الحقوقي الحبيب حاجي يُطالب من باريس بإعادة فتح التحقيق مع حامي الدين و كل من اشترك في اغتيال الطالب آيت الجيد

الحقوقي الحبيب حاجي يُطالب من باريس بإعادة فتح التحقيق مع حامي الدين و كل من اشترك في اغتيال الطالب آيت الجيد

توصلت " أنفاس بريس " برسالة من الحبيب حاجي رئيس مؤسسة أيت الجيد بنعيسى للحياة ومناهضة العنف موجهة الى المشاركين في حفل الإنسانية بباريس، وقد تطرق في الرسالة الى قضية افتيال أيت الجيد بنعيسى والى مساهماته النضالية في صفوف الحركة التلاميذية والحركة الطلابية ونشاطه الحقوقي قبل اغتياله من طرف عصابات الإسلام السياسي عام 1991 وفيما يلي نص الرسالة كما توصلت بها " أنفاس بريس " :
تحية حقوقية، و بعد يشرفنا كمناضلات و مناضلي مؤسسة ايت الجيد بنعيسى للحياة و مناهضة العنف أن نشارككم هذا المحفل الحقوقي و الانساني المتميز حيث يحضره طيف واسع من المنظمات الحقوقية و الاحزاب التقدمية و اليسارية من مختلف أرجاء المعمور و ايضا المتفرد بالقضايا الحقوقية و الانسانية التي يطرحها لمواصلة إذكاء النقاش من أجل الاقتراح والترافع في القضايا الجوهرية التي تؤسس لعالم المستقبل، تحترم فيه حقوق الانسان و تعزز فيه قيم المواطنة و الديمقراطية و التعايش، و تفاعلا مع هذه المرحلة التاريخية الدقيقة التي يجتازها بلدنا و منطقة شمال افريقيا و شرق الاوسط والعالم باسره، و التي تتسم بتنامي الارهاب و التطرف، وسيادة خطاب العنف و التمييز و الكراهية، الأمر الذي أضحى يهدد الثراث الانساني المشترك.
الرفيقات، الرفاق هذه أول مرة نشارككم هذا العرس الانساني، بعد مخاض عسير و شاق من النضال الدؤوب، تجاوز عقده الثاني أكثر من 23 سنة من اجل كشف الحقيقة عن مقتل الشهيد ايت الجيد بنعيسى و معاقبة كل المتورطين في حادث اغتياله ... الرفيقات، الرفاق ربما يتساءل بعضكم من هو الشهيد ايت الجيد بنعيسى؟ و ما هي ظروف و ملابسات اغتياله؟ و من هم المتورطون في هذه الجريمة الشنعاء؟ . اسمه الكامل آيت الجيد محمد الملقب ب "بنعيسى"، من مواليد 1964 بدوار تزكي أدويلول بإقليم طاطا وهو أصغر إخوته.انتقل إلى مدينة فاس، حيث يقطن أكبر إخوته، ليلتحق بمدرسة المعلمين (ابن الخطيب سابقا)، مع بداية الثمانينات التحق بالتعليم الثانوي بثانوية ابن خلدون، حيث ابتدأ نشاطه النضالي في القطاع التلاميذي منذ سنة 1983، وفي سنة 1984 تم نقله تعسفيا من تلك الثانوية ليلتحق بثانوية "القرويين"، وكان ذلك في خضم الحركة الاحتجاجية ليناير 1984، والتي ساهم فيها الرفيق بنعيسى بقسط وافر.وتحت ضغط الإدارة على عائلته ، سينقل إلى ثانوية "ابن الهيثم" حيث حصل على شهادة الباكلوريا سنة 1986 .بالموازاة مع نشاطه النضالي في صفوف الحركة التلاميذية، ساهم الرفيق مساهمة جادة في العمل الجمعوي، وظل إلى حدود استشهاده عضوا نشيطا بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان. كان التحاق بنعيسى بالجامعة خلال 1986-1987، التحاقا نضاليا، عكسه حضوره النشيط داخل الحركة الطلابية، حيث ظهر اسمه إلى جانب مجموعة من رفاقه ضمن لائحة الموقوفين (وعددهم 39) خلال الموسم الدراسي 87-88، عقب تظاهرة 20 يناير المجيدة، والتي سقط على إثرها الشهيدان: عادل الأجراوي وزبيدة خليفة وقد كانت هذه الأحداث وراء وجود بنعيسى في حالة متابعة قضائية، هذه المتابعة التي ستتعمق أكثر على إثر معركة مقاطعة الامتحانات لسنة عام 1989، حيث ظل البوليس يلاحقه بشكل مكشوف ومسعور. ويأبى الشهيد إلا أن يواصل التحامه بقضايا الجماهير الطلابية ضمن فصيل: الطلبة القاعديين التقدميين، وقد كان عضوا بلجنة القسم للسنة الثانية أدب عربي، مشرفا على تنظيم اللقاءات والتجمعات، هذا الخيار كلفه ضريبة السجن سنة 1990، وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، تعرض بنعيسى في مخفر الشرطة لأبشع أنواع التعذيب، وحوكم بتهمة المشاركة والقيادة لأحداث 20 يناير 1988 بمدة حددت في ثمانية أشهر سجنا نافذة، بعدما كان قد قضى تسعة أشهر في السجن المدني بفاس.