ربيع أوطال:لهذه الأسباب يتعذر على أحزاب اليسار الحصول على مقاعد برلمانية في الأقاليم الصحراوية

ربيع أوطال:لهذه الأسباب يتعذر على أحزاب اليسار الحصول على مقاعد برلمانية في الأقاليم الصحراوية

يتحدث الباحث السوسيولوجي،ربيع أوطال، من العيون الساقية الحمراء، في هذا الحوار الذي أجرته معه" أنفاس بريس"عن إشكالية اليسار وتقديم مرشحيه بشكل نضالي مما يجعل عليه من الصعب الخصول على مقاعد برلمانية في الأقاليم الصحراوية، وكيف أن الولاء للقبيلة هو أقوى من الارتباط الحزبي..

تخوض فيدرالية اليسار، تجربة انتخابية أخرى ضمن محطة 7 أكتوبر المقبل، كباحث كيف تنظر لهذه التجربة وما هو تقييمك للمحطات السابقة فيما يخص النتائج المحصل عليها؟
فيما يخص تجربة اليسار في الانتخابات، سواء من خلال تجمع فيدرالية اليسار، أو من خلال كل حزب على حدة من الأحزاب المكونة لهذا التجمع، فهي على العموم لا تنجح بالمنطق الكمي، والذي يراهن عليه باقي الأحزاب، ومهما كانت الوسيلة. فاليسار معروف تعامله مع الانتخابات، والذي يتميز بكونه تعاملا نضاليا، يهدف بالأساس إلى الحرص على خوض هذه الاستحقاقات بطريقة نزيهة، من خلال ترشيح المناضلين، وخوض حملة نظيفة، وعدم قبول منطق الأعيان والمال في هذه الاستحقاقات، مما يجعله لا ينجح كميا، لكن نجاحه كيفيا يؤكده حتى الخصوم السياسيين. وفيما يخص الإنتاجية، فهي ستكون على المدى المتوسط أو البعيد، والنتائج التي حققتها الفيديرالية في الانتخابات السابقة تؤكد ذلك.

تحاول أحزاب اليسار عكس باقي التوجهات الأخرى، ربط المواطن بالحزب، واعتماد برامج، وتقوية الولاء الحزبي على الولاء الشخصي، في الأقاليم الصحراوية، كيف يتم تنزيل هذه المقاربة، وما هي تحدياتها؟
فيما يخص الأقاليم الجنوبية الصحراوية، فالانتخابات داخل هذه الأقاليم تتميز بمنطق خاص يرتكز على معايير بعيدة كل البعد عن المنطق الحزبي، سواء بالنسبة فيدرالية اليسار أو غيرها. فالتنافس هنا يكون تنافسا قبليا (فتح القاف) بالدرجة الأولى، فهذا المجال ذو التاريخ القبلي الحديث نسبيا، لازال النفوذ القبلي داخله هو المتحكم في مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... ويبرز هذا النفوذ القبلي أساسا خلال الاستحقاقات الانتخابية، والتي يعتبر التنافس فيها بين جماعات قبلية أساسا، أما الحزب فهو من أجل التزكية في الغالب، وارتباط المترشحين والناخبين، هو ارتباط بجماعتهم القبلية، وهذه الجماعة تكون إما قبيلة أو جزء من قبيلة (فخذ، عائلة...) أو اجتماع لقبائل أو عائلات مختلفة. وبالتالي فالأحزاب التي تحصل على مقاعد داخل الأقاليم الجنوبية الصحراوية، تحصل عليها من خلال منح التزكية للجماعة القبلية ذات النفوذ القبلي التاريخي، داخل دائرة انتخابية معينة، أما الحزب وبرامجه وحتى اسمه فهي مسألة ثانوية عند أغلبية الناخبين. والذي يؤكد ذلك هو نجاح بعض ممثلي الجماعات القبلية كل مرة مع اختلاف الحزب الذي يترشحون باسمه. والتنافس خلال المحطات الانتخابية داخل هذه الأقاليم يكون قويا، وذلك لأنه صراع بين الجماعات القبلية، والذي يكون أساسه السعي للهيمنة على المجال من خلال السيطرة على الأجهزة المنتخبة والتي تعتبر آلية لتأكيد النفوذ القبلي، وهو ما يفسر المشاركة الواسعة في التصويت، والتي تكون غالبا هي الأعلى وطنيا. وبالتالي فمشاركة فيدرالية اليسار بمبادئها ونضاليتها، داخل هذا المجال وفي ظل هذه المعايير، تجعل الحصول على مقاعد مسألة صعبة جدا.

ضمن التسخينات للمحطة الانتخابية المقبلة، شهدنا عددا من التصريحات الحكومية والحزبية مؤخرا، ماهي قراءتك لها؟
فيما يخص التصريحات المتداولة مؤخرا، وبشكل كثيف، سواء حول حدث مسيرة الدار البيضاء أو أحداث أخرى، فهي تبين توجها من قبل مختلف الأحزاب في المعارضة وفي الحكومة، إلى محاولة التأثير على الرأي العام، واستمالته من أجل التصويت لها. والتصريحات التي تسبق الانتخابات تتميز غالبا بالمزايدات السياسية، ومحاولة خلق الحدث، وجذب الانتباه، بشتى الوسائل، والذي يغيب فيها للأسف هو البرامج الواضحة، والتحليل الموضوعي لهذه البرامج. والسبب، في نظرنا هو عدم قدرة أغلب الأحزاب على تقديم برامج مقنعة للناخبين، وكذلك مستوى الغالبية من هؤلاء الناخبين، والذين لا يهتمون بالبرامج الانتخابية بقدر ما يهتمون بالأحداث الشخصية والفضائح... وهو ما يحاول استغلاله كل طرف، خاصة ما يسمى ب"الأحزاب الكبرى".

هل افتتاح مقبرة ضحايا 1981 بالدار البيضاء، هو دفن لليسار بما أنه كان المحرك لهذه الأحداث؟
فيما يخص افتتاح مقبرة أحداث 1981 بالحي المحمدي بالدار البيضاء، هو عبارة عن تكريم لشهداء هذه الأحداث الأليمة، واعتراف بما وقع في محاولة للمصالحة. وهؤلاء الشهداء هم شهداء الشعب المغربي عامة وليسوا شهداء لليسار فقط. رغم أن اليسار، وخاصة الإطارات التي تعتبر الفيدرالية امتدادا لها، كان له النصيب الأكبر من الشهداء حينها، وكان، ولازال، في طليعة القوى الشعبية المطالبة بالخبز للجميع وللكرامة والعدالة الاجتماعية. وافتتاح هذه المقبرة هو اعتراف بهذا الدور لليسار، وللحاجة إليه سواء داخل مجتمعنا أو في مختلف المجتمعات العالمية من أجل العيش بطريقة عادلة. وفشل التجارب اليسارية، سواء الوطنية أو العالمية، لا يعني أبدا فشل الفكرة، والتي لها قوتها النظرية والواقعية.

أي دور تراه لليسار في التصدي لأي مشروع يروم التراجع عن مكتسبات النضال الوطني؟
أما فيما يخص السؤال الأخير، فدور اليسار، ليس التصدي لحزب أو أحزاب معينة، بل دوره هو التصدي للاستغلال وللظلم داخل المجتمع، مهما كان الطرف الذي يمارس هذا الاستغلال أو الظلم. وبالتالي فتجربة اليسار التاريخية وحاضره يعكس ذلك، من خلال مواجهة وممانعة كل القوى التي تستهدف القوت اليومي للشعب وكرامته.