الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان يحاكم حكومة بنكيران

الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان يحاكم حكومة بنكيران

في مذكرته التي إختار لها عنوان" رأينا في مشروع قانون مالية 2016"قدم "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" رأيه بخصوص مشروع قانون المالية رقم 15-70 للسنة المالية 2016، بمناسبة السنة التشريعية الخامسة للبرلمان باعتبارها آخر سنة في الولاية التشريعية والحكومية الحالية. وفي ما يلي نص المذكرة التي توصلت" أنفاس بريس" بنسخة منها:

السياق:

انطلاقا من اشتغاله على تتبع السياسات العمومية، راكم "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، مجموعة من المذكرات والتقارير في علاقة بمساءلته لمنجز الحكومة الحالية منذ تعيين رئيسها، بتوجيه الاقتراحات الإجرائية الثلاثون بتاريخ 13 دجنبر 2011، وإبداء الوسيط لرأيه في البرنامج الحكومي الذي تقدم به رئيس الحكومة أمام البرلمان يوم 19 يناير 2012[1]، أو بتقييمه لسنة من أداء الحكومة في علاقة بالقطاعات الاجتماعية خلال سنة 2013.

اليوم، والوسيط يقدم رأيه بخصوص مشروع قانون المالية رقم 15-70 للسنة المالية 2016، فإنه يقوم بذلك بمناسبة السنة التشريعية الخامسة للبرلمان باعتبارها آخر سنة في الولاية التشريعية والحكومية الحالية، وهي فرصة يعتبرها الوسيط ملائمة لترصيد منجز الحكومة، بناء على تعهداتها والتزاماتها على مستوى البرنامج الحكومي، انطلاقا من القرارات والإجراءات المتضمنة في مشروع قانون المالية الأخير المطروح للنقاش والمصادقة، والذي من المفترض أن يكون أحد محددات مدى تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للسياسات العمومية المنتهجة مند تنصيب الحكومة سنة 2012.

وتنهض مقاربة "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" في تتبع السياسات العمومية على التمايز الدقيق بين القراءة المعيارية للحقوق، وبين تحليل السياسات العمومية من زاوية أكاديمية صرفة، وهي المقاربة المدنية التي تنبني على مرتكزات رئيسية يحددها الوسيط في ما يلي:

-         المتابعة اليقظة والمستمرة لتعهدات الحكومة والتزاماتها من خلال مختلف الاستحقاقات المتصلة بسياستها العامة، واستراتيجياتها وبرامجها؛

-         التأكد من مدى إعمال الحكومة لتلك الالتزامات لاستقراء وثيرة الانجاز؛

-         مساءلة الحصيلة المرحلية، مع الوقوف عند الاختلالات التي يتم رصدها، مع بلورة مقترحات في صيغة تهدف إلى التركيب ما بين رؤية الوسيط كفاعل مدني، مع الاسترشاد برأي الخبراء والفاعلين.

  1. ملاحظات عامة بخصوص النقاش البرلماني لمشروع القانون المالي:

يقتضي تحليل السياق العام للمناقشة البرلمانية لمشروع قانون مالية 2016 استحضار مجموعة من المحددات ذات الطبيعة الهيكلية والظرفية، والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في  المسار التشريعي المتصل باعتماد ميزانية السنة المقبلة، وما قد ينتج عنه من إجراءات وتوجهات.

أولا:المحددات المهيكلة للنقاش البرلماني حول مشروع قانون المالية:

انطلاقا من رصد الوسيط لمختلف مراحل مناقشة واعتماد قانون مالية 2016 على مستوى مجلس النواب، يمكن أن نستنتج استمرار ثلاث محددات مهيكلة للنقاش البرلماني للميزانية:

