حيمري البشير: هذه هي أسباب فشل اليسار في انتخابات 7 من أكتوبر

حيمري البشير: هذه هي أسباب فشل اليسار في انتخابات 7 من أكتوبر

لنتجرد من العاطفة ونقدّم نقدا ذاتيا لما فشل اليسار في هذه الانتخابات، وأقنع الآخرون باقي طبقات المجتمع بنِسَب متباينة.. كيف استطاعت الأحزاب الأخرى تحقيق نتائج كبيرة رغم قصر مدة التأسيس، البام والبيجيدي، وتراجعت أحزاب أخرى عن الانتخابات السابقة حزب الاستقلال والأحرار والحركة، والاتحاد والتقدم والاشتراكية، وتملل حزب الاتحاد الدستوري قليلا.

تراجع أحزاب اليسار هل هو ناتج عن أوضاع داخلية تتطلب نقاشا ديمقراطي، وإعادة هيكلة وتغيير، ثم الرفع من سقف المطالَب السياسية والتميز عن الأحزاب الأخرى.. في زمن ما كنّا دائما نتطلع من زعماء الحزب التاريخيين المتخندقين باستمرار في خندق واحد مع المستضعفين من أبناء الشعب، أن يرفعوا من سقف المطالَب لتجاوز الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية واقتسام الثروات.. كانت مواقف الزعماء تسبب لهم الاعتقال والتنكيل والتعذيب في السجون وفي بعض الأحيان محاكمات صورية تؤدي لقضاء سنوات طوال، أو النفي أو الحكم بالإعدام.. الاتحاد هو الحزب الذي قدم قافلة من الشهداء، الاتحاد هو الحزب الذي قدم مناضلوه ضريبة النضال، ومع ذلك يستمر في فقدان شعبيته في المجتمع المغربي.. هل تغيرت مواقف قادته، من تطلعات مناضليه، لماذا عرف الحزب موجة من الانتقادات الإعلامية الرهيبة في السنوات الأخيرة، وبالضبط منذ انسحاب عبد الرحمان اليوسفي من الساحة السياسية بعد تعيين الملك لإدريس جطو ليقود الحكومة رغم أن الاتحاد تصدر الانتخابات آنذاك..

من له مصلحة في انقراض هذا الحزب العتيد والذي تربى فيه قادة سياسيين ومفكرين بارزين، أمثال محمد عابد الجابري، ومحمد جسوس وغيرهم كثير..

لماذا عرف الحزب انشقاقات داخلية، هل بسبب غياب ديمقراطية داخلية، أم بسبب موقف فريق يدعو للخروج للمواجهة مع النظام  الذي يناور باستمرار ويتحكم في الحياة السياسية وفي كل شيء بالبلاد، وفريق له مواقف تختلف، يهادن من أجل إشراكهم في تدبير الشأن إلى جانب أحزاب تختلف إديولوجيا مع ما يتبناه الاتحاديون عبر التاريخ.

أسئلة كثيرة تبقى للنقاش وينضاف إليها النتائج التي حصل عليها الحزب والتي تعكس أزمة التنظيم، في ظل تطور سلبي جدا للمسلسل الديمقراطي في بلادنا بسبب غياب النزاهة والتعامل بالمال في شراء الذمم وغياب سلطة الدولة التي تفرض النظام في كل المحطات الانتخابية التي عرفتها بلادنا منذ الاستقلال، وفي بعض الأحيان تدخل الدولة لفرض الخريطة السياسية ودعم الأحزاب التي تدافع عن مخططات المخزن، وتمييع العمل السياسي وتبخيس النضال الذي يقوده العديد من أشراف هذه الأمة.

إن استمرار غياب الإرادة السياسية في التغيير والإصلاح الديمقراطي يبقى العائق الذي يؤرق كل المتتبعين للشأن السياسي في بلادنا، وما يعيشه حزب الاتحاد من أزمات والتضييق المستمر على الأحزاب اليسارية الأخرى النهج الديمقراطي والطليعة الاشتراكية والحزب الاشتراكي الموحد والمؤتمر الاتحادي يدعونا لوقفة تأمل من أجل إعادة البناء، وفتح نقاش يشارك فيه الجميع من أجل وحدة اليسار الذي يؤمن به كل المناضلين في هذه الأحزاب، من أجل انطلاقة حقيقية لمواصلة معركة التغيير والإصلاح، الذي يتطلع إليه كل الأحرار والشرفاء في هذا الوطن.

وضعية الاتحاد الحالية عقب النتائج الهزيلة ومسلسل الانشقاقات، تفرض لوقفة تأمل من أجل مؤتمر وطني يكون الأساس لتوحيد الحزب وعودة كل المناضلين لعرين الحزب، من وحدة، لا يرغب فيها المتربصين به، الذين صوبوا سهامهم، جميعا لتفكيك وحدته، نأمل صادقين أن تتخذ القيادة خطوات جريئة للحفاظ على حزب الاتحاد كقوة سياسية في المغرب وتوقف نزيف الانشقاقات.

دخول ائتلاف اليسار في انتخابات هذه السنة وحصوله على مقعدين وبخطاب قوي تقوده مناضلة لها مواقف جد جريئة في المطالبة على سبيل المثال لا الحصر بالملكية البرلمانية، ووقف استنزاف خيرات البلاد وتهريب أموال الشعب إلى الخارج، لم يشفع لنبيلة منيب التي قادت الحملة في كل أرجاء المغرب وبمواقفها أن حصلت على مقعد في البرلمان في اللائحة الوطنية.. فمناضلة من طيّنتها لم تحظ بدخول البرلمان يجعلنا أن نفقد الثقة في كتلة الناخبين، وفي غياب الوعي السياسية لديها.. وفشل ائتلاف اليسار في تحقيق نتائج متقدمة في انتخابات 2016، ناتج عن غياب الثقافة السياسية لدى شريحة واسعة من الشعب المغربي.. نبيلة التي لجأت إليها حكومة عبد الإلاه بنكيران لقيادة الوفد الذي أقنع الحكومة السويدية بالتراجع عن موقفها في الاعتراف بالجمهورية الوهمية لم تحظ بمقعدها في البرلمان المغربي لكي تواصل النضال من داخله.. ستبقى رمزا من رموز النضال الذي نتطلع إليه..

تبقى الإشارة في الأخير إلى ملاحظة استنتاجية من هذه المحطة الانتخابية، ألا وهي حصول الاتحاد الاشتراكي على خمس مقاعد في المناطق الجنوبية، وهذا دليل على أن الاتحاد له امتداد تاريخي في أقاليمنا الجنوبية.