عرف المغرب بمكانته الكروية المرموقة في إفريقيا، ليس فقط من خلال إنجازات منتخب «أسود الأطلس»، بل أيضا عبر حضوره الدائم في مجال التحكيم. ففي العديد من النسخ التي غاب فيها المنتخب الوطني المغربي عن كأس أمم إفريقيا، حضر الحكام المغاربة وتألقوا في إدارة المباريات، مؤكدين أن حضور المغرب على الساحة القارية لا يقتصر على اللاعبين فقط.
"الوطن الآن" تستعرض أسماء الحكام الذين مثلوا المغرب في دورات من كأس أمم إفريقيا حين غاب المنتخب المغربي.
خلال فترة ولاية رئيس الكونفدرالية الإفريقية الإثيوبي تيسيما، التي امتدت من سنة 1972 حتى 1987، بداية منع الحكام المنتمون لدول مؤهلة للنهائيات الإفريقية من المشاركة في دورات كأس أمم إفريقيا، وبرر الرئيس قراره بالرغبة في تكريس الحياد بإسناد قيادة المباريات لحكام ينحدرون من دول غير معنية بـ «الكان». لكن هذا القرار أغضب الكثير من الحكام الذين استنكروا إقصاءهم من أفضل دورة قارية، بعد ذلك تراجع تيسيما نسبيا عن القرار، وقرر الاكتفاء بإشراك الحكام المتألقين في دور المجموعات فقط، بالرغم من مشاركة منتخبات الدول التي ينتمون إليها، ومع مرور السنوات ووصول أسماء أخرى لرئاسة الكونفدرالية الإفريقية، انتهى هذا المنع وأصبح بإمكان الحكام المتألقين قاريا من قيادة مباريات كأس إفريقيا سواء أكانت بلدانهم مشاركة في الدورات القارية أم لا.
من هنا كرس التحكيم المغربي حضوره في مسابقة كأس أمم إفريقيا، حيث أدار الحكام الدوليون المغاربة مباريات مختلف نسخ العرس القاري، وشرفوا التحكيم المغربي ليواصلوا تمثيل المغرب كسفراء للتحكيم في النسخ التي غاب عنها المنتخب الوطني المغربي لأسباب متنوعة، أو حضر فيها.
غاب المغرب عن "الكان" فناب عنه حكامه
خلال كأس أمم إفريقيا 1982 التي أقيمت في ليبيا، غاب المنتخب المغربي عن المشاركة، بعد أن أقصي في التصفيات، لكن بالقابل حضر الحكم الدولي المغربي محمد لاراش ممثلا للمغرب، حيث أدار مباراة الكاميرون ضد غانا على ملعب 11 يونيو بطرابلس، وانتهت المباراة بالتعادل السلبي، مؤكدا قدرة الحكام المغاربة على إدارة لقاءات حاسمة ومرتفعة المستوى.
بعد نهائيات كأس إفريقيا سنة 1982 في الجماهيرية الليبية، سيسجل لاراش حضوره في الكوت ديفوار، في «الكان» 1984 الذي غاب عنه المنتخب المغربي.
لاراش أول وآخر حكم مغربي يسند إليه الاتحاد الدولي لكرة القدم مأمورية قيادة مباراة بأوروبا بين منتخبي مالطا وتركيا، في إطار إقصائيات كأس العالم نسخة الأرجنتين 1978، بل إن هذا التعيين يعد سابقة في التحكيم الأفريقي، في زمن كانت صفارته تنوب عن الكرة المغربية في محافل يغيب عنها منتخبنا الوطني.
واصل المغرب حضوره التحكيمي في كأس أمم إفريقيا 1984 بالكوت ديفوار، حيث قاد الحكم المغربي محمد لاراش مباراة الكاميرون ضد البلد المضيف على ملعب هوفيت بوانيي، وانتهت بفوز الكاميرون 2-0، إضافة إلى إدارة مباراة الترتيب بين مصر والجزائر التي انتهت لصالح الجزائر 3-1.
وفي نفس الدورة، شارك باحو وقدم مردودا طيبا ليؤكد مجددا سمعة التحكيم المغربي في البطولات القارية.
في غياب المنتخب.. الناصري وبحار يرفعان راية المغرب في "الكان"
شهدت دورة 1990 بالجزائر استمرار حضور الحكام المغاربة، بالرغم من غياب الفريق الوطني المغربي الذي عجز آنذاك عن انتزاع تأشيرة العبور لهذا الحدث القاري. في «الكان» الجزائر حيث سجل الحكم الدولي المغربي عبد العالي الناصري، حضوره في هذه النسخة في تأكيد آخر على كفاءة التحكيم المغربي في البطولات الإفريقية حتى في غياب المنتخب المغربي.
وبعد أربع سنوات، وتحديدا في كأس أمم إفريقيا 1994 بتونس، حضر الحكم الدولي المغربي محمد بحار، الذي أدار مباراة الغابون ونيجيريا التي انتهت بثلاثية نيجيرية. وشهدت تلك النسخة لأول مرة مشاركة حكام من آسيا، على غرار السوري جمال الشريف والإماراتي علي بوجسيم، ما منح الحكام الأفارقة فرصة الاحتكاك الدولي وتبادل الخبرات مع التحكيم العالمي، استعدادا لمزيد من الانفتاح لاحقا على حكام أوربيين.
رئيس "الكاف" يوقف المنتخب المغربي ويستعين بحكامه
استمر حضور التحكيم المغربي في باقي نسخ «الكان» دون أن يخلف الوعد مع هذا الحدث القاري، وفي دورة مثل المغرب كل من بوشعيب لحرش كحكم ساحة ورفيقه رضوان عشيق كحكم مساعد، ليتأكد استمرار المغرب كقوة تحكيمية في البطولة، حتى عندما يغيب المنتخب الوطني المغربي.
غاب المنتخب المغربي عن عدة دورات لكأس أمم إفريقيا لأسباب متنوعة، ففي الدورات الأولى كان الغياب بسبب التوقيف الدولي لاستقباله منتخب جبهة التحرير الجزائري المحظور رياضيا، كما غاب في باقي الدورات لعدم تمكنه من ضمان بطاقة التأهيل لنهائيات كأس أمم إفريقيا. بينما تعود أسباب غياب المنتخب الوطني المغربي عن دورة غينيا الاستوائية سنة 2015، لقرار توقيفه من طرف «الكاف» بعد أن اعتذر عن تنظيم الدورة في المغرب خوفا من انتشار فيروس «إيبولا»، وهو الأمر الذي رفضه الكاف متمسكا بانطلاق الحدث الإفريقي في موعده.
لكن رغم أن عيسى حياتو الرئيس السابق لـ «الكاف» أصر على اتخاذ قرار يقضي بسحب التنظيم من المغرب بتاريخ 11 نونبر 2014، ومنع المنتخب المغربي من المشاركة في دورة غينيا الاستوائية، التي عوضت المغرب في تنظيم هذا الحدث، إلا أن ما يحسب لرئيس «الكاف» هو إشراك الحكام المغاربة في قيادة المباريات.