المصطفى حمزة: مدينة الفوسفاط "لوي جانتي" عاصمة إقليم اليوسفية

المصطفى حمزة: مدينة الفوسفاط "لوي جانتي" عاصمة إقليم اليوسفية المصطفى حمزة
وإذا كنا لا نتوفر على أية معلومات حول (كشكاط) المدينة الأصل، فإن ما أسعفتنا به مجموعة من المونوغرافيات الفرنسية والروايات الشفوية من معلومات، تفيد بأن المدخل الشمالي لهضبة الگنتور بما فيها الموقع الحالي لمدينة اليوسفية، والحاضرة الفوسفاطية (ديور النصارى)، كانت هذه المنطقة مكسوة بأشجار السدرة، والطلح، ومختلف النباتات، والأعشاب البرية، كما كانت معروفة بكثرة الوحش، وبذلك شكلت مجالا للرعي والصيد، وعموما فكثافة الغطاء النباتي بالمنطقة، لها علاقة بجريان مياه "وادي كشكاط" الذي كان يخترقها وهو في طريقه إلى مصبه الأصلي (حي الرمل) حاليا، قبل أن يعمد الفرنسيون إلى تغيير مجراه نحو (حي الريطب) في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي. 
 
أما الحياة البشرية فقد كانت متمركزة بالدواوير التالية: "الجبورات" و "الفواشخ "، والزوايا التي تنطق المنطقة: زاوية حرمة الله، ثم زاوية سدي أحمد مول الواد، وزاوية النعيمي". 
 
وعموما، فتطور "كشكاط" أي "لوي جانتي" المدينة، فقد ارتبط باكتشاف معدن الفوسفاط ببلاد أحمر على يد الجيولوجي الفرنسي (Louis Gentil) (1868 ـ 1925) الذي وافته المنية سنة 1925م، قبل الشروع في تشييد مدينة "لوي جانتي"، في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، التي حملت اسمه إلى نهاية الفترة الاستعمارية، اعترافا بمجهوداته العلمية والخدمات الاستخباراتية التي قدمها للدولة الفرنسية. 
 
ومعلوم أن معدن الفوسفاط بهضبة الگنتور كان معروفا منذ 1919م، وأن التعرف على رواسبه تم سنة 1929م على يد "Nogaret "، في حين أن الشروع في استغلاه تم سنة 1932م. لكن هذا التطور كان صعبا وبطيئا كما هو عليه الحال اليوم، مع فارق، هو أن تطور مدينة (لوي جانتي) في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، حالت دونه عوامل موضوعية، تجد تفسيرها في عاملين أساسيين هما: 
الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929، وما ترتب عنها من انعكاسات سلبية في جميع الميادين، مست دول العالم الرأسمالي والدول التي كانت مرتبطة بها، بما فيها المغرب الذي عرف الإنتاج فيه في جميع الميادين تراجعا كبيرا ابتداء من سنة 1932م.
 
الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945): تميزت بانهزام فرنسا واحتلالها من طرف ألمانيا. 
هاذين العاملين، إذا ما أضفنا لهما عامل ضعف التقنيات، والوسائل التي كانت مستعملة آنذاك في استخراج معدن الفوسفاط وتنشيفه، خلال الفترة الممتدة ما بين 1934 و 1959، بما فيها استعمال تقنيات ضعيفة الجودة في استخراج معدن الفوسفاط، والجمال والأطفال في عملية تنشيفه، نفهم مدى محدودية استخراج معدن الفوسفاط، كما نفهم مدى محدودية تطور المجال العمراني للمدينة، وضعف ساكنتها. 
 
 
(يتبع)