-         الحدود الدستورية والقانونية للدور التشريعي: على الرغم مما تحقق على مستوى تعزيز رقابة المؤسسة التشريعية على السلطة الحكومية، سواء تعلق الأمر بمقتضيات دستور 2011 ذات الصلة، أو بالقانون التنظيمي للقانون المالي في صيغته الجديدة، فإن دور البرلمان ما يزال يعرف قصورا على عدة مستويات أهمها مواصلة إشهار الحكومة للفصل 77 من الدستور المتعلق بالحفاظ على التوازن المالي مما يقلص إمكانيات تعديل مواد مشروع قانون المالية؛ ويتبين من خلال حصيلة التصويت على مشروع القانون المالي في مجلس النواب أن الحكومة رفضت أكثر من 100 تعديل من بين 240 تعديل تم تقديمها من قبل الأغلبية والمعارضة، في حين اكتفت بقبول 51 تعديلا مقابل سحب باقي التعديلات، وهو ما يكشف عن انفراد السلطة التنفيذية بمهمة حفظ التوازن المالي بشكل أحادي، بما لا يأخذ بعين الاعتبار التقدم الذي جاءت به المادة 77 من الدستور، حيث أصبحت تلك المسؤولية مشتركة بين البرلمان والحكومة.

من جهة أخرى، يسجل الوسيط تعثر تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي للمالية الخاصة بتقديم مشروع القانون المالي بما يعزز مقروئيته لدى النواب، وهو ما من شأنه عدم تمكين المشرعين من ممارسة دورهم التشريعي بفعالية، مع ملاحظة عدم تحقيق أي تغيير في طريقة تقديم مشروع القانون المالي خلال أول سنة لدخول مقتضيات القانون التنظيمي للقانون المالي حيز التطبيق.

وهو ما يدفع بالوسيط للاستنتاج بأن الإطار العام لمناقشة مشروع القانون المالي ما يزال يحد من إمكانيات المبادرة التشريعية في المجال المالي، على الرغم من التزايد الملحوظ لعدد التعديلات، سواء تلك المقدمة من طرف الفرق البرلمانية، أو المقبولة من طرف الحكومة، وبالرغم من ارتفاع منسوب المعلومات والوثائق ذات الصلة التي تقدمها الحكومة.

-         التفوق الواقعي للحكومة في مسلسل صياغة القانون المالي: يُمَكِّنُ رصد الفارق في الموارد والوسائل المادية والبشرية المرصودة للبرلمان سواء على مستوى الخبرة الإدارية والتقنية، من تأكيد استمرار تفوق الحكومة على المؤسسة التشريعية في كل مراحل صياغة القانون المالي، وهو ما يجعل العلاقة غير متكافئة بين البرلمان والحكومة، على نحو يجعل مناقشة مشروع القانون المالي تبتعد في مرات عديدة عن المقتضيات المتضمنة في المشروع، لغياب توفر القدرة على تملك المشروع ورصد نقائصه وتوجهاته التي تأخذ في الغالب طابعا تقنيا.

-         غياب هيكلة موضوعية للحقل السياسي على أسس اختيارات مذهبية: يظهر ذلك بشكل جلي على مستوى الاصطفافات المسجلة خلال تشكيل الحكومة في نسختيها الأولى والثانية، ونفس الأمر بالنسبة للمعارضة، كما يظهر ذلك على نحو واضح من خلال استبيان مدى توافق التعديلات المقترحة مع الهوية السياسية للفرق البرلمانية، حيث ترفض الحكومة مقترحات تعديلات كان تشكل مطالب أساسية لمكونها الأساسي خلال مرحلة المعارضة، في حين تتبنى المعارضة الحالية تعديلات كانت ترفضها خلال مرحلة مشاركتها في الحكومة، ويتعلق الأمر على سبيل المثال لا الحصر، لمقترح تعديل المادة 6 من مشروع قانون المالية القاضي بالرفع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك الخاصة بالمشروبات الكحولية؛ واقع يجعل الحكومة والمعارضة على حد سواء فاقدتين للهوية المذهبية والبرنامجية، والتي ينبغي أن تشكل عامل تقاطب برنامجي يساعد على تمثل إمكانيات التناوب السياسي المفضي بدوره لتداول السياسات العمومية. لذا يبقى من الصعب تقييم الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة والمعارضة انطلاقا من محددات مذهبية واضحة بالنظر للتناقضات العديدة التي تخترقها.

