في رسالة مفتوحة، عبّرت "حركة من أجل ديمقراطية المناصفة"، المكوّنة من عدة جمعيات مدنية، عن إدانتها الشديدة لاستمرار مظاهر العنف السياسي الممارَس ضد النساء داخل مجلس النواب، معتبرةً أن هذه الممارسات تُهين العمل السياسي وتتناقض مع مبادئ المساواة والديمقراطية.
وجاء في الرسالة: "من منطلق المسؤولية التاريخية المشتركة، وقبل أيام الأمم المتحدة الـ16 للعمل على القضاء على العنف ضد النساء والفتيات، التي تبدأ يوم 25 نونبر، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 دجنبر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ندافع عن المكتسبات الحقوقية التي راكمتها بلادنا في مجال إعمال المساواة الفعلية بين الرجال والنساء ونعمل على تطويرها".
وأبرزت الرسالة، التي تتوفر جريدة "أنفاس بريس" على نسخة منها، أنه أصبح واضحًا لعموم المهتمين والمهتمات بتتبع السياسات العمومية في المغرب غياب الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها في الدستور، وتراجع مبدأ تفعيل المناصفة في الولايات والوظائف الانتخابية، واستفحال العنف السياسي ضد النساء في الفضاء الرقمي والمؤسساتي، مما يهدد المسلسل الديمقراطي، ويضعف المشاركة ويعزز العزوف السياسي للنساء، ويكرس الإقصاء والتمييز الذي يتناقض مع المواثيق الدولية والمبادئ الدستورية.
وأضافت الرسالة: "نتابع، وبكل أسف، ممارسات ممنهجة تتمثل في غياب الإرادة السياسية لتفعيل مبدأ المناصفة الدستوري منذ أن بدأت وزارة الداخلية في بلورة الصيغ الأولية لمشاريع القوانين، ويتعلق الأمر بـ:
1 - مشروع قانون تنظيمي رقم 53.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب.
2- مشروع قانون تنظيمي رقم 54.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية.
3- مشروع قانون رقم 55.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء، واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومي خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية".
وأوضحت الرسالة أن هذه المشاريع شُرِك فيها قادة الأحزاب السياسية منذ 2 غشت 2025، دون إشراك القطاعات النسائية التابعة للأحزاب أو المجتمع المدني والحركة النسائية الفاعلة في المجال.
وشددت الحركة على استمرار نفس الممارسة عند تقديم بعض المواد القانونية للتعديل، دون غيرها، داخل مجلس النواب، مما سيواصل إضعاف الثقة في المؤسسات المنتخبة وفي ممارسة الديمقراطية التشاركية. كما أكدت أن الدستور المغربي يشكل محطة فاصلة مقارنة بالدساتير السابقة، عندما أكد على أهمية المساواة الفعلية في جميع الحقوق، وعلى رأسها الحقوق السياسية، عن طريق اعتماد مبدأ المناصفة، معتبرةً أن تمثيلية النساء في مجلس النواب، التي تبلغ 24.3٪، تظل ضعيفة وغير مواكبة للتحولات المجتمعية، وتتناقض مع الالتزامات الوطنية والدولية للمغرب في مجال المساواة بين الجنسين.
وأكدت الحركة أن العديد من النساء البرلمانيات والفاعلات السياسيات تعرضن لأشكال متعددة من العنف، بدءًا من السب والتشهير والتحقير، مرورًا بالتضييق على عملهن، ووصولًا إلى الإقصاء المتعمد من مواقع صنع القرار السياسي والتأثير. وأضافت أن العنف السياسي ضدهن لا يهدد سلامتهن فقط، بل يضعف الديمقراطية ويفرغ التمثيلية السياسية من مضمونها ويعطل دور النخب في القضاء على العنف والتمييز.
وانطلاقًا مما سبق، تطالب النساء المعنيات مجلس النواب بـ:
1- اعتماد إجراءات عاجلة لتفعيل المنهجية الديمقراطية عبر احترام المؤسسة البرلمانية وعدم الوصاية عليها، وتقديم النصوص القانونية كاملة دون الحجر على بعض موادها مثل المواد المتعلقة بالمشاركة السياسية للنساء.
2- فتح قنوات التشاور وتفعيل الديمقراطية التشاركية عند صياغة أو مناقشة القوانين والقوانين التنظيمية.
مأسسة واعتماد المناصفة في الولايات والوظائف الانتخابية من خلال إدماجها في مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية.
3- التنصيص على العنف السياسي ضد النساء في المنظومة الانتخابية، على غرار تجارب الدول الرائدة، واعتماد آليات عقابية صارمة.
4- تفعيل الرقابة البرلمانية على سياسة المساواة واستراتيجيات مناهضة العنف والتمييز.
5- إطلاق نقاش مؤسساتي ووطني حول التمكين السياسي الحقيقي للنساء.