ثمن يوسف حميتو، الباحث المغربي في الفكر الإنساني وقضايا السلم، نداء منتدى تعزيز السلم، الذي يتخذ من العاصمة الإماراتية أبو ظبي مقرا له، بشأن ضرورة صناعة تحالف عالمي إسلامي لمكافحة التطرف والإرهاب، يضم العلماء وكل مؤسسات المرجعيات الدينية في العالم، وتتوحد فيه لفضح زيف الجماعات الإرهابية الإجرامية، ورد الناس إلى سبيل الهداية في ظل الأحداث التي أرهقت الأمة ووضعتها في أزمة عالمية، وقتل بعضها بعضا.
وأضاف عضو اللجنة العلمية لمنتدى تعزيز السلم، في اتصال هاتفي مع موقع "أنفاس بريس"، أن البيان يدعو إلى وحدة صف العلماء في مواجهة خطاب التطرف، والعمل على تجديد الخطاب الديني واستعادة إنسانيته "لنعيد تبليغه إلى العالم بما يناسب روح العصر، بمعنى مراجعة الخطاب لا التنازل عن الثوابت، وتنزيل مقاصد الشرع لا التنازل عنها، وإيجاد خطط استراتيجية لتصحيح المفاهيم الشرعية وهو ما نعمل عليه الآن حيث سنصدر 22 كتابا حول عدد من المواضيع كالخلافة والجهاد والدولة الإسلامية وغير ذلك، والعمل على المطالبة بتضمين البرامج التعليمية آليات تحصين الشباب من التطرف بتضمينها المفاهيم الصحيحة انطلاقا من الكتاب والسنة، وأن تبدأ المؤسسات في تكوين الأئمة على آليات تبليغ الخطاب الشرعي السليم، وتدريبهم على صناعة الفتوى، والتعامل مع الواقع بما يحفظ النظام العام للمجتمعات".
وكان الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، قد اعتبر في هذا النداء، أن دعاة القتال والتدمير والتهجير هم أعداء الأمة منذ عصوره الأولى، مضيفاً أن جهلاء الإرهاب يفتقدون أو يتجاهلون عمداً منهجيات استنباط الأحكام، ويستشهدون بآيات ونصوص تتفق مع أهوائهم، ليزجوا الدين الإسلامي في مواجهة مع العالم لتبرئته من شرور الإرهاب وأهله.
وأكد بن بيه، في البلاغ نفسه، الذي توصل موقع "أنفاس بريس" بنسخة منه، أن ما تشهده الأمة اليوم بحاجة إلى حركة تصحيحية موحدة، قادرة على تغيير المضامين التي يطرحها الإرهاب، وكشف زيف أفكاره الهدامة. مشدداً "أن علماء الأمة -إن حسنت نواياهم- قادرون على الرد بالحجة والبرهان، فالأمة بحاجة إلى حركة كبرى لتنقيح الهوية الإسلامية من افتراءات الإرهاب، والحد من التكفير والتهجير والطائفية، وكل الأمراض التي سعى التشدد إلى نقلها لأمة الإسلام والسلام". وأكد فضيلته أن الأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم الإسلامي لم تقابل بوقفة تناسبها في الحجم والتأثير من قبل أهل العلم. مضيفاً أن عدداً من العلماء المسلمين والمرجعيات لم يتمكنوا من ملاحقة تلك الأحداث ومواكبتها، فجاء الخطاب الديني مفتقراً إلى الحجة الدامغة والتأثير المناسب، ومن هنا علينا أن نبدأ في وضع جهودنا المتناثرة في إطار واحد قادر على مواجهة التحديات التي فرضها الإرهاب والتشدد على الأمة.
وحسب وجهة نظره لم يعد من المقبول في ظل الأوضاع التي يعرفها العالم عموما من تسارع خطوات الإرهاب وخطاب العنف والكراهية، أن يبقى علماء المسلمين بمنأى عن الأحداث، أو أن تبقى خطواتهم أقل سرعة من خطوات أصحاب الفكر المأزوم.. فالعلماء اليوم أمام منعرج خطير في تاريخ الأمة، وواجب الوقت أن تتضافر جهودهم العلمية وتتوحد موافقهم الفكرية، وتتعبأ طاقاتهم في صعيد واحد لصناعة تحالف يتصدى للفكر المأزوم الذي يسعى إلى سرقة وانتحال صفة الأمة، ويعالج أخلاله ويواجه ثقافته المرفوضة، ويفكك بنيته وينتج خطاب العقل مقابل خطاب الجنون، وخطاب الحكمة ضد خطاب التحريف والعبثية، ويقارع منهج التكفير الذي هو مفتاحُ الشرور ومدخلُ استباحة الدماء والأموال والأعراض، على أساس مقومات العيش الإنساني المشترك في العالم والإسهام في التنمية وتقوية تيار السلم العالمي.
وشدد على ضرورة البدء في التنسيق لصناعة هذا التحالف، وضرورة أن يضم مؤسسات المرجعيات الدينية الإسلامية الكبرى كالمجلس العلمي الأعلى بالمغرب، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والأزهر الشريف بمصر، وجامع الزيتونة، والوقف السني والشيعي في العراق، ودار الإفتاء والمجلس الشيعي الأعلى في لبنان، وغيرها من المؤسسات لعقد تحالف وصناعة جبهة عالمية إسلامية لنشر ثقافة السلم والتصدي لثقافة العنف والتدمير وذلك استجابة للضرورة الملحة لاختراع آليات للتعاون على البقاء ومواجهة خطاب العبث والدمار الذي يرفضه كل دين وتنفر منه كل نفس سوية، والعمل على عولمة خطاب السلم من رحم الإسلام وثقافة التسامح والوئام، لمواجهة الإرهاب الذي صار معولما عابرا للقارات، لأن المعولم لا يرده إلا معولم، وإرساء تحالف القيم الإنسانية المشتركة، والبحث عن إطار تتحقق فيه هذه الغاية النبيلة التي تخدم الإنسان، أيا كان دينه وجنسه وعرقه ووطنه، وتوضع من خلالها مقاربة لإعادة برمجة العقول وتوجيه الإرادة إلى البناء بدل الهدم، والإيجاد بدل العدم، ومقارعة الحجة بالحجة، لتستعيد الأمة قدرتها على الإنتاج الإيجابي، وتصبح فاعلا لا مفعولا به، ومؤثرة في العالم بدل كونها متهمة.