ثانيا:المحددات الظرفية للنقاش البرلماني حول مشروع قانون المالية:

اتسم السياق العام المرتبط بمناقشة مشروع قانون مالية هده السنة بخصوصيات عديدة انضافت لما ثم التأكيد عليه سابقا، ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالعوامل التالية:

-         أثر مرحلة ما بعد 4 شتنبر :خلفت الاستحقاقات الانتخابية المتعلقة بانتخاب مجالس الجماعات الترابية، مرورا بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، ووصولا إلى انتخاب رئيسه، تصدعات حقيقية في صفوف الأغلبية والمعارضة على حد سواء، حيث لوحظ التفكك في صفوف المعارضة البرلمانية، كما أبانت الأحداث والوقائع عن هشاشة الأغلبية الداعمة للحكومة، وهو ما عمق ضبابية المشهد السياسي واصطفافاته الرئيسية، مما يطرح أسئلة عميقة بشأن قدرة الحكومة وأغلبيتها على مواصلة تنفيذ التزاماتها البرنامجية في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة، في مقابل ذلك يطرح بقوة مسألة مدى قدرة المعارضة البرلمانية على تقديم بدائل حقيقية، خصوصا على ضوء تعدد المواقف المعبر عنها خلال لحظة التصويت على مشروع القانون المالي، والتي توزعت بين الرفض والامتناع والموافقة.

-         الاختزال الإعلامي والسياسي للقانون المالي في قضايا جزئية: كامتداد لتداعيات الانتخابات الجماعية والجهوية، احتلت إشكالات جزئية، ترتبط في جزء كبير منها بقدرة الأطراف السياسية على تدبير خلافاتها الداخلية، واجهة النقاش الإعلامي والسياسي، بل واختزلت لحظة مناقشة التدابير المالية الحكومية المتصلة بأولويات السياسات العمومية بشكل تعسفي في مناقشة المادة 30 من مشروع القانون المالي، وهو ما ينبغي في نظر الوسيط، أن يتم بشكل أولي داخل مؤسسة مجلس الحكومة بصفته هيئة تداولية للجهاز التنفيذي، عوض تصدير النقاش للبرلمان.

ويبدو من خلال استقراء تداعيات النقاش حول المادة 30 من مشروع القانون المالي، ضعف تملّك الوظيفة الدستورية الجديدة لمنصب رئيس الحكومة، والاتجاه نحو تزكية التدبير التقنوقراطي للسياسات العمومية، بكل ما يفترضه ذلك من اتجاه نحو تكريس فكرة تفوق الخيارات التقنوقراطية، وما يترتب عنه من إقرار اللامسؤولية المنظمة، حيث تختل العلاقة المتلازمة لممارسة السلطة بالمحاسبة.

-         أثر السنة الانتخابية والسنة الأخيرة للولاية: من خلال رصده لمختلف مراحل مناقشة واعتماد مشروع قانون مالية 2016 داخل مجلس النواب، سواء في إطار اللجان القطاعية أو الجلسات العامة، يلاحظ الوسيط بشكل عام تراخ في الفعالية التشريعية للنواب سواء تعلق الأمر بنسب الحضور، أو فعالية المشاركة في المناقشة وتقديم التعديلات لتجويد النص المطروح للتداول والتصويت، بشكل جعل البرلمان هده السنة، وتحت وطأة الاستحقاقات التشريعية المقبلة والإنهاك السياسي الناتج عن الاستحقاقات الترابية السابقة، أقل فعالية مما كان عليه الأمر خلال السنوات الماضية من الولاية التشريعية الحالية.


