المحامي البصراوي: حان الوقت لتنظيم مناظرة وطنية لمعالجة أوضاع السجون على خلفية حادث "عكاشة"

المحامي البصراوي: حان الوقت لتنظيم مناظرة وطنية لمعالجة أوضاع  السجون على خلفية حادث "عكاشة"

ترك حادث تمرد سجناء إصلاحية "عكاشة" الخاص بالأحداث أسئلة كثيرة حول مدى نجاعة البرامج التربوية والإصلاحية لهذه الفئة من السجناء، بالنظر لحجم العنف الذي عرفته المؤسسة الإصلاحية ليلة الخميس 28 يوليوز الجاري. في هذا الحوار لـ"أنفاس بريس" مع الأستاذ علال البصراوي، المحامي بهيأة خريبكة، يتحدث عن ضعف جاهزية الأجهزة المكلفة باستتباب الأمن داخل المؤسسة السجنية، داعيا إلى ضرورة تنظيم مناظرة وطنية لمعالجة أوضاع  السجون..

- كيف تلقيت تمرد سجناء قاصرين بإصلاحية عكاشة مؤخرا؟

+ هذه الاضطرابات التي وقعت في سجن عكاشة للأحداث وهي سابقة من نوعها، تجعلنا نسائل ليس فقط النظام الإصلاحي للمؤسسات السجنية بل السياسة الجنائية ككل، وذلك بالنظر للخسائر المادية الكبيرة التي حصلت إن على المستوى البشري من حيث عدد الاصابات في صفوف رجال الأمن والنزلاء وغيرهم، أو على مستوى البنيات التحتية والإدارية من تخريب وإحراق للناقلات والأسرة والأبواب وملفات السجن. وهذا يعكس حجم الاضطرابات وما سيكلف من ميزانية كبيرة لإصلاحه تثقل كاهل ميزانية المندوبية العامة للسجون الضعيفة أصلا. كل هذا رغم أن الأحداث لم تدم إلا زمنا قصيرا وفي سجن الأحداث.

- في هذا الزمن القصير، كيف تقيم أداء عناصر الأمن سواء موظفي السجن أو قوات التدخل السريع، وكذا أفراد الوقاية المدنية؟

+ إن رد فعل الجهات المعنية عبر عن ارتباك كبير وسوء تنسيق بين الجهات المتدخلة التي تفاجأت كليا بالأحداث، ويتبين أنها ليست لها خطط جاهزة ومدرب عليها لمواجهة مثل هذه الأحداث، وخير معبر عن ذلك اختلاط القوات المختلفة حاملة الأسلحة مع المساجين والموظفين والصحافيين وأشخاص آخرين في ساحة السجن (!!!) فضلا عن اضطرابات العائلات أمام السجن تحت جنح الظلام ؟!

- في انتظار ما ستكشفه التحقيقات الجارية، ما هي الخلاصات التي يستوجب استحضارها من خلال تمرد إصلاحية سجن عكاشة؟

+ تعرف السجون في المغرب أزمة حقيقية متعددة الأبعاد والأسباب، والخروج منها يقتضي اعتماد نظرة شمولية تبدأ من السياسة الجنائية ككل والتي ينبغي أن تجعل السجن مؤسسة للإصلاح وليس للعقاب فقط. وأن تعكس ذلك من خلال مختلف فروع القانون ذات الصلة، ويترجم ذلك في سياسة عمومية توفر البنيات المادية والبشرية الكفيلة بجعل السجن مؤسسة إصلاحية.

 هذا بالنسبة لعموم السجناء، أما الأحداث، فإن تواجدهم في السجن ينبغي أن يكون بشكل استثنائي. (وكملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة)، كما جاء في توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره لسنة 2012. مع حث القضاء على المراقبة المستمرة والفعلية (وليس الشكلية) لأوضاع الأحداث في السجون، المراقبة من طرف كل الجهات التي خولها القانون ذلك.

 إن القرب من النزلاء وسيلة مهمة لتخفيف الاحتقان ومساعدتهم على إعادة الإصلاح والإندماج. وعليه، فإن رد الفعل على هذه الأحداث – في اعتقادنا – لا ينبغي أن يكون مجرد رد فعل أمني فقط بل على العكس من ذلك ينبغي الوقوف على الأسباب العميقة للأحداث وكيف تم التعاطي معها عند وقوعها، وأن يكون الجواب عليها من خلال قوانين وسياسات عمومية في المجال، وكل ذلك ينبغي أن يتم بشكل تشاركي مع مختلف الفاعلين ذوو الصلة بالموضوع، وذلك من خلال مناظرة وطنية لمعالجة أوضاع السجون.