ميمون هرنافي: الزلزال يهدد بتحويل الريف إلى مقبرة جماعية بسبب غياب البناء المضاد للزلازل

ميمون هرنافي: الزلزال يهدد بتحويل الريف إلى مقبرة جماعية بسبب غياب البناء المضاد للزلازل

أكد ميمون هرنافي، أستاذ الجيوفيزياء بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن تقارب الصفيحة الإفريقية بالصفحية الأورو-أسيوية هو السبب في حدوث الزلازل في منطقة البحر الأبيض المتوسط.. مشيرا إلى أن السبيل الوحيد لتجنبها هو اعتماد البناء المضاد للزلازل الذي يحترم نوعية التربة في كل منطقة. وأضاف أنه لو وقع هذا الزلزال في الداخل بنفس الحدة، وليس في البحر بالقرب من إمزورن، لسجلت خسائر كبيرة في الأرواح تتراوح ما بين 6 آلاف و10 آلاف..

+ في نظرك ما هي الأسباب التي تجعل منطقة شمال المغرب دائما معرضة لهزات أرضية والزلازل؟

- تقارب الصفيحة الإفريقية بالصفحية الأورو-أسيوية هو السبب في حدوث الزلازل في منطقة البحر الأبيض المتوسط.. والسبيل الوحيد لتجنبها هو اعتماد البناء المضاد للزلازل الذي يحترم نوعية التربة في كل منطقة. فالزلازل والهزات الأرضية بمنطقة الشمال كانت منذ القدم وليسن مسألة حديثة.. فيمكنكم تذكر أن المنطقة شهدت زلزالا عام 1994 ضرب البحر بالقرب من الحسيمة، بقوة 6 درجات على سلم ريشتير والذي تسبب في خسائر طفيفة. وفي عام 2004 تكرر نفس الزلزال بأيت قمرة بإقليم الحسيمة لكنه زحف نحو الداخل. وتعرضت أمزورن لخسائر كبيرة.. وها نحن نشهد في عام 2016 زلزالا بمنطقة الشما، لكن ليس في البر بل في البحر، وليس في نفس البؤرة على بعد حوالي 45 كلم الى 60 كلم مقابل الحسيمة. إذن منطقة الحسيمة هي منطقة تضم مجموعة من الصفائح، ومنها الصفيحة الكبيرة للنكور.. وهناك أيضا صفائح ثانوية بنفس المنطقة.. والتقارب بين إفريقيا وأوروبا هو الذي يحرك هذه الصفائح ويولد هذه الزلازل، لكن ليس دائما في نفس البؤرة. وما أود الإشارة إليه أن الزلازل التي تقع منطقة الشمال هي زلازل معتدلة التوتر، وليست كباقي الزلازل التي تشهدها إندونيسيا أو الشيلي واليابان، حيث الزلازل تفوق 7 درجات على سلم ريشتير. فتاريخيا الزلازل في هذه المنطقة تتراوح درجتها ما بين 6 و6.1 على سلم ريشتير، بمعنى أنها لا تشكل أي خطر كبير على المنطقة إذا تم احترام قواعد البناء المضاد للزلازل.

+ في هذا الإطار، ما هي التدابير التي يفترض أن تقوم بها السلطات المعنية للتقليل من مخاطر الزلازل بمنطقة الشمال، علما أنها زلازل معتدلة، لكنها تتسبب في خسائر كبيرة؟

- لابد من الإشارة إلى أن قانون البناء المضاد للزلازل يتطلب مراجعته وتحيينه، كما ينبغي أن تتوفر على مراكز البحث المعدة لهذه المهمة على آلات لرصد الزلازل في جميع المناطق المعرضة لخطر الزلازل، ولابد من إجراء دراسة مدققة تتعلق بالزلازل، علما أنه لدينا كباحثين دراسات خاصة بالزلازل ينبغي أن تستعين بها السلطات المعنية من أجل إصدار قوانين خاصة بالبناء المضاد للزلازل. فلحد الآن التعمير لا يبنى على أبحاث علمية بل فقط تقديرية. فمثلا باليابان تقع زلازل درجتها تتراوح ما بين 7 و8 درجات على سليم ريشتير دون أن تسجل خسارة في الأرواح بالنظر لاحترام هذا البلد لقواعد البناء المضاد للزلازل. إذن من المفروض على السلطات المعنية بالمغرب السهر على تطبيق المقتضيات المتعلقة بالبناء المضاد للزلازل لتفادي وقوع خسائر في الأرواح. فمثلا إمزرون مازال يشهد تفشي البناء الذي هو عبارة عن مقبرة للناس في حالة حدوث الزلزال. تصور لو وقع هذا الزلزال في الداخل بنفس الحدة، وليس في البحر بالقرب من إمزورن، لسجلت خسائر كبيرة في الأرواح تتراوح ما بين 6 آلاف و10 آلاف.. ولحسن الحظ أن الزلزال وقع في البحر. وبالتالي ينبغي استحضار هذا المعطى بإمزورن حيث لا ينبغي أن يتجاوز علم المنازل طبقتين كحد أقصى، علما أنه حاليا نعاين منازل في المنطقة يصل علوها إلى 5 أو 6 طبقات. وأتمنى أن تأخذ السلطات المعنية بإمزورن بجدية هذا المعطى في إطار الجهة الجديدة التي أحدثت مؤخرا.

+ لماذا لا يتم استدعاء الباحثين في علم الزلازل والجلوس معهم في هذا الإطار؟

- للأسف، نسجل غياب التنسيق مع الباحثين في علم الزلازل بهذا الخصوص من قبل السلطات المعنية التي لم تقتنع بعد بأن البحث العلمي بإمكانه المساعدة على إبعاد الكوارث أو التقليل من حدة الكوارث الطبيعية.. وعندما تقتنع بأن الباحث هو محور التنمية آنذاك سيكون الوضع مختلف وليس فقط في مجال الزلازل بل في جميع المجالات، فلدينا باحثين في البلاد تمكنوا من إنتاج خرائط مهمة تساعد بشكل كبير على تنمية البلاد.

+ ماذا عن التدابير التقنية التي يمكن القيام بها للتقليل من حدة الزلازل؟

- أهم هذه التدابير هي قيام الباحثين في ميدان الجيولوجيا والجيوفيزياء بدراسة وأبحاث حول المناطق التي تتعرض لهزات أرضية، من أجل تحديد ومعرفة نوعية تفاعل القشرة الأرضية مع هذه الهزات. دراسة هذا التفاعل يمكن الباحثين من استنتاج: سرعة، تسارع حركية الأرض، تردد الاهتزاز.. هذه الإعدادات هي التي يعتمدها مهندسو البناء المضاد للزلازل من أجل تحديد خاصيات مواد البناء.

+ هل يمكن التنبؤ بوقوع زلزال بري بمنطقة الشمال بعد وقوع الزلزال في البحر؟

- إلى يومنا هذا لا يمكن التنبؤ في الزمان والمكان بوقوع زلزال وبدرجة محددة، إنما يمكن تحديد الأماكن التي قد تتعرض لهزات أرضية، ولا يمكن للزلزال الذي وقع في البحر أن يحدث زلزال آخر في البر.. إن الفيالق الموجودة في القشرة الأرضية تتحرك عندما يشتد الضغط بسبب تقارب/ تباعد القارات والصفائح.