  1. ملاحظات حول مضمون مشروع القانون المالي 2016:

انطلاقا من دراسة مقتضيات مشروع القانون المالي لسنة 2016 في علاقتها بالتزامات الحكومة سواء تلك المعبر عنها في البرنامج الحكومي، أو الأهداف المعلن عنها من خلال الورقة التقديمية لمشروع القانون المالي نفسه، يسجل "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" في البداية ملاحظتين أساسيتين:

فمن جهة أولى يتضح اعتماد الحكومة في إعدادها لمشروع القانون المالي على فرضيات تتسم بالاستمرارية مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما قد يؤشر على جهد محدود من لدن الحكومة على مستوى التأثير في الإطار الماكرواقتصادي الذي يندرج في إطاره هذا المشروع؛

ومن جهة أخرى، يتبين أن القانون المالي يبقى خاضعا على العموم، سنة بعد أخرى، لبنية هيكلية جامدة على مستوى بنيات وحجم النفقات والمداخيل، وهو ما يجعل هامش الاختيار بالنسبة للحكومة مُقلّصا إلى حد كبير، بل وتصبح معها بنية قوانين المالية مُقيِّدَة للاختيارات الاقتصادية والاجتماعية، وموجهة لها في نسق يَتّسِم بالاستمرارية التي تصبح ناظمة للحكومات مهما كانت توجهاتها المُعلنة.

تطرح الملاحظتين السالفتين في العمق سؤال مدى قدرة القانون المالي على لعب دوره الأساسي والرئيسي كآلية لتنفيذ البرنامج الحكومي وترجمة الاختيارات السياسية والوفاء بالتعهدات والبرامج الانتخابية، مع تحقيق التداول المنشود للسياسات العمومية، وربطها بالتناوب السياسي للحكومات.

وفي علاقة بالجوانب الإجرائية المتضمنة في مشروع قانون مالية 2016، يمكن إجمالها في ثلاث محاور رئيسية تسترعي إبداء بعض الملاحظات، وهي تهم على الخصوص هدف النمو الاقتصادي، والسياسات الاجتماعية والإصلاحات الهيكلية.

أولا: بخصوص هدف النمو الاقتصادي

بقدر ما يشكل النمو الاقتصادي الهدف المحوري الذي يهيكل أي قانون مالي، بالنظر أولا لكونه يشكل إشارة تجاه الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بخصوص تصور الحكومة للظرفية العامة، ومحددا لحجم المجهود العمومي وطموح الحكومة خلال السنة المالية، بل وضابطا للمؤشرات الاقتصادية الأخرى وعلى رأسها التشغيل والاستهلاك والإنتاج، فإن الحكومة حصرت هدف النمو الاقتصادي في 3 % وهو ما يطرح مجموعة من الإشكاليات والتساؤلات وفي مقدمتها نشير إلى ما يلي:

-         نسبة النمو المستهدفة ستظل أقل من النسبة المسطرة في البرنامج الحكومي، والذي كان قد حدد تحقيق نسبة 5.5 بالمائة في أفق سنة 2016، علما أن العجوزات الاقتصادية والاجتماعية  المسجلة في مجالات متعددة تحتاج إلى تسريع وثيرة النمو الاقتصادي، المنتج لفرص الشغل.

-         النسبة المستهدفة تُسائِل في العمق الاختيارات الاقتصادية المنتهجة طوال الأربع سنوات الماضية، ومدى قدرتها في التأثير بشكل إيجابي في النموذج الاقتصادي الوطني، وحجم مفعولها في تقليص الهشاشة البنيوية للاقتصاد الوطني.

-          اعتبارا لكون 2016 سنة انتخابية حاسمة من الولاية الحكومية، بما يستلزم مجهودا مضاعفا وإراديا من طرف الحكومة، أولا من أجل الوفاء بالإلتزمات التي تعهدت بشأنها منذ سنة 2012، وثانيا من أجل التحكم في حجم التردد وغياب الأفق المتصل على الخصوص بالسنوات الانتخابية، التي تحتاج استثمارا في الثقة حتى لا يتوقف إيقاع النمو الاقتصادي بسبب التهيؤ للانتخابات.

