سعيد إدى حسن: إيران وتدويل "الفتنة" الطائفية

سعيد إدى حسن: إيران وتدويل "الفتنة" الطائفية

افتتح في العاصمة الإسبانية مدريد نهاية شهر فبراير الماضي فرع أو ذراع جديد من أذرع "مؤسسة آل البيت"، وهي مؤسسة شيعية تمولها إيران، وتعنى أساسا بتصدير الثورة الخمينية إلى كل بقاع العالم. وحضر حفل الافتتاح ممثلون عن الدولة والسلطات الرسمية الإسبانية وهذا أمر طبيعي. ولكن ما ليس بالأمر الطبيعي هو وجود السيد منير بن جلون، الأمين العام للجنة الإسلامية في إسبانيا ودعوته إلى "افتتاح المزيد من مثل هذه المراكز".

تنويرا للسيد بن جلون وغيره ممن يعتقدون بأن التسامح يعني دعم الآخرين حتى ولو كانوا من ألد الخصوم، حيث لا يمكنك أن تتخيل بأي شكل من الأشكال أن سلطة دينية كاثوليكية قد تشهد افتتاح معبد من شهود يهوه على سبيل المثال. فاحترام الحرية الدينية وحرية المعتقد كما هو منصوص عليه في القانون شيء، أما دعم تيار أو مؤسسة تهدف بالأساس إلى تشجيع الكراهية ضد "الخصوم"، وفي هذه الحالة المسلمين السنة، وهم يشكلون الغالبية الساحقة في اسبانيا وفي بلدان الغرب الإسلامي، فهذا شيء آخر.

وهنا نرجع بشريط الأحداث السياسية إلى الوراء قليلا وتحديدا إلى بدايات الثورة الخمينية في إيران، حيث عمدت السلطات الإيرانية بعد نجاح الثورة إلى نهج سياسة نشطة لاستقطاب الشباب من الدول العربية، ذات الأغلبية السنية، وشحنهم عقديا وفكريا من جهة وكذا تعبئتهم سياسيا لنشر الثورة في معظم العالم العربي. ولبلوغ هذا الهدف عمدت السلطات الإيرانية إلى إنشاء مؤسسات متخصصة في تجنيد وتدريب متشددين لتصدير نموذج "ولاية الفقيه" إلى بلدان أخرى.. ومن أهم هذه المؤسسات "مؤسسة آل البيت"، لكن الأنظمة العربية تصدت عسكريا وفكريا وثقافيا للمد الشيعي ونجحت إلى حد كبير في حصره في إيران وبعض المناطق العربية.

وكنا سنبتهج إلى جانب مسلمي إسبانيا بافتتاح هذا المركز لو كان الهدف من هذا الكيان هو العمل على نشر الإسلام السمح الحق، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار قدرة المؤسسة التنظيمية التي لا يمكن إنكارها. لكن التاريخ شاهد على أن هذه المؤسسة ستسعى فقط لإغراء المسلمين في إسبانيا، وغالبيتهم من المهاجرين المغاربة السنة، حيث عدد المتشيعين في إسبانيا لا يفوق رؤوس الأصابع.. وهنا ننصح جميع أولئك الذين تعاملوا مع هذا الحدث بحسن نية أو بسذاجة، أن يسألوا مسلمي بلجيكا عن الفتنة الطائفية التي خلقتها ذات المؤسسة من عدم، حيث استدرجت عددا كبيرا من الشباب الذين يفتقدون للحصانة الفكرية والثقافية لتوجههم بعد ذلك صوب نحور بني جلدتهم.

واستغلت المؤسسة "شهر العسل" بين إيران والقوى الغربية، التي كشفت عن استعدادها لنسيان خلافاتها مع المعممين لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، لتوسيع أنشطتها خاصة وأن رياح الخريف العربي تهب في صالح مشروعها التوسعي.

بدلا من حضور الولائم لالتقاط الصور، نحث السيد بنجلون وكل الأئمة الذين حضروا حفل افتتاح هذه الثكنة الفكرية على العمل من أجل رأب الصدع بين مكونات المشهد الإسلامي بإسبانيا.