إدريس الأندلسي: تسجيل الشباب في اللوائح الانتخابية ورهان التغيير

إدريس الأندلسي: تسجيل الشباب في اللوائح الانتخابية ورهان التغيير إدريس الأندلسي
لا لرهن مشاركة الشباب بتواريخ التسجيل في اللوائح
شاركت مؤخرا في ندوة مع مجموعة كبيرة من الشباب نظّمتها منظمة الكشاف المغربي حول موضوع "مغرب الوحدة، مغرب النماء". وكان من الواجب أن يتم تناول موضوع الحكامة في المغرب، ومنظومة القيم، وحقوق الشباب الدستورية. وقد عبّر الشباب المنتمي للمنظمة وغيرهم من المتعاطفين أو المهتمين بالدينامية التي خلقتها "حركة جيل زد" عن اهتمامهم الكبير بالقيم وبالحقوق التي تهم الولوج إلى تعليم جيّد، وخدمات صحية لا تستثني ذوي الدخل المحدود، ودمقرطة آليات إدماج الشباب في سوق الشغل.
 
عبّر كل المتدخلين في هذا اللقاء الهادف عن التحديات التي يجب أن ترفعها الدولة لتجنّب احتقانات اجتماعية يستهين بها أغلب من يوجدون في المؤسسات الخاصة بالتشريع وبِتنزيل السياسات العمومية، وتلك التي يجب أن تضمن تطبيق القانون في حق من يتجاوزونه في كافة القطاعات. حاولنا كمتدخلين أن نكون صرحاء في خطاباتنا، وأن نكون مجرد أصحاب رأي لا يوزعون النصائح.
 
عبّرتُ أمام ذلك الجمع من الشابات والشباب، كغيري من مؤطري هذا اللقاء، أن مفتاح تغيير أساليب الحكامة يوجد بين أيديهم. لا يجب أن ينتظر شباب بلادنا هدية من أحد، ولا يجب أن يتوقع أحد منهم أن الأبواب ستُفتح أمامهم تلقائيًّا. تُفتح الأبواب وتُكسر الحواجز بإرادة حقيقية في النضال من أجل التغيير.
 
كان الكلام منصبًّا على ضعف الحكامة في مجال تدبير الشأن العام، وتم التطرق إلى بنية المقاولات المغربية، التي تمتلك أغلبيتها عائلات تفضّل عدم الانخراط في ورش الشفافية والانفتاح على الأسواق المالية. قدّرتُ كثيرًا تدخل من كانوا بجانبي في هذا اللقاء. أكّد الجميع أن التغيير المنشود يتم بالمشاركة في تنزيل الديمقراطية، وتتشكّل الخطوة الأولى في التسجيل في اللوائح الانتخابية، ومحاولة تنسيق جهود الشباب للولوج إلى العملية الانتخابية بشكل يضمن ترجمة الحضور الافتراضي إلى تواجد فعلي كبير في المؤسسات.
 
أعجبتني فكرة تخصيص لائحة لكبار السن وترك المجال الأكبر للشباب. قال أحد المتدخلين إن الشباب هو من يقف في الصفوف الأولى للدفاع عن الوطن بروحه، وأصبح من اللازم أن يتم خلق جميع الظروف لتشجيع الشباب على الانخراط الفعلي في العملية الانتخابية. وأصبح من الواجب إلغاء الريع الانتخابي الذي يملأ البرلمان بأبناء وبنات من يسيطرون على حياتنا السياسية.
 
أتعجب كثيرًا حين أجد كاميرا التلفزيون تُظهر لنا شابات جميلات وأنيقات يجلسن في انتظار التقاط التلفزيون العمومي لظهورهن في الجلسات العامة. لا يزال الشباب يحمل في عمق تفكيره كثيرًا من الشك في إرادة الدولة لتغيير الريع السياسوي. لقد قال وزير الداخلية إن الانتخابات المقبلة ستكون شفافة. لا يمكن إلا أن نتمنى حيادًا إيجابيًّا لكل أجهزة هذه الوزارة الأم، ولا يمكن أن تكون الانتخابات شفافة دون حضور قوي للسلطة القضائية.
 
ولا يمكن أن يشارك الشباب كمنتخبين ومُنتخَبين دون تسهيل عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية. ولا أظن أن وضع تواريخ محددة للتسجيل سيكون مفيدًا لكي نستقطب، كوطن، الشباب للإسهام في نماء الوطن. لذلك يجب أن نستثمر التكنولوجيا الحديثة، والبطاقة الوطنية البيومترية، لتسهيل مشاركة الشباب ودعمها. ويعرف وزير الداخلية أن نسبة المشاركة ليست مجرد رقم لا يشكل أية حمولة سياسية. فليبحث من له قلب على الوطن عن أسهل السبل لدعم مشاركة الشباب في إحداث التغيير المنشود.
 
يجب أن يكون هذا الشباب حاضرًا في كل المؤسسات، لا على هامشها. ويجب التأكيد على ضرورة إعطاء ضمانات لمن خرجوا في مظاهرات ذات مطالب اجتماعية. نريد أن يتحصّن بلدنا ضد التطرف، وضد الفقر، وضد الريع، وضد الفساد. ولا يمكن لأي خطاب أن يبني الثقة في مؤسسات الدولة والوطن إذا ظل المفسدون خارج المحاسبة.
 
لاحظ المواطنون أن أغلب من يسكنون برلمان المغرب لا يعترفون بالقدرة على هزم الفساد. ولهذا يجب فتح الأبواب أمام من قهره ممتهنو السياسة والمستفيدون من الريع. أرجو أن تتغلب الإرادة السياسية العليا لكي يتم الاستماع لمن يقدّرون التحديات التي تحيط بمستقبل الوطن.
 
شباب هذا الوطن محبطون أمام من يسيطرون على المؤسسات، وأغلبهم يفسدونها. إذا تم التركيز فقط على الشكليات في القوانين الانتخابية، فستستمر قوى الإفساد في رسم قتامة في أفق الشباب. يجب أن نحمي وطننا بالشباب لا بغيرهم.