ثانيا: بخصوص السياسات الاجتماعية

شكلت القطاعات الاجتماعية رهانا استراتيجيا، ومنطلقا معبئا للحكومة، سواء تعلق الأمر ببرنامج حزب العدالة والتنمية الذي يقودها، أو من خلال البرنامج الحكومي ككل؛ غير أن مشروع قانون مالية 2016 يثير ملاحظات أساسية على هذا المستوى يمكن إجمالها في ما يلي:

-         تواصل تطور نفقات التسيير على حساب نفقات الاستثمار المتعلقة بالقطاعات الاجتماعية، مع تسجيل تراجع الميزانية المرصودة لبعض القطاعات الاجتماعية وفي مقدمتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني برسم مشروع قانون مالية 2016، وهو ما يعكس عمق تحكم هاجس تقليص تحملات الدولة انسجاما مع هدف التوازنات الماكرواقتصادية.

-         ضعف عدد المناصب المالية المخصصة للقطاعات الاجتماعية خلال السنة المالية 2016، حيث لا تمثل أكثر من 40 % من مجموع المناصب المالية المحدثة، وهو ما يطرح إشكالات حقيقية ترتبط بتغطية العجز المسجل على مستوى الموارد البشرية بهذه القطاعات الحيوية ذات الارتباط المباشر بالمواطن ومعيشه اليومي.

-         عدم إدراج مسألة التشغيل كأولوية محورية ومهيكلة للقانون المالي، سواء تعلق الأمر بإحداث مناصب مالية بالقطاع العام، أو تحفيز الإدماج المهني للشباب في القطاع الخاص، على ضوء المؤشرات المقلقة لنسبة البطالة التي بلغت 9.9 % عوض 8.9 % سنة 2011، مما يستلزم من الحكومة مجهودا مضاعفا من أجل استيعاب الوافدين الجدد على سوق الشغل، مع تقليص الهشاشة وإعمال مفهوم العمل اللائق.

ثالثا: بخصوص الإصلاحات الهيكلية

رصد الوسيط من خلال مقتضيات مشروع قانون مالية 2016، تفاوت اهتمام الحكومة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، مع تسجيل غياب المقاربة الشاملة في تنزيل العديد منها، وذلك من خلال ما يلي:

-         مواصلة تسجيل الاختلالات الأساسية والهيكلية في النظام الضريبي الوطني حيث أن الحكومة ومن خلال المقتضيات الجبائية المتضمنة في مشروع قانون مالية 2016، لم تغير بشكل جذري - وبعد ثلاث سنوات من المناظرة الوطنية حول الجبايات - التوازنات الرئيسية التي تأسس عليها النظام الضريبي والمتسمة بعدم التوازن وغياب فعلي لعدالة ضريبية لمساهمة الفئات والقطاعات في تمويل السياسات العمومية للدولة، بشكل يحقق توزيع العبئ الضريبي بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.

-         بقدر ما ستشكل السنة المالية 2016، محطة لتحصيل النتائج المالية لتفكيك منظومة المقاصة، خصوصا في شقها المتصل بدعم المحروقات، وانطلاقا من استحضار الظرفية الايجابية التي واكبت إلغاء دعم استهلاك المواد النفطية، واعتبارا للبرامج والإجراءات المواكبة والبديلة المنتهجة (برنامج تيسير، برنامج دعم الأرامل الحاضنات لأطفالهن)، فإن الوسيط يسجل بالمقابل أن إصلاح المقاصة يجب أن يستهدف تحقيق عدالة اجتماعية بين الفئات على مستوى المساهمة الـمُنصِفة في تحمُّل تكلُفة الإصلاح، مع إدراجه في إطار إصلاح شامل للسياسات العمومية الاجتماعية.

-         يسجل الوسيط التأخر الملموس على مستوى إصلاح أنظمة التقاعد، وهو ما يرفع من المخاطر المحدقة بالمالية العمومية، بما يهدد في العمق استدامة المالية العمومية وضمان الحقوق الأساسية للموظفين والأجراء، حاليا ومستقبلا. وبناء عليه، يتبين أن مشروع القانون المالي لسنة 2016، لم يذهب في اتجاه إقرار إجراءات عملية تساعد على توسيع قاعدة المساهمين في أنظمة التقاعد، بما يحقق حدا أدنى من الحماية الاجتماعية، ويحصن القدرة الشرائية.