"أنفاس بريس" بمتحف محمود درويش في رام الله بفلسطين المحتلة

"أنفاس بريس" بمتحف محمود درويش في رام الله بفلسطين المحتلة

يشكل متحف محمود درويش برام الله بالضفة الغربية، إضافة نوعية للمشهد الثقافي الفلسطيني بكل أشكاله ومكوناته، كما يعد صرحا وطنيا لجميع أبناء الشعب الفلسطيني، ومنبرا للأنشطة والفعاليات الثقافية الحرة لكل الإبداعات الفلسطينية والعربية والدولية.

متحف محمود درويش الذي زاره موقع "أنفاس بريس"، أخيرا، عبارة عن مجمع ثقافي وحديقة عامة، تبلغ مساحته حوالي 9 آلاف متر مربع، يقع على ثلة مطلة على مدينة القدس. بني بالحجر التقليدي بأيد فلسطينية خالصة، وصممه المهندس جعفر طوقان ابن الشاعر الكبير إبراهيم طوقان، وساعد في إنجازه عدد كبير من المؤسسات الوطنية الفلسطينية من جمعيات وابناك، إضافة لشخصيات وطنية فلسطينية وعائلة الراحل محمود درويش، ووزارة الثقافة الفلسطينية وبلدية رام الله، والهيئة التأسيسية لمؤسسة محمود درويش والشاعر سميح القاسم.

 يضم هذا الصرح الثقافي الهام قاعة متعددة الاستعمالات خصصت لاستضافة مناسبات ثقافية مختلفة، وهي ذات تصميم مرن يتيح إمكانية تقسيمها إلى ثلاث قاعات منفصلة في حال الرغبة باستعمالها كقاعات محاضرات، إضافة لمكتبة    ومتحف محمود درويش وفضاء المنبر الحر، والضريح ومسرحا صيفيا خارجيا يتسع لحوالي 500 شخص ويضم منصة  وغرف خدمات للعروض المختلفة، وحديقة عامة أطلق عليها اسم حديقة البروة تحتوي على مساحات خضراء وزهور وأشجار من الريف الفلسطيني، وممرات وجلسات ظليلة، والبروة هي قرية فلسطينية مهجرة في عكا بها ولد الشاعر الراحل محمود درويش.

وبمبنى المتحف تعرض بشكل أنيق ودقيق بعض تذكارات الشاعر الراحل محمود درويش من مخطوطات ومقتنيات خاصة، كما يحتوي على قاعة عرض فيديو ومكتبة تضم مؤلفاته ودواوينه، إضافة إلى كتب أدبية أخرى، ومجموعة قصاصات من بينها شهادة له وهو في الصف الرابع الابتدائي تشهد له بالتميز ورسالة كتبها لشقيقه أجمد سنة 1965، فيما يحتوي ركن آخر على نظارته وساعته وفنجانه ومعطافه، وسجادة ومرآة وعدد من أقلامه، وصور متنوعة مع أسرته وأخرى عن أهم أنشطته، والجوائز العربية والعالمية التي حصل عليها طوال مشواره الفكري، كما توجد عند مدخل المتحف جذارية مكتوب عليها بعضا من أبياته الشعرية الأكثر شهرة، ونبذة عن حياته باللغتين العربية والانجليزية منذ ولادته عام 1941 حتى وفاته عام 2008.

ويجمع الفلسطينيون وكل محبي الشاعر الراحل محمود درويش على أنه يشكل رمزا وطنيا وتحرريا وإنسانيا كبيرا للشعب الفلسطيني والأمة العربية ولكل المؤمنين بالسلام والتعايش والوئام، معتبرين المتحف مكانا تختزل فيه الثقافة والفكر الإنساني الذي جاد به الراحل الكبير.

وتشرف على إدارة هذا الصرح الثقافي الذي افتتح سنة 2002، مؤسسة ومتحف محمود درويش، وتهدف هذه المؤسسة إلى جمع أعمال الشاعر وتراثه وحفظهما، وإنشاء مركز ثقافي متعدد الأغراض في منطقة ضريح الشاعر في رام الله وإدارته، واقتراح نشاطات ثقافية وأدبية وفنية وإنسانية وأكاديمية وخيرية وإعلامية وأي نشاطات أخرى يحددها مجلس الأمناء وتنفيذها ورعايتها، وكذا تخصيص جائزة سنوية للإبداع في مجالات الثقافة والأدب والفنون وتمنح لمثقفين من فلسطين وخارجها.

يشار إلى أن الشاعر الراحل محمود درويش توفي سنة 2008 بعد إجراء عملية  قلب مفتوح في مركز تكساس الطبي بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعد الراحل احد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب، ارتبط اسمه بشعر الوطن والثورة والمقاومة، كما انه احد أبرز من ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه.

ولد الراحل بقرية البروة الفلسطينية التي تقع في الجليل شرق ساحل عكا، طرد من البروة مع أسرته في السادسة من عمره تحت دوي القنابل عام 1947، ووجد نفسه أخيرا مع عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، بعد أن تعرض الشعب الفلسطيني للاقتلاع وتدمير مدنه وقراه.

عاش محمود في حيفا التي عاش فيها عشر سنين وأنهى بها دراسته الثانوية، تم عمل محررا في جريدة "الاتحاد"، وكان ممنوعا من مغادرة حيفا مدة عشر سنوات، كانت إقامته بها إقامة إجبارية.

 ومن عام 1967 إلى 1970 كان الراحل ممنوعا من مغادرة منزله بحيفا، وكان من حق الشرطة أن تأتي ليلا لتتحقق من وجوده، وكان يعتقل كل سنة ويزج به في السجن من دون محاكمة. اتهم بالقيام بنشاط معاد لدولة إسرائيل فطورد واعتقل خمس مرات 1961، 1965، 1966، 1967، و1969.