جمال المحافظ في الوقت الذي تعقد أكاديمية المملكة المغربية اليوم الجمعة، اجتماعاً لمجمعها الأكاديمي إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 74.19 المتعلق بإعادة تنظيم أكاديمية المملكة المغربية، والرامي إلى تعزيز صلاحياتها باعتبارها مؤسسة علمية وطنية مرجعية وفضاءً للانفتاح والحوار وتبادل الأفكار، تبدو الحاجة ملحة لتفعيل عدة مبادرات سبق للأكاديمية أن أقرتها في مقدمتها مشروع تأسيس " دار تاريخ المغرب" الذى كان من بين توصيات هيئة الانصاف والمصالحة (2004 – 2006 ).
ويُعد المجمع الأكاديمي جهازاً علمياً يضم الأعضاء المقيمين، وتناط به، وفقاً لمقتضيات القانون رقم 74.19 المتعلق بإعادة هيكلة أكاديمية المملكة المغربية، مهمة عرض استراتيجية الأكاديمية، ودراسة برامجها ومشاريعها وأنشطتها العلمية. ومن المقرر أن يقدم أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، في افتتاح الاجتماع حصيلة أنشطة الأكاديمية، والتي تشمل إرساء الهياكل الخاصة بكل من المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، والهيئة الأكاديمية العليا للترجمة، والمعهد الأكاديمي للفنون، إلى جانب مختلف الكراسي العلمية وبرامجها المتعددة.
اهتمام بالتاريخ
وتأتي أهمية تفعيل مشروع " دار تاريخ المغرب"، في ظل تزايد " الطلب الاجتماعي" على التاريخ بالمملكة، بفعل انتظارات وتطلعات ارتبطت بمجموعة من التطورات شهدتها البلاد في أواخر القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين. ومن شأن مؤسسة بهذا الحجم "، أن تشكل أفقا في مسار " بناء مصالحة حقيقية للمغاربة مع تاريخهم، ولتمكين الأجيال المتعاقبة من معرفة المزيد عن تاريخ بلادهم العريق الممتد عبر قرون في الوقت الحاضر، والكشف عن مدى تنوع مكوناته.. "، كما دون أمين السر الدائم للأكاديمية في تقديمه لكتاب ” من أجل دار تاريخ المغرب. .تاريخ، ثقافة، تراث” الصادر سنة 2021 عن أكاديمية المملكة المغربية.
دار مفتوحة
فهذه المؤسسة التي ستعمل بتعاون وبدينامية متواصلة مع الجامعات والباحثين والجماعات الترابية والفنانين ومختلف الشبكات الثقافية والقوى الحية في المجتمع المدني، يمكن أن تكون على " شكل دار مفتوحة الأبواب والنوافذ، مواطنين مغاربة وزوارا أجانب، وفضاء ثقافي للعرض والتواصل، يضع أمام الوافدين عليه أدوات لفهم تاريخ المغرب وفرص لإثارة تساؤلات ونقاش حول مختلف جوانبه.." ، كما يرى الأستاذ محمد كنبيب الذى تولى الاشراف العلمي على الكتاب. لكن عبد الجليل الحجمري، أثار الانتباه إلى أن مشروعا من هذا القبيل، " لا يخلو من تعقيد، ناهيك عن كونه ملئ بالمزالق"، غير أنه ذكر بأن علم التاريخ بلغ درجة من النضج مكنته من تجديد أدوات التحقيق وطرق التحليل.
وإذا كان من المعروف في هذا المجال، تحقيق الكثير من الخطوات، منها إحداث مؤسسة أرشيف المغرب، ومعهد ملكي للبحث في تاريخ المغرب، لكن رئيس الجالية المغربية بالخارج ادريس اليزمي الذي تولى الاشراف على الكتاب، ذهب الى القول أن هذا لا ينف أن الملاحظة المركزية التي انتهت اليها مهمة هيئة الانصاف والمصالحة، " مازالت قائمة، باعتبار أن الذاكرة تطغى على التاريخ".
تاريخ منفتح
إن القصد من هذا المشروع، ليس " تقديم ماض جامد لا يتغير، بل تاريخ منفتح على القراءات المتعددة، تتم مراجعته دون انقطاع، لا تاريخ الحواجز التي تحدد هويتنا بصفة نهائية، بل تاريخ للتفاعلات والمبادلات، لا يرفض تساؤلات الحاضر، وإنما يساهم على عكس ذلك في اضاءة تلك التساؤلات من خلال التدريس والبحث، وفي تنسيبها واعطائها بعدا إنسانيا حقيقيا، يساعد على استعادة القدرة على الاشتغال واسترجاع صفتنا كمواطنين، يوضح ادريس اليزمي في صفحات من الكتاب.
وحسب مصادر إعلامية فإن أشغال المجمع الأكاديمي ستنصب خلال الاجتماع على مناقشة الدورة الحادية والخمسين للأكاديمية، المرتقب تنظيمها خلال شهر أبريل 2026، تحت عنوان: الذكاء الاصطناعي والعلوم الإنسانية: نحو نظرية معرفية مشتركة بين الإنسان والخوارزميات...
. (Intelligence artificielle et humanités : Vers une épistémologie partagée entre l’humain et l’algorithme(