في أبريل من سنة 1991، وبعد خروجه من السجن، التحق مجددا بصفوف الطلبة القاعديين التقدميين، وأصبح عضوا في اللجنة الانتقالية للإتحاد الوطني لطلبة المغرب بفاس. في شهر نونبر من سنة 1991، فوجئ الرفيق بنعيسى بعصابة من الظلاميين من عصابات الاسلام السياسي بالمغرب (جماعة العدل و الاحسان و حركة التوحيد و الاصلاح) تتكون من حوالي 70 شخصا تحاصر مقر سكناه محاولة اختطافه، لكن التعاطف الذي كان يحظى به من طرف سكان الحي دفع بهؤلاء إلى مواجهة وطرد المجرمين دون تنفيذ إجرامهم المزمع. لم يكن السجن كافيا للانتقام من نضالية الرفيق أيت الجيد محمد، بل إن عقلية تجريم العمل النقابي المسؤول، صادرت منحته خلال موسم 91-92، وهو القرار الذي ظل ساري المفعول طيلة الموسم 92-93 أي إلى حدود الاستشهاد. في يوم الخميس الأسود 25 فبراير 1993، بينما كان الرفيق بنعيسى متجها إلى حي "ليراك" مع أحد رفاقه المدعو الخمار الحديوي على متن سيارة أجرة رقم رخصتها 445، فوجئ بعصابة ظلامية فاشية تحاصر السيارة، وتكسر الزجاج لتخرجاهما منها قسرا، وتنهال عليهما بالضرب مستعملة العصي المصفحة بالمسامير والسلاسل، والقضبان الحديدية والسكاكين، ولم تكتفي تلك العناصر التاتارية بذلك، بل أسقطت بنعيسى أرضا، وأوقعت عليه حجرا كبيرا يستعمل عادة للرصيف، وأدت الضربة إلى إحداث كسر كبير في جمجمته وكتفه. أمضى الرفيق بنعيسى أربعة أيام في مستشفى الغساني بفاس دون عناية، وفي حراسة أمنية لأجل محاكمته بعد شفائه الذي لم يتم، خصوصا وأنه ظل متابعا قضائيا إلى يوم استشهاده. يوم السبت 27 فبراير، تمكن رفاقه على نفقتهم الخاصة، وبحضور الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من نقله إلى عيادة خاصة للفحص بالأشعة "سكانير"، وكان الشرطي يرافقهم في كل تحركاتهم وجاء التقرير ليؤكد أن بنعيسى يعاني من كسر عميق بالجبهة اليمنى من الرأس، ومن نزيف دماغي داخلي. يوم الاثنين فاتح مارس سنة 1993، على الساعة الثامنة إلا ربع صباحا، لفظ آيت الجيد محمد بنعيسى آخر أنفاسه، فشاع الخبر بسرعة الضوء في صفوف الجماهير الطلابية التي تجمهرت أمام مستشفى الغساني للمطالبة بتسليم الجثمان، إلا أن السلطات رفضت وأعطت وعدا بتسليمها على الساعة الحادية عشر من صباح اليوم الموالي. وفي الموعد المحدد الثلاثاء 2 مارس 1993 تجمع حوالي 17.000 طالب وطالبة لتسلم الجثمان وتشييع الجنازة، إلا أن الحضور يفاجأ بالخبر / الفاجعة: اختطفت السلطات الجثة وهربتها إلى مكان مجهول في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، حيث سيفاجأ فيما بعد رفاقه و عائلته بدفنه بمسقط رأسه. الرفيقات، الرفاق وعيا منا في مؤسسة ايت الجيد بنعيسى للحياة و مناهضة العنف، التي لم يمضي على تاسيسها اكثر من سنتين بأهمية و مكانة حفل الانسانية بباريس لدى القوى الديمقراطية و التقدمية بالعالم، فإننا نغتنم هذه المناسبة لنؤكد ما يلي: ü إدانتنا الشديدة لكل أساليب و العنف ومصادره ومنابعه، و مهما كانت خلفياته سواء فكرية أوعقدية، أو دينية أوعرقية، أو سياسية، خاصة مع تصاعد خطر و فضاعات الجماعات المتطرفة و التكفيرية، و التي أثبت التاريخ أنها لا تؤمن سوى بالموت و الخراب، و نؤكد اقتناعنا بأن اجتثاث الارهاب يمر عبر إقرار استرتيجية دولية شاملة ترتكز على تحقيق تنمية عادلة و متوازنة، وإقرار حقيقي لحقوق الانسان، والثقافات واحترام الحق في الاختلاف، والايمان بتضامن الأفراد وحسن تعايشهم. نجدد مطالبتنا بكشف الحقيقة كاملة في قضية اغتيال الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى، كما نجدد مطالبتنا بإعادة فتح التحقيق مع المدعو حامي الدين اعتبارا للمعطيات الجديدة التي ظهرت بالملف، و كل من اشترك في هذه الجريمة الشنعاء، و نؤكد عزمنا اللجوء إلى كل الآليات القانونية الوطنية منها والدولية من أجل تحقيق العدالة و الإنصاف و عدم الإفلات من العقاب في هذه القضية. ختاما لا يسعنا إلا ان نتمنى لكم النجاح و التوفيق لأشغال و فعاليات حفل الانسانية بباريس.