رغم أن القنص يعتبر هواية نبيلة ذات تاريخ طويل في المغرب، ويشكل جزءًا من التراث الريفي والصحراوي والجبلي، إلا أن بعض الممارسات الخاطئة بدأت تشوه صورة القناص الحقيقي الذي عرف عبر الزمن بالانضباط، احترام الطبيعة، وصون حرمة البشر قبل الطرائد.
لقد أصبحت بعض القرى والبوادي والمداشر والجبال تعاني من سلوكيات لا تمتّ لروح القنص بصلة، يمارسها قلة من القناصة الذين يتجاهلون قواعد السلامة، ويتناسون واجب احترام السكان المحليين. وهنا تكمن الخطورة.
ومن بين أخطر التجاوزات أن يقوم البعض بالاقتراب من المنازل وتوجيه البنادق نحوها، دون احترام لمسافة الأمان المفروضة قانونيًا وأخلاقيًا. الأخطر من ذلك أن الرصاص المتساقط يصل في بعض الأحيان إلى أسطح البيوت، ما يعرض الأسر والأطفال لخطر حقيقي.
القناص الذي لا يقدر خطورة سلاحه لا يحق له حمله، لأن حياة الإنسان أغلى من أي غنيمة.
بحيث لا يزال بعض القناصة يصطحبون معهم أطفالًا صغارًا، ظنًا منهم أنهم يساعدونهم في المطاردة أو جمع الطرائد. هذا السلوك مرفوض تمامًا، لأن الطفل لا يدرك مخاطر السلاح ولا ضوابط المجال، وقد يتحول المشهد في لحظة إلى كارثة .
حماية الأطفال مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية.
لا تتوقف التجاوزات عند حدود السلامة، بل تمتد إلى ترك الأزبال والنفايات في أماكن المبيت أو الاستراحة: خراطيش فارغة، بقايا الطعام، قنينات، وأكياس بلاستيكية.
المجال الطبيعي الذي نستمتع به يجب أن نتركه أنظف مما وجدناه، لا أن نساهم في إفساده.
في بعض المناطق، يشتكي السكان من ألفاظ نابية وتصرفات لا تحترم فيها حرمة المكان ولا كرامة الناس. القناص الحقيقي معروف بأدبه ووقاره، لا بصوته المرتفع ولا بتطاوله.
ومن أكثر السلوكيات المرفوضة استعمال بعض القناصة لخصوصيات السكان — كآبارهم أو أوانيهم — لسقي كلابهم أو غسل أدواتهم دون إذن. هذا تطاول واضح على حرمة بيوت الناس، ولا يشرف أي قناص.
ما نعيشه اليوم من تجاوزات لا يجب أن نغمض أعيننا عنه. القنص مسؤولية، وليس فسحة.
إن احترام السكان، الحرص على مسافة الأمان، حماية الأطفال، والحفاظ على الطبيعة… كلها شروط أساسية ليظل القنص هواية مشرفة تعكس قيم الرجولة والانضباط.
نحن في أمس الحاجة إلى وعي جديد وقانون صارم وتربية ميدانية تعيد الاعتبار للقيم الأصيلة التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.