وبالتالي يقتنع بصدق خطاب هذه المعارضة وبوطنيتها.