بداية اذكر بان الفصـل 47 من الدستور المغربي ينص على ما يلي :
يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.
للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة.ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية.و يترتب عن استقالة رئيس الحكومة إعفاء الحكومة بكاملها.تواصل الحكومة المنتهية مهامها، تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة.
وبعد ففي تفسير التضارب الذي عرفته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عقب الارتباك الظاهر من خلال نشر بلاغ مساء الأربعاء 6 يونيو، يعلن فيه أن وزير الحكامة لحسن الداودي تقدم بطلب إعفائه من الوزارة بعد الجدل الذي خلقته مشاركته في وقفة مع عمال "سنطرال"، شركة الحليب المقاطعة، تم راجعت الأمانة العامة نفسها، لتؤكد أنها لم تتلقّ أي طلب إعفاء من المهمة الوزارية من لحسن الداودي، الذي اعتذر عن حضور الاجتماع، وإنما أخذت علما به، وثمنت موقفه الذي وصفته بالشجاع..
و الواقع فإن التعاطي مع حادث الوزير الدوادي، اعاد مسألة قراءة الوثيقة الدستورية، لدى بعض الباحثين الذين ذهبوا إلى حد تفسير قرار إعفاء وزير من طرف الأمانة العامة تطاولا على اختصاصات الملك الدستورية.
و الحال أن هناك فرق بين الإعفاء السياسي و الإعفاء القانوني، الإعفاء السياسي هو سليم على اعتبار أن الحزب هو من اختار الوزير، قبل اقتراحه من قبل رئيس الحكومة و تعيينه وزيرا من قبل الملك.و عموما أصحاب هذه القراءة التبسيطية، تعيد مسألة
التأويلات للنص الدستوري بين تأويل إجرائي و تأويل ذي نفحة ديمقراطية يتناسب مع قيم دستور 2011 الذي جعل الخيار الديمقراطي ثابتا من ثوابت المملكة المغربية.
فالتأويل الإجرائي تأويل تعسفي، شكلاني لا يهمه كون الأدوات الحزبية هي العمود الفقري للديمقراطية، هو المنظومة الحزبية التي تعد قطب رحى في تفعيل الديمقراطية. وبالتالي يظهر قصور في فهم النصوص الدستورية، التي تستوجب نظرة شمولية، تفترض في صاحبها التمكن من زاد نظري دستوراني شمولي، بعيدا عن قراءة الحرفية للنصوص، التي لا تؤهل لفهم البناء القيمي للديمقراطية في مسار الحياة السياسية والدستورية.
فالنصوص الدستورية ذات حمولة ديمقراطية، تجعل الأدوات الحزبية جوهرها و ليست فقط مجرد نصوص ذات تأويل حرفي ، حسب تقديرات الباحثين السياسيين.
الديمقراطية إذن هي قيم و ليست فقط إجراءات ينبغي قراءة الوقائع السياسية ، وفق حمولة ثقافة ديمقراطية، و تفسير النصوص لا يكون بالقراءة الحرفية، وفق قراءة على المتون.
ولعل هذا ما جعل بعض الباحثين يذهب إلى اعتبار ان الحزب ارتكب خطأ في علاقته بالدستور والمؤسسات الدستورية، بإعلان إعفاء وزير معين من طرف الملك، و الحال أن هذا الإعلان سياسي، على اعتبار أن الوزير اقترح من قبل الأمانة العامة للحزب قبل اقتراحه من طرف رئيس الحكومة على الملك الذي تولى تعيينه.
بمعنى آخر فانه على أساس سياسي يتم تعيين الوزير، و ليس العكس، و الاتجاه في فهم هذا السلوك على كونه تجاوز للصلاحيات الدستورية هو كون صاحبه اتجه لقراءة النصوص الدستورية على المتون التي لا تستقيم في قراءة الظاهرة السياسية.
على اعتبار أن التفسير بكون الأمانة العامة بهذا جعلت نفسها فوق الدستور، هو تفسير مجانب للصواب على اعتبار أن الجهاز التنفيذي للحزب له سلطة تقديرية في تقدير سلوك الحكومة و الوزراء الذين ينتمون له و على أساسه مشاركون في الحكومة في انحياز الوزير لفئة من الشعب، في وقت من المفترض ان تكون الحكومة فيه ممثلة لكل الشعب و تعمل على مراعاة كل الموازنات بين مصالح الشعب و هي مؤسسة الدولة في تنفيذ السياسات العمومية و المطالب.
ولهذا فيجب أن يفهم أن الأمر يبقى عاديا في مناقشة الإعفاء في الحزب كقناة أولى قبل نقله إلى التحالف الحكومي مادامت الحكومة هي حكومة ائتلافية. داخل نطاق الأغلبية قبل أن يرفع رئيس الحكومة طلب الإعفاء للملك. بموجب الفصل 47 من الدستور.
-رشيد لزرق، دكتور في العلوم السياسية، خبير في الشؤون الدستورية