البدالي: علينا ألا نترك المغرب يسقط فريسة بيد التطرف الديني خدمة لأجندة مخطط التفتيت

البدالي: علينا ألا نترك المغرب يسقط فريسة بيد التطرف الديني خدمة لأجندة مخطط التفتيت

في إطار تتبع "أنفاس بريس" لآراء وقراءات فعاليات مختلفة للمشهد السياسي في المغرب في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة نعرض الورقة التالية للناشط الحقوقي صافي الدين البدالي عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي من القلعة والتي يطرح فيها علاقة الناخب بالأحزاب معتبرا أن لا شيء تغير مع التقطيع الانتخابي الجديد الذي لم يكرس في نظره سوى التحكم والسيطرة والهيمنة و هكذا جاء في الورقة.

 

انتخابات 7 أكتوبر بين الناخب و الأحزاب


بعد مصادقة مجلس الحكومة على مرسوم التقطيع الانتخابي الذي أعدته وزارة الداخلية لانتخابات سابع اكتوبر من سنة 2016 و بعد القبول به من طرف احزاب الأغلبية و المعارضة البرلمانية و تحفظ احزاب فدرالية اليسار ، نجد بأن لا شيء تغير على مستوى هذا التقطيع ، لأنه لا زال يكرس التحكم و السيطرة و الهيمنة بشكل كبير في عملية توزيع المقاعد على الدوائر، حيث لم يتم احترام التوازنات الديمغرافية بين الدوائر و لا الاعتبارات الجغرافية و لا المكونات الثقافية و الاجتماعية و لا الأسس الديمقراطية في التوزيع ، و ذلك في تناقض تام مع المعايير الدولية كما هو وارد عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE )ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (UNCHR )، بعد هذا كله انطلقت الأحزاب المغربية التي صنعها النظام المخزني منذ بداية الاستقلال الشكلي ، لمواجهة أحزاب اليسار ، في الإعداد لهذه الانتخابات في معزل تام عن تطلعات الجماهير الشعبية المرتبطة بتحسين ظروفها الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، بل انشغلت في البحث عن المرشح الذي يضمن الفوز حتى و إن كان من دوي السوابق أو مطلوب من طرف القضاء في قضايا الفساد و نهب المال العام ، أي البحث عن الوجه الانتخابي من الأعيان أصحاب " الشكارة " كما يسمونهم أو من بين الاقطاعيين الجدد الذين استولوا على اراضي الدولة او الأراضي السلالية ، أي "الماركة المسجلة "، دون أي تقدير لمشاعر الناخب و الناخبة و دون اعتبار الروابط الاجتماعية و الأولويات التي تهم البلاد ، ودون اعتبار المكون الثقافي و الأخلاقي و السياسي و الديمقراطي لهذا المرشح أو ذاك ، فما أصبح يهم هذه الأحزاب هو الفوز بالمقعد فقط ، بغض النظر عن الشخص المرشح ، و هو ما يعني بأن هذه الأحزاب أصبحت تسعى جاهدة من أجل الرتب المتقدمة في الانتخابات ، كي تتحكم و ليس من أجل البناء و تقدم البلاد ، ولا من أجل ترسيخ المبادئ الديمقراطية و الأخلاق السياسية و لا من اجل قدسية الانتماء الحزبي ، فهي لا تعنيها انتظارات المواطنين و المواطنات. إذن فالعلاقة بين الناخب و الناخبة هي علاقة بيع و شراء للأصوات ، علاقة مبنية على استغلال الفقر و التخلف و استغلال النفوذ و الركوب على الأمية لدى اغلبية الناخبين و الناخبات . و هي ليست تلك العلاقة التي تجعل من بين اهدافها ترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقة و حسن تدبير شأن الاقتصاد الوطني و تدبير تلك الثروات الوطنية البرية و البحرية حتى تكون في خدمة الجماهير . فالتسابق نحو استقطاب وكلاء اللوائح يجري دون اعتبارات سياسية و لا ديمقراطية داخلية و لا انتماءات جغرافية بل تسابق يحكمه الفوز بالمقعد فقط ، مما يؤكد مضي البلاد نحو الإفلاس السياسي النهائي و الاتجاه نحو الطائفية و نحو الأمية السياسية .

و هذا مؤشر من المؤشرات التي تؤكد تأخر الشباب عن المشاركة في العمل السياسي بنسبة 53 % و هو مؤشر ينذر أيضا بارتفاع نسبة العزوف عن التصويت بدون حتى الدعوة إلى المقاطعة . لأن شروطها وضعها النظام السياسي بالبلاد منذ أن اخذ يفبرك أحزابا تقوم بدور تكريس الميوعة السياسية و إجهاض مبادرات احزاب اليسار في التكوين الثقافي و السياسي للمواطنين و المواطنات حتى يكونوا في مستوى الممارسة السياسية و النقابية بشكل يؤهل البلاد إلى ركوب قافلة النمو و التقدم و تحصينها من التطرف الديني و من العنف و الانحراف .
إن هذه العلاقة بين الأحزاب المخزنية في المغرب و الناخب ، التي لا تنبني على مبادئ نبيلة و لا على قيم سياسية و أخلاقية بل مبنية على سلطة المال و استغلال الدين و تحكم الأعيان و أباطرة التهريب على حساب برنامج تنموية ذات الأوليات الاجتماعية و الثقافية و المقاصد الاقتصادية ، من شأن هذه العلاقة بين الناخب و هذه الأحزاب أن تجعل البلاد تسقط في قبضة لوبيات الفساد و نهب المال العام و تصبح مرشحة إلى الفئوية المؤدية إلى التشرذم و التطرف الديني و العرقي و إضعاف الدولة لتكون جاهزة لاستعمار شامل اقتصادي ومالي و ثقافي و بالتالي إلى الطائفية التي تسعى إليها الإمبريالية /الصهيونية و حلفائها في الداخل و في الخارج في إطار مخططها المعروف بالشرق الأوسط الكبير .