يعد من مراكز التدين المغربي.. لماذا اختار المغاربة اعتناق المذهب المالكي؟

يعد من مراكز التدين المغربي.. لماذا اختار المغاربة اعتناق المذهب المالكي؟

لماذا اختار المغاربة اعتناق المذهب المالكي؟ قد يبدو السؤال متجاوزا في ظل الظروف الحالية، أي بعد أكثر من 12 قرنا من اتباع المغاربة لمذهب مالك بن أنس، لكن البحث عن أجوبة لهذا السؤال، تجد مشروعيتها من خلال النقاشات التي تطفو بين الفينة والأخرى حول المذاهب الفقهية لأهل السنة والجماعة، وأفضلية هذا المذهب على غيره، وارتفاع بعض الأصوات لعدم التقيد بحرفية المذهب المالكي، والانفتاح على مذاهب أخرى، إضافة إلى اعتباره ركيزة من الركائز الفقهية للنظام السياسي بالمغرب، من هنا يأتي البحث الصحفي عن أجوبة هذا السؤال.

فرغم تأكيد علماء التاريخ أن المغاربة اعتنقوا المذهب المالكي عن طواعية، لما وجدوا فيه من يسر في المعاملات وتشدد في العبادات وحب للرسول محمد عليه الصلاة والسلام ولآل البيت، لكن هذا لا ينفي وجود مذاهب فقهية أخرى، إذ لم يكن المغرب أرض خلاء مذهبي، فنجد المذهب الحنفي، وتزعمه عثمان بن سعيد البصري، والمذهب الشافعي تزعمه أبو جيدة اليزناسني قبل أن يتحول للمذهب المالكي، إضافة إلى وجود بعض الخوارج قبل أن يهتدوا للمذهب المالكي بسجلماسة، ويذكر التاريخ أن بني صالح بالشمال كانوا أول المعتنقين للمذهب المالكي في الرباط، وتعاون العلماء من خلال رحلات العلموالحج في الأخذ عن الإمام مالك بن أنس، ونقل فتاويه إلى المغرب.

وعكس ما يربطه بعض الباحثين بأن انتشار المذهب المالكي في المغرب كان لدواع سياسية على يد الأدارسة، فإن البعض يرى خلاف ذلك.. فالدولة في نظر الراحل محمد المكي الناصري، "لا تستطيع أن ترسم مذهبا إذا لم تكن لديها الأطر الكافية السابقة لذلك المذهب، فالأدارسة لم يفرضوا المذهب المالكي،

إلا بعد أن اختارته النخبة المثقفة عن طواعية وبينة، وبعد ذلك أخذت على عاتقها مساندته وتشجيعه، ولم تنجح محاولات الفاطميين فرض المذهب الشيعي أو الموحدين فرض المذهب المهدوي على المغاربة، وباءت كل محاولاتهم بالفشل".

من جهته يعتبر المحلل السياسي عبد الإله المنصوري، أن المذهب الفقهي ليس إلا اجتهادا بشريا صاغته مجموعة محددة من الناس رغبة منها في تقديم إجابات على مشاكل أفرزتها التجربة التاريخية لهؤلاء، من خلال تفاعل خلاق بين الأبعاد الثلاثة المنتجة لهذه المنظومات في تاريخ الحضارة الإسلاميةوهي: الوحي الإلهي والعقل الإنساني والواقع المعاش.مضيفا في بحث له بعنوان «مفارقات الخطاب المغربي الرسمي بشأن الإصلاح الديني» أن الحديث عن تبني الخطاب الرسمي للمذهب المالكي في المغرب لا يعدو أن يكون دعاية أيديولوجية فجة تحاول إسباغ نوع من «المشروعية الدينية» على نظام سياسي تقليدي يواجه تحديات التحديث الحقيقي التيتطرحها القوى الديمقراطية من جهة أو تحديات القوى الإسلامية التي تستمد «شرعيتها» من الدين.

من هو الإمام مالك بن أنس؟

لقب بشيخ الإسلام وحجة الجماعة، وُلد في المدينة المنورة سنة 711م، الموافقة سنة 96هـ، وتوفي سنة 795م الموافقة سنة 179هـ. يتمثل أساس التشريع عند مالك في القرآن والسنّة النبوية. وكان المحدثون في المدينة كثيرين ويعرف بعضهم بعضًا. لكن مالكًا لم يكن يرفض القياس، أي بناء الأحكام على نظائرها من التي أجمع عليها أهل المدينة، وما أثر من فتاوى الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة شرط ألا يُخالف ذلك مصلحة متوافقة مع مقاصد الشريعة. وذهب مالك إلى القول بالمصالح المرسلة والاستحسان، وشرطه أيضًا أن تكون هذه المصالح متلائمة مع مقاصد الشريعة وأصولها.

وكان مالك يعتبر عمل أهل المدينة حجة تشريعية مقدمة على الخبر والقياس، وعندما يستغلق عليه أمر، كان يقول باللاأدريّة حتى لا يقع في حرام، وأدّت به جرأته أحيانًا إلى صدام مع السلطة. فقد قال: "ليس على مستكره بيعة".

اعتبر الخليفة أبو جعفر المنصور هذا الكلام طعنًا بخلافته. وقال أيضًا بعدم شرعية زواج المتعة، فاستعدى عليه بعض العبّاسيين. يختلف أتباع المذهب المالكي في صلاتهم عن أتباع باقي المذاهب الإسلامية من حيث طريقة الوقوف ووضعية الأيدي.