أثار مشروع قانون رقم 16.22 المتعلق بمهنة التوثيق العدلي، الذي خرج إلى الوجود عقب سلسلة لقاءات بين وزارة العدل والهيئة الوطنية للعدول، موجة من الجدل في الأوساط المهنية والقانونية، بسبب ما اعتبرته بعض الأصوات «انتكاسة تشريعية» لا ترقى إلى مستوى الإصلاح المنتظر في القطاع.
وعبرت راضية الدباغ، عدلة موثقة باستئنافية طنجة ومحللة سياسية، في قراءة تحليلية عن خيبة أملها من مخرجات الحوار الذي أفرز المشروع، ووصفت النص بأنه «نتاج حوار شكلي» افتقد لروح الإصلاح والتجديد. واعتبرت أن المشروع يعكس هيمنة منطق اللوبيات والمصالح الضيقة على حساب مبدأ الكفاءة والشفافية الذي يفترض أن يؤطر عمل المهن القانونية.
وأشارت الدباغ إلى أن الانتظارات كانت كبيرة من هذا المشروع ليكون لبنة في مسار تنزيل مقتضيات دستور 2011، خاصة ما يتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز دور الهيئات المهنية في إبداء الرأي حول السياسات العمومية.
غير أن النص، بحسب تعبيرها، جاء «مفصلاً على مقاس فئة محدودة»، ما يجعله بعيداً عن تحقيق العدالة المهنية والمردودية المؤسساتية.
وانتقدت المتحدثة ما وصفته بـ«تهميش الكفاءات العلمية داخل المهنة»، مستشهدة بإقصاء العدول الدكاترة، معتبرة أن غياب آليات التحفيز والتجديد المهني يكرس نوعاً من الجمود ويحد من تطوير منظومة التوثيق العدلي بما يتناسب مع التحولات القانونية والاجتماعية الراهنة.
وفي مقارنتها مع تجارب دولية، أوضحت الدباغ أن دولاً مثل تركيا وماليزيا اعتمدت مسارات إصلاحية جعلت من التكوين العلمي رافعة لتحديث المهن القانونية وربط المسؤولية بالمردودية والشفافية، بينما بقي النقاش في المغرب – حسب قولها – أسير اعتبارات مصلحية.وختمت الدكتورة راضية الدباغ قراءتها بالتأكيد على أن الدفاع عن مهنة التوثيق العدلي «ليس دفاعاً عن فئة مهنية محددة، بل عن مبدأ العدالة ودولة القانون»، محذّرة من أن استمرار تغليب المنطق السياسي على القانوني قد يُفرغ النصوص من محتواها الإصلاحي ويؤثر سلبا على مصداقية التشريع.