محمد عزيز الوكيلي: الجزائر.. والجزائر.. ثم الجزائر... منتهى القرف !!

محمد عزيز الوكيلي: الجزائر.. والجزائر.. ثم الجزائر... منتهى القرف !! محمد عزيز الوكيلي
لم يبق لي شخصيا إلا الشيء اليسير من الصبر، لأُصاب أنا الآخر بفوبيا، كتلك التي أصيب بها جيرانُنا الشرقيون فأدمنوا عليها منذ أكثر من ثلاثة وستّين عاماً (المروك المروك المروك المروك !!!)، لأن المرء يجد نفسه في كل صبيحة جديدة أمام خبر، يثير التقزّز، قادمٍ من بلد ذلك الجار... خبر يخصنا نحن تحديداً، ويشكل تهديداً يومياً لأمننا وسلامتنا، ثم تأتي مع الخبر ذاته، بكل صفاقة وبجاحة، صرخات الاستنكار ضد الشَّرَاكات المثمرة والمتنامية التي أقمناها بيننا وبين دولٍ يقوم لها العالم ويَقعُد، كالولايات المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، وروسيا، والصين والهند، وحتى مع تركيا... وكالتي عقدناها مع إسرائيل تحديداً، والتي هي الآن بصدد التنقيب الواعد عن الغاز والنفط على مقربة من حاسي بيضة وحاسي الرمل المسروقتين منا، لأن جيراننا أولئك يتمتعون بذاكرة "ذبابية"، ولذلك ينسون في كل مرة، وعند كل صرخة مُنكِرة يُطلقونها، أنهم هم المسؤولون الأوّلون عن إبرامنا لتلك الشراكات والمعاهدات، وخاصة اتفاقية أبراهام، التي لولاها، ولولا تطوّرها الحثيث عسكرياً وأمنياً وتكنولوجياً لانتقلوا تجاهنا من الصراخ والتهديد إلى الفعل، ولَكُنّا جميعاً، هم ونحن معهم، قد تراجعنا اقتصادياً واجتماعياً عشرات السنين إلى الوراء، ولَكُنا الآن، جميعاً، منهمكين في دفن القتلى، وتضميد الجرحى، وتأهيل المعطوبين، وإعادة الإعمار !!
 
بالأمس تطرقتُ لخبر انكباب جارتنا الشرقية بكل هِمّةٍ على حفر الأنفاق، شرقَ جدارنا الأمني، لتمكين ميليشياتها الجنوبية من مهاجمة قواتنا المسلحة الملكية، وحواضر أقاليمنا الجنوبية وسكانها المُسالمين، أما اليوم فالخبر القادم من هناك يتكلم عن خطة أخرى جهنمية يريدون بها ان يٌقوّضوا استضافتنا لنهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، لأنهم يستكثرون علينا كل ما استطعنا إنجازَه من استعدادات رفيعة المستوى لتجويد هذه الاستضافة، على صعيد البنيات الأساسية بكل أساسياتها وتفاصيلها، ولذلك يطمحون إلى جعلها مسرحاً لتفجير كبتهم وحقدهم وحسدهم، فماذا فعلوا لتحقيق ذلك؟!
 
لقد جمعوا شتاتاً هائلا يتشكّل من آلاف مهاجري الساحل والصحراء من الأفارقة، المتسكعين ليل نهار على حدودهم مع مالي والنيحر والبلدان الأخرى المتاخمة، مع التخطيط لإطلاقهم كقذائف الراجمات الصاروخية باتجاه ترابنا الوطني على مستوى حدودنا في أقصى الجنوب، من أجل خلق جو من الالتباس والارتباك والفوضى!!
 
لكم أن تتخيلوا مشهداً ينزح فيه آلاف الأفارقة المغامرين والمكيَّفين ذهنياُ بإيحاءات جيراننا الشرقيين، وبإكرامياتهم المالية الإرشائية، المعتادة، وهم ينتشرون في فوضى عارمة بمدننا الجنوبية متجهين منها صوب حواضرنا الكبرى، وصوب منشآتنا السياحية والرياضية بالذات، والبقية لا تحتاج إلى كثير تفصيل!!
 
لقد استطاعت قواتنا الأمنية مسترشدةً بتقاريرها الاستخباراتية أن تُفسدَ تلك الخطط وتَئِدَها في مهدها، وفوق ذلك وهو الأهم، أن تعتقل المدبِّرين المكلَّفين بتأطير الحشود التي كانت مرشحة للقيام بعمليات الاجتياح تلك، لتجد قواتُنا الأمنية أنهم "جزائريون نَسَباً وجنسيةً"، ولتفتضح المكيدة أمام العالم، وليتضح للعالم كله مدى الحكمة الكامنة في مقولة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله تراه، "إنني لا أريد من العالم سوى أن يعلم مع من حشرنا الله في الجوار" !!
 
الأغرب من كل ما سلف ذكره، أنهم بالرغم من كل عداوتهم المعلنة واعتداءاتهم الواضحة والفاضحة، لا يجدون الآن حرجاً في تَقَمُّص دور الضحية، وهم يُعبّرون عن استنكارهم لفرضنا تأشيرة الدخول إلى ترابنا على مواطنيهم، رغم أن هذا الإجراء لم يخصهم دون غيرهم من الزوار الراغبين في حضور استحقاقات نهائيات
الكأس الإفريقية للأمم، ويشتكون على الخصوص من رفضنا منح التأشيرة لمواطنين جزائريين بعينهم، كانوا طوال الوقت يسبوننا، ويهينون نساءَنا وبناتِنا، ويَنعتونهن بالعُهْر وبأقذع النعوت والأوصاف، ويستبيحون بألسنتهم المشحوذة كالشفرات سمعتهن وكرامتهن... وهاهم الآن يتباكون أمام الملأ لمجرد ممارستنا لإجراءات قانونية وإدارية، سيادية، لا يختلف حول مشروعيتها اثنان، وهم الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية، وأقفلوا الحدود براً وبحراً وجواً، وأوْصَدوا سماءَهم دون طائراتنا المدنية، وحتى الطائرات الأجنبية المسجَّلة داخل ترابنا، وفوق ذلك، مازالت تُثْقِل كاهِلَهم "مسيرة كحلة"، تاريخية بكل المعايير، طردوا فيها نحو خمسين وثلاثمائة ألفٍ من مواطنينا رجالاً ونساءً عجزةً وأطفالاً صغاراً ورُضَّعاَ وذوي حاجات خاصة... وما زالوا إلى غاية اللحظة يتباكون... عجبي !!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد