إطلاق أيام الشعلة للطفل تحت شعار: "الطفل والذكاء الاجتماعي"

إطلاق أيام الشعلة للطفل تحت شعار: "الطفل والذكاء الاجتماعي"
في سياق التأمل العميق في التحولات الاجتماعية والثقافية والرقمية التي يشهدها المغرب اليوم، وتحت ضغط التغيرات المستمرة في البنى التربوية والاجتماعية، تنظم جمعية الشعلة للتربية والثقافة فعاليات أيام الشعلة للطفل خلال شهر دجنبر2025، متخذة من موضوع "الطفل والذكاء الاجتماعي" محورا أساسيا للنقاش والممارسة.

 وتأتي هذه الفعالية السنوية لتؤكد التزام الشعلة العميق بالتربية على القيم الإنسانية وبناء شخصية الطفل، وجعلها قادرة على مواجهة تحديات العصر، ومواكبة التحولات الرقمية والاجتماعية التي تعيد رسم العلاقات الإنسانية.

إن هذه المبادرة تنظر إلى الطفل باعتباره فاعلا اجتماعيا واعيا بمحيطه، قادرا على بناء عوالمه الخاصة، وموازنة حرية التعبير مع قيم الاحترام والتعاون والتفاعل الإنساني. فالذكاء الاجتماعي، في سياق التحولات المعاصرة، لم يعد مجرد مهارة إضافية أو نشاطا ثانويا، بل أصبح عنصرا ثقافيا وتربويا محوريا في تكوين شخصية الطفل، وفي بناء مشروعه الحياتي والمجتمعي. فالتربية الحديثة لم تعد تقتصر على نقل المعرفة أو التلقين، بل تتجاوز ذلك لتشمل تنمية قدرة الطفل على التفاعل الواعي مع محيطه الاجتماعي، وفهم معاني العلاقات الإنسانية، وتحمل المسؤولية عن أثر أفعاله داخل المجتمع.
 
ومن هذا المنطلق، تهدف أيام الشعلة للطفل إلى فتح نقاش مجتمعي شامل حول الذكاء الاجتماعي، بمشاركة جميع الفاعلين المحليين، بما في ذلك المربين والباحثين، الأسرة والإعلام، المجتمع المدني والحقوقيون..... ويهدف هذا النقاش إلى الإجابة عن أسئلة جوهرية تتعلق بالطفل في زمن التحولات الرقمية والاجتماعية: كيف يمكن للطفل أن يوازن بين حرية التعبير الرقمية ومسؤولياته الاجتماعية؟ كيف يمكن أن يتعلم احترام الآخر والعمل بروح التعاون؟ وكيف يمكن للمجتمع أن يغرس فيه قيم التفكير النقدي والمواطنة الواعية التي تؤهله للتفاعل الإيجابي مع محيطه؟
 
وتشمل فعاليات أيام الشعلة للطفل، التي تمتد طيلة شهر دجنبر، ورشات فكرية، تربوية وإبداعية، ألعاب جماعية، حلقات نقاش حول القيم، أنشطة فنية ومسرحية، برامج للتفكير النقدي، وأنشطة للتربية الرقمية والاستخدام الواعي للتكنولوجيا.

 كما سيتم تنظيم لقاءات مشتركة تجمع الأطفال مع الأسرة والمربين والفاعلين المحليين، في إطار مرافقة تربوية تجعل الطفل شريكا فاعلا في بناء خبراته الاجتماعية، وليس مجرد متلقٍ للمحتوى وتؤكد هذه البرامج أن التربية على الذكاء الاجتماعي لا تقتصر على المهارات السلوكية، بقدر ما  تشمل الفهم النقدي للبيئة الاجتماعية، واستيعاب أثر الفعل الفردي والجماعي على المجتمع، واكتساب القدرة على التفاعل الإيجابي مع الآخر في فضاءات واقعية ورقمية.
 
وتعتبر جمعية الشعلة أن هذه المبادرة فضاء للتأمل والممارسة التربوية، وفرصة لإشراك فعاليات المجتمع المدني في التفكير حول الذكاء الاجتماعي باعتباره  حجر الأساس لبناء مجتمع متوازن ومتماسك، قادر على مواجهة تحديات العصر، والحفاظ على القيم الإنسانية، وتعزيز روح المواطنة والتضامن. كما أن فتح النقاش حول الذكاء الاجتماعي يساهم في توحيد الجهود بين الأسرة والمدرسة والمجتمع المدني والإعلام والباحثين، ويتيح تبادل الخبرات وأفضل الممارسات لضمان تحقيق الأثر الأكبر على الطفل والمجتمع معا.

إن الجمعية ترى أن الأطفال هم بناة المستقبل وركيزة أي مجتمع متقدم وواعي، وأن الاستثمار في تنمية ذكائهم الاجتماعي هو استثمار في وعي جماعي مستدام، وفي ثقافة تربية ترتكز على القيم والتفكير النقدي والتفاعل المسؤول. ومن هنا، فإن أيام الشعلة للطفل بقدر ما هي احتفال سنوي، فهي ايضا مساحة لإعادة الاعتبار للطفولة كمرحلة تكوينية حيوية، وللذكاء الاجتماعي كعنصر أساسي في بناء مجتمع مغربي متماسك، متفتح وقادر على مواجهة التحولات الاجتماعية والثقافية المعاصرة.