طرح المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ورقة مطولة حول قرار مجلس الأمن رقم 2797 بشأن الصحراء المغربية، الذي يُعدّ تحوّلًا لافتًا نحو دعم خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بوصفه "الحل الأنجع للنزاع القائم منذ قرابة خمسين عامًا"، وذلك في ظل تراجع الدعم الدولي لـ البوليساريو، وامتناع الجزائر عن التصويت، وصياغة القرار برعاية أمريكية أكّدت موازين قوى جديدة في المجلس.
يُعد قرار مجلس الأمن رقم 2797، الذي تم اعتماده في 31 أكتوبر 2025، لحظة تحوّل حاسمة في ملف نزاع الصحراء المغربية، حيث يؤكد لأول مرة دعم خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل أنجح للنزاع الذي امتد لما يقرب من خمسين سنة.
القرار، الذي جاء بمبادرة أمريكية وحاز تأييد 11 دولة وامتناع 3 دول، يُبرز تحوّلًا في الموقف الدولي من الدعوة إلى استفتاء تقرير المصير باتجاه إرساء حكم ذاتي حقيقي تحت السيادة المغربية، وهو ما يمثل مكسبًا دبلوماسيًا هامًا للمغرب رغم رفض البوليساريو وامتناع الجزائر عن التصويت.
خلفية تاريخية للنزاع
الصحراء المغربية، التي كانت مستعمرة إسبانية حتى 1975، أدرجت عام 1963 ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي لدى الأمم المتحدة.
عقب انسحاب إسبانيا، أعلنت البوليساريو قيام "جمهورية" مستقلة، مما تسبب في صراع مسلح مع المغرب استمر عقودًا.
في 1991، أُبرم وقف إطلاق النار وتأسست بعثة مينورسو التي أشرفت على وقف النار لكنها لم تنجح في تنظيم استفتاء تقرير المصير، وظلت القضية في حالة جمود سياسية طويلة.
مسار القرار 2797
شهدت السنوات الأخيرة تغيرات عدة أبرزها اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء عام 2020، مما ساهم في دفع الدول الكبرى الأوروبية لتأييد مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
جرت مفاوضات شاقة على نص القرار داخل مجلس الأمن، حيث طالبت الجزائر بإدخال تعديلات لتعزيز مواقف البوليساريو، فيما أدخلت الولايات المتحدة تعديلات عدة قبل صدور النسخة النهائية التي توصلت إلى صياغة معتدلة تدعم مبادرة الحكم الذاتي دون إغفال مبدأ تقرير المصير، مع تمديد ولاية بعثة مينورسو عاما كاملا.
مضامين القرار
يؤكد القرار على التزام مجلس الأمن بدعم حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، مع الإشارة إلى دعم العديد من الدول لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كأساس للحل.
القرار يشجع الأطراف على الدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة، بهدف التوصل إلى حل نهائي يكفل تقرير مصير سكان الإقليم، لكنه يترك النص مفتوحًا لتأويلات حول طبيعة تقرير المصير وإمكانية تنازل الجبهة الصحراوية عن خيار الاستقلال لصالح الحكم الذاتي.
مواقف الأطراف
- المغرب: يعتبر المستفيد الأكبر من القرار، ورحب به رسميًا، مؤكداً أنه سيعمل على تحديث مبادرة الحكم الذاتي وتحويلها إلى أساس للتفاوض، ودعا الجزائر والبوليساريو إلى الحوار والتفاوض البناء.
- البوليساريو: رحبت بتمديد ولاية مينورسو لكنها رفضت التفاوض على مبادرات تتعارض مع حق تقرير المصير والاستقلال، معبرة عن موقف حاد مع احتمال تأجيج التوتر العسكري.
- الجزائر: امتنع موقفها عن التصويت رغبة في عدم إقرار الحكم الذاتي كمرجعية نهائية دون تقرير المصير الكامل، وحرصت على عدم الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة التي تدعم القرار.
المواقف الدولية
لعبت الولايات المتحدة دورا محوريا في دفع القرار، مدفوعة برغبتها في استقرار إقليمي ومصالح استراتيجية متقاطعة، بينما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت كنوع من التحفظ مع تجنب الفيتو حفاظًا على العملية الدولية. هذا التحول يشير إلى تغيرات دبلوماسية معقدة تشمل التوتر في العلاقات الجزائرية الروسية وتوازنات القوى الإقليمية والدولية.
يمثل قرار مجلس الأمن 2797 منعطفًا فعليا في هذا النزاع الإقليمي، إذ يدفع نحو حل قائم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مع تحديات كبيرة لازالت تواجه آفاق التفاوض ووقف إطلاق النار بين الأطراف